فأقول: انا كنا قد قلنا قبيلا ان ههنا حمى ذات نافض واردنا بقولنا ذات نافض الحمى التى لا يكون النافض فى ابتداء نوبتها فقط مع اخذها لكن يكون النافض فيما بعد اخذها ايضا شبيه ما تبتدئ نوبة اخرى مع نافض مرارا كثيرة على مثال الابتداء الاول. وبعض الناس يسمى هذا الذى تقدم للنافض من الكر مرارا كثيرة معاودة وبعضهم يسميه مراجعة وكيف شاء الانسان ان يسميه بعد ان يحفظ ما يتصور فى النفس من المعنى المقصود المدلول بهذه الاسماء فانما يخالف من سمى به هو فى الاسم فقط لا فى المعنى. وكذلك ايضا الحال فى جميع ما بعد الابتداء الى الانتهاء، فانه ان سمى انسان هذا الجزء تصاعدا او تزيدا او زيادة فانما خالف فى الاسم.
وعلى هذا المثال ايضا لو ان انسانا يسمى بعض الحميات التى تفارق من تأخذه حمى مفارقة ويسمى المدة التى تكون فيما بين كل نوبتين من نوائبها وهو الوقت الذى يكون المريض فيه غير محموم ترك الحمى ولم يرض بان يقول ان انحطاط الحمى يسمى تركا ولا ان شيئا من الحميات الاخر التى ليست على هذا النحو يسمى حمى مفارقة لكان قد خالف جميع الاطباء الذين يسمون الحمى اذا كانت تخف وتسكن سكونا ذا قدر يعتد به حمى مفارقة وان كانت ليس يؤول بها الامر الى ان ينقه منها المحموم، على ان هذا الامر مع ما هو عليه من الدناءة فى قدره وسهولة الامر فى معرفته قد اثار للاطباء فى بعض الاوقات خصومة وقتالا شديدا جدا اعنى الاطباء الذين يسمون انفسهم الطوافين. وذلك ان واحدا منهم قال ان هذه الحمى حمى مفارقة ثم دخل من بعده آخر فقال ان هذا المريض ليس تفارقه الحمى بل هى مطبقة عليه، فظن من سمع ذلك منهما من العوام انهما قد قالا قولين متضادين وذلك لان القوم لم يكن لهم معرفة بالمعنى الذى اليه يشار بكل واحد من هذين الاسمين فكانوا انما ينظرون فيما تلفظ به كل واحد من الرجلين فقط. فرجعوا عليهما وسألوهما ان يعيدا ما قالاه بعينه بقول ابين واشد شرحا من القول الاول، فأخرجهما ما كانا عليه من اللجاجة ومحبة الغلبة الى كثير لم يستنبطا منه شيئا يعود نفعه. وذلك ان احدهما كان يقول ان هذه الحمى ليست من الحميات المفارقة لانها ليس تسكن سكونا يؤول بالمريض الى النقاء من الحمى، والآخر كان يقول ان الحميات المطبقة انما هى تلك التى لا يتبين لها نقصان يدركه الحس بتة وجعل يلقب انحطاط الحمى بهذا اللقب ولم يكن فيهما رشيد يفهم الامر فيقول ان ترك الحمى انما معناه كذا وكذا واطباقها معناه كذا وكذا. هذا على انه انما يجاء بهذا الكلام فى مدينة رومية، وهذه مدينة لو ان رجلا ابتاع بها جارية تسمى ىىاىلوىى فى المثل فسماها فى ذلك اليوم بهذا الاسم ثم باعها من غد من رجل موسر فسماها ذلك الرجل ىىسا لما كان ذلك مما ينكر ولا كان احد بمماحل فى ذلك ولا يقول لمن سماها بالاسم الثانى ليس هذا اسمها فلا تكذبن على الجارية وما حاجتنا الى رد القول بان هذا جائز فى العبيد والاماء وهم على ما هم عليه من الذلة والدناءة اذ كنا قد نجد كثيرا من الملوك المفردين برءوسهم قد نقلوا اسماءهم فبعضهم سمى نفسه بالاسم الاول وبالاسم الثانى الذى اختاره لنفسه وبعضهم اقتصر على الاسم الثانى وحده.
Страница 4