إن فكرة الثواب والعقاب الأخلاقي لا يكون لها مبرر أخلاقي إلا إذا ساهمت في تعديل خلق الفرد بتلك الطريقة التي تجعله يستجيب بطريقة مناسبة للظروف المقبلة، لكن إذا كان خلق الفرد لا يمكن تعديله بهذا الشكل، لو أنه كان كما يفترض دعاة الحرية لا يمكن مطلقا حسابه أو التنبؤ به أو بعبارة أخرى: «لو كانت أفعال الإنسان الإرادية لا تحكمها أساسا الظروف التي يشملها نظام تكوينه الذهني، فإن أساس عقابه لن يكون في هذه الحالة إلا انفعال استياء أو انتقام. لأنه لو كانت مسائل الصراع الأخلاقي تتحكم فيها - لا ظروف طبيعتنا الخاصة - بل بعض البدايات الجديدة ... فإنه من الواضح - في هذه الحالة - أننا لا نستحق لا لوما ولا ثناء، ولا عقابا ولا ثوابا، ومن العبث أن نحاول تعديل منشأة هذه الصراعات بأن نعدل من طبيعتنا عن طريق هذه المؤثرات.»
19
والحجة المستمدة من المسئولية الخلقية تبدو من ثم حجة في صف الفيلسوف الجبري. (11) حاولت في الصفحات السابقة أن أسوق ما اعتقدت أنه شرح سليم لوجهة نظر الفيلسوف الجبري فيما يتعلق بالحجة التي تعتمد على سيادة السببية.
وهذه الحجة يمكن تلخيصها في أربع نقاط أساسية: (أ)
ينظر إلى مبدأ السببية على أنه القاعدة العامة السائدة في الطبقة، وهو أحيانا يشمل السلوك البشري. (ب)
الحوادث الذهنية كالإرادة - مثلا - لا تتدخل في السلسلة الآلية، فهي ليست إلا ملازمات تصاحب الحوادث المادية. (ج)
السلوك البشري مطرد، وهذه واقعة يمكن ملاحظتها. (د)
ينظر إلى الحجة المستمدة من المسئولية الخلقية على أنها حجة في صالح المذهب الجبري.
فلنناقش الآن هذه النقاط الأربع في شيء من التفصيل: (12) (أ) يمكن تعريف مبدأ السببية بأنه الافتراض السابق القائل بأن هناك تطابقا للقانون في جميع الظواهر الطبيعية بحيث يعني «القانون» أي تعميم «دقيق أو ترجيحي».
20
Неизвестная страница