على مَا جَاءَ تَفْسِيره فِي الحَدِيث - إِنَّه لَيْسَ بِاتِّبَاع، وَذَلِكَ أَن الِاتِّبَاع لَا يكَاد يكون بِالْوَاو، وَهَذَا بِالْوَاو.
وَمن ذَلِك قَول الْعَبَّاس فِي زَمْزَم: هِيَ لشارب حل وبل، فَيُقَال إِنَّه أَيْضا إتباع، وَلَيْسَ هُوَ عِنْدِي كَذَلِك لمَكَان الْوَاو.
وَأَخْبرنِي الْأَصْمَعِي عَن الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان أَنه قَالَ: بل، هُوَ مُبَاح بلغَة حمير، قَالَ: وَيُقَال: بل، شِفَاء، من قَوْلهم: قد بل الرجل من مَرضه وأبل، إِذا برأَ. انْتهى كَلَام أبي عبيد.
وَقَالَ التَّاج السُّبْكِيّ فِي شرح منهاج الْبَيْضَاوِيّ: ظن بعض النَّاس أَن التَّابِع من قبيل المترادف لشبهه بِهِ، وَالْحق الْفرق بَينهمَا، فَإِن المترادفين يفيدان فَائِدَة وَاحِدَة من غير تفَاوت، وَالتَّابِع لَا يُفِيد وَحده شَيْئا، بل شَرط كَونه مُفِيدا تقدم الأول عَلَيْهِ، كَذَا قَالَه الإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ.
وَقَالَ الْآمِدِيّ: التَّابِع لَا يُفِيد معنى أصلا، وَلِهَذَا قَالَ ابْن دُرَيْد: سَأَلت أَبَا حَاتِم عَن معنى قَوْلهم: بسن، فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَا هُوَ.
قَالَ السُّبْكِيّ: وَالتَّحْقِيق أَن التَّابِع يُفِيد التقوية، فَإِن الْعَرَب لَا تضعه سدى، وَجَهل أبي حَاتِم بِمَعْنَاهُ لَا يضر، بل مُقْتَضى قَوْله: إِنَّه لَا يدْرِي، مَعْنَاهُ أَن لَهُ معنى، وَهُوَ لَا يعرفهُ.
قَالَ: وَالْفرق بَينه وَبَين التَّأْكِيد، أَن التَّأْكِيد يُفِيد مَعَ التقوية نفى احْتِمَال الْمجَاز، وَأَيْضًا فالتابع من شَرطه أَن يكون على زنة الْمَتْبُوع، والتأكيد لَا يكون كَذَلِك.
وَقَالَ ثَعْلَب فِي أَمَالِيهِ: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: سَأَلت الْعَرَب أَي شَيْء معنى شَيْطَان ليطان؟ فَقَالُوا: شَيْء نتد بِهِ كلامنا: نشده.
1 / 89