البَاقِينَ وَلَا أَظُنهُ ذَلِك بل لِأَن وَالِده أَو وليه أَو صديقه شغله فِي كتاب من ذَلِك الْمَذْهَب أَو أَشَارَ عَلَيْهِ أَن يشْتَغل فِيهِ فقلده فِي ذَلِك وَقد يحملهُ على ذَلِك إِرَادَة ولَايَة أَو وَظِيفَة أَو نَحْو ذَلِك ثمَّ بعد ذَلِك يحملهُ الْهوى على التعصب لذَلِك الْمَذْهَب وَحده وَالْأَخْذ بِجَمِيعِ أَقْوَال ذَلِك الإِمَام وَإِن ظهر لَهُ الدَّلِيل فِي خِلَافه فِي بعض الْمسَائِل مَعَ علمه أَن الْمُجْتَهد يخطىء ويصيب وَقد قَالَ الله تَعَالَى ﴿يَا دَاوُد إِنَّا جعلناك خَليفَة فِي الأَرْض فاحكم بَين النَّاس بِالْحَقِّ وَلَا تتبع الْهوى فيضلك عَن سَبِيل الله﴾ ص ٢٦
وَلَا نقُول إِن هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة وأمثالهم لَا يجوز تقليدهم لآحاد الْعَوام وَأَنه يجب على آحَاد الْعَوام أَن يكون مُجْتَهدا فِي كل مَسْأَلَة تنزل بِهِ فان هَذَا قَول ضَعِيف قَالَه بعض أهل الْكَلَام وَجُمْهُور الْأَئِمَّة وَالْأمة على خِلَافه وَهُوَ خطأ لِأَن أَكثر الْعَوام عاجزون عَن معرفَة الإستدلال على كل مَسْأَلَة
وَهَؤُلَاء الْأَئِمَّة المشهورون كَانَ لَهُم من الِاجْتِهَاد فِي معرفَة الْأَحْكَام وَإِظْهَار الدّين للأنام مَا فَضلهمْ الله بِهِ على غَيرهم
وَمن ظن أَنه يعرف الْأَحْكَام من الْكتاب وَالسّنة بِدُونِ معرفَة مَا قَالَه هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة وأمثالهم فَهُوَ غالط مخطىء وَلَكِن لَيْسَ الْحق وَقفا على وَاحِد مِنْهُم وَالْخَطَأ وَقفا بَين البَاقِينَ حَتَّى يتَعَيَّن اتِّبَاعه دون غَيره كَمَا هُوَ ظَاهر مَا يَدْعُو إِلَيْهِ الشَّيْخ فِي هَذِه الرسَالَة
وَمِنْهَا قَوْله م: المبحث الثَّالِث فِي قُوَّة اجْتِهَاده لم يسْتَدلّ أَبُو حنيفَة ﵀ على حكم مَسْأَلَة بِغَيْر الْكتاب مَا دَامَ الِاسْتِدْلَال بِالْكتاب مُمكنا وَلَا يخفى
1 / 43