137

Добрый компаньон

الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي

Исследователь

عبد الكريم سامي الجندي

Издатель

دار الكتب العلمية

Номер издания

الأولى ١٤٢٦ هـ

Год публикации

٢٠٠٥ م

Место издания

بيروت - لبنان

أنَّ إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم الطاهري، قَالَ لمُحَمد بْن شُجَاع الثّلجي: أُرِيد أَن تُوَجِّه إليَّ رَجُلا من أفاضل أَصْحَابك أستكفيه شَيئًا من أموري، قَالَ: فأرسلتُ إِلَيْهِ بعضَ من كَانَ يَلزم مجلسي وَيَأْخُذ الْفِقْه عني، وَله دينٌ وعِلمٌ فَمضى إِلَيْهِ ثُمَّ عَاد إليَّ فَأَخْبرنِي أَنَّهُ كَلّفه تَفْرِقَة مَال دَفعه إِلَيْهِ فَصَرفهُ فِي وُجُوه الْبر، فَلَمّا كَانَ فِي الْعَام الْقَابِل سَأَلَ إِسْحَاق أَيْضا أَبَا عَبْد اللَّه بْن شُجَاع إِنْفَاذ الرَّجُل إِلَيْهِ فَفعل، فَلَمّا كَانَ من الْغَد أرسل الرَّجُل إِلَى ابْن شُجَاع يذكر أنَّ إِسْحَاق حَبسه، فارتاع لذَلِك وأتى إِسْحَاق فَقَالَ لَهُ: لَمْ حبست صاحبنا؟ قَالَ: هَذَا رجلٌ خائن، وَكَانَ ابْن شُجَاع قَبْلَ أَن يَلْقى إِسْحَاق قَدْ دَخَلَ عَلَى صَاحبه فِي محبسه فَسَأَلَهُ عَنْ قصَّته فَقَالَ لَهُ: أَعْطَانِي فِي الْعَام الْمَاضِي عشرَة آلَاف دِرْهَم وَقَالَ: اصرفها فِي ذَوي الْحَاجة بهَا، وفكّرتُ فِي الَّذِي آتيه فِيهَا، فحدَّثَتْني نَفسِي أَن آخذها لنَفْسي وَأسد بهَا خلتي وأنفقها على عيالي وأَرُمُّ بهَا حَالي، إِذْ كنتُ فِي عُسرة وضيق من الْمَعيشَة وعَلى حدٍّ من الْفَاقَة، وَقلت تَارَة: إِن كنت أصرفها فِيمَا يخصني موافقاَ لجملة مَا رسمه لي عَلَى طَريقَة من الْخِيَانَة إِذْ لَمْ يَأْمر لي بِهَذَا المَال، فَكَانَ مَا قَالَه يَقْتَضِي دَفعه إِلَى غَيْرِي، ثُمَّ قلت: إِن غَيْرِي إِنَّمَا أُرَجِّحُ أَنَّهُ مُحْتَاج أَوْ مُسْتَحقّ إِلَى ظَاهر وظَنِّ غَالب، وَأَنا من صُورَة أَمْرِي عَلَى يَقِين وَعلم بالباطن، وغَلّبت هَذَا عَلَى عزيمتي، فصرفتُ المَال فِي صَلَاح شئوني وَقَضَاء ديوني والتوسعة عَلَى عيالي، ثُمَّ رجعتُ إِلَيْهِ فَقَالَ لي: مَا صنعت؟ فَأَخْبَرته أَنِّي أتيت بِمَا كلفنيه وامتثلت أمره فِيهِ، فَقَالَ: امْضِ جَزَاك اللَّه خيرا، فَلَمّا كَانَ هَذَا الْعَام أَعْطَانِي مثل نَفسِي لَا عذر لَك فِي أَدَاء الْأَمَانَة واستفراغ الْجهد والطاقة والتنزه عَنِ السفسفة أَو الْخِيَانَة، فأتعبت نَفسِي وأعملت فكري وكددت جسمي فِي تحري أَهْلَ المسكنة وتوخي ذَوي الْحَاجة حَتَّى بلغت الْغَايَة، وصرفت المَال بأسره فِي هَذِهِ الطَّبَقَة، وَلم آخذ لنَفْسي مِنْهُ مِثْقَال ذرة ثُمَّ جِئْته فَقَالَ: مَا صنعت؟ فَأَخْبَرته أنني أتيتُ مَا أَمرنِي بِهِ، فَقَالَ كذبت وَأمر بِي إِلَى السجْن، فَقَالَ لَهُ ابْن شُجَاع: أهكذا كَانَ الْأَمر؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَهَل كَانَ غَيْر هَذَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ ابْن شُجَاع: فَقلت لإسحاق: إِن عِنْدِي فِي هَذَا شَيئًا أذكرهُ لَك، وفصصت عَلَيْهِ الْقِصَّة عَلَى وَجههَا، فنكث فِي الأَرْض وَقَالَ: قَدْ صدق الرجل فِيمَا ذكره وَأمر بِتَخْلِيَتِهِ، فَقلت لَهُ: كَيْفَ علمت بصدقه بَعْدَ مَا كَانَ مِنْك؟ قَالَ: أمْرُنَا هَذَا جَار عَلَى الإدغال وَخلاف الصِّحَّة، فَإِذا عوملنا بِمثل عَملنَا سَكَنا إِلَيْهِ وأحسنّا الظّن بعامله، وَإِذا أَتَى مَا يُخَالِفهُ أنكرناه ونفرنا عَنْهُ وَلم نصدق صَاحبه. قَالَ القَاضِي: حَدَّثَنِي الشَّيْخ بِهَذِهِ الْحِكَايَة بِلَفْظ غَيْر هَذَا عَبّرت عَنْهُ بلفظي وَلم أخل بِمَعْنَاهُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق.

1 / 141