ثالثا:
عندما يفي الفرسان الحاضرون بقسمهم، بأن يكسر كل منهم خمسة رماح، يعلن الأمير اسم المنتصر في اليوم الأول للمباراة، والذي سينال جائزة عبارة عن جواد حرب بالغ الجمال ولا يضاهى في قوته، وسينال الشرف المتفرد بإعلان اسم ملكة الحب والجمال، التي ستمنح الجائزة في اليوم التالي.
رابعا:
يعلن أنه في اليوم الثاني ستعقد مباراة عامة يمكن لجميع الفرسان أن يشاركوا فيها؛ وبتقسيمهم إلى مجموعتين، من عددين متساويين، يتقاتلون ببسالة حتى يعطي الأمير جون الإشارة بوقف القتال، ثم تتوج ملكة الحب والجمال المختارة الفارس الذي يقرر الأمير أنه كان الأفضل في اليوم الثاني؛ وذلك بإكليل مكون من صفيحة ذهبية رفيعة مصوغة على شكل إكليل غار.
وأخيرا، فتحت الحواجز، وتقدم خمسة فرسان، اختيروا بالقرعة، ببطء إلى ساحة النزال، يتقدمهم أحد المتنافسين منفردا على جواده، ويتبعه الأربعة الآخرون في زوجين. تقدموا نحو المرتفع الذي كانت منصوبة عليه خيام المتنافسين، وهناك تفرقوا لامسا كل منهم برفق، وبمؤخرة رمحه، درع الخصم الذي يرغب في منازلته.
بعدما أفصح الأبطال عن غرضهم السلمي، انسحبوا إلى طرف ساحة النزال، التي ظلوا فيها يتراجعون في صف واحد، بينما انطلق المتحدون كل منهم من سرادقه وامتطوا جيادهم، يتقدمهم براين دي بوا جيلبرت، وهبطوا من فوق المرتفع، وواجه كل واحد منهم الفارس الذي كان قد لمس درعه.
عندما نفخ في الأبواق والنفير انطلقوا عدوا بجيادهم كل منهم في مواجهة الآخر، وكان المتحدون يمتلكون براعة فائقة أو حظا حسنا، جعل خصوم بوا جيلبرت ومالفوازان وفرونت دي بوف يسقطون أرضا. احتفظ الفارس الخامس وحده بشرف مجموعته، وابتعد عن رالف دي فيبوان، فارس القديس جون، وقد حطم كل منهما رمح الآخر دون تفوق لأحد منهما على الآخر.
نزلت الميدان مجموعة ثانية وثالثة من الفرسان. وعلى الرغم من تحقيقهم لنجاحات متنوعة، ففي المجمل ظل التفوق بلا جدال للمتحدين الذين لم يسقط أحد منهم من فوق جواده أو ينحرف عن مهمته، وهي تلك البلايا التي وقعت لواحد أو اثنين من خصومهم في كل مواجهة؛ ولذلك بدت معنويات خصومهم في تدهور كبير بسبب استمرار نجاحهم. بعد هذا توقف النزال لفترة طويلة، ولم يبد خلالها أن أحدا كان راغبا في العودة إلى النزال.
وأخيرا، بينما كانت موسيقى المتحدين العربية تختتم إحدى مقطوعاتها الطويلة والعالية التي كسروا بها صمت ساحة النزال، أجابها صوت نفير وحيد، أظهر إعلانا عن تحد آت من الطرف الشمالي، وما إن فتحت الحواجز حتى انطلق بطل جديد إلى ساحة النزال. لم يكن المغامر يتجاوز كثيرا في حجمه رجلا متوسط الحجم، وبدا أقرب إلى النحافة من القوة. كان لباسه المدرع مصنوعا من الصلب الموشى بغزارة بالذهب، ومرسوما على درعه شعار شجرة بلوط فتية مقتلعة من جذورها، مع كلمة باللغة الإسبانية معناها «محروم من الميراث».
صعد المرتفع عن طريق الممر المنحدر الذي يؤدي إليه من ساحة النزال، وقاد جواده مباشرة إلى السرادق المركزي، ثم ضرب بالنهاية الحادة لحربته درع براين دي بوا جيلبرت حتى تردد صدى صوته. وقف الجميع مذهولين من جرأته، ولكن كان أكثرهم ذهولا كان الفارس المخيف الذي كان واقفا غير آبه عند باب سرادقه؛ إذ كان بذلك قد تحداه لقتال مميت، ولم يكن يتوقع أن يتحداه أحد بهذه الوقاحة.
Неизвестная страница