وله معه أخبار مذكورة، ومناقضات مشهورة؛ فأخبرني الرئيس أبو الحسن عبد الرحمن بن راشد الراشدي قال: لما نعيت أبا عامر بن شهيد إلى أبي عبد الله بن الحناط، وقد عرفت ما كان بينهما من المنافسة بكى؛ وأنشدني لنفسه بديهة:
لما نعى الناعى أبا عامر ... أيقنت أني لست بالصابر
أودى فتى الظرف وترب الندى ... وسيد الأول والآخر
ولابن الحناط من كلمة طويلة في مدح أبي عامر بن شهيد أولها:
أما الفراق فلى من يومه فرق ... وقد أرقت له لو ينفع الأرق
أظعانهم سابقت عيني التي انهملت ... أم الدموع مع الأظعان تستبق
عاق العقيق عن السلوان واتضحت ... في توضح لي من نهج الهوى طرق
لولا النسيم الذي تأتى الرياح به ... إذا تضوع عن عرف الحمى الأفق
لم أدر أن بيوت الحي نازلة ... نجدًا ولا اعتادني نحو الحمى القلق
ما في الهوادج إلا الشمس طالعة ... وما بقلبي إلا الشوق والأرق
ومن أخرى:
سقيًا لمعهد لذات عهدت به ... غزلان وجرة ترعى روضة أنفا
من كل بيضاء مثل البدر مطلعًا ... هيفاء مثل قضيب البان منعطفا
إلف ألفت الضنا من بعد فرقته ... حتى غدا بدنى من دقة ألفا
مات أبو عبد الله بن الحناط قريبًا من الثلاثين وأربع مائة.
1 / 58