وروى عكرمة عن ابن عباس ﵄ قال: لما صلي على رسول الله ﷺ، أدخل الرجال فصلوا عليه بغير إمام أرسالًا حتى فرغوا، ثم النساء فصلين عليه، ثم الصبيان فصلوا عليه، ثم العبيد فصلوا عليه، لم يؤمهم أحدٌ.
قال الشافعي ﵀: وذلك لعظم أمر رسول الله ﷺ بأبي أنت وأمي، وتنافسهم في أن لا يتولى الإمامة في الصلاة عليه أحد، وصلوا عليه مرةً بعد مرة، وكان أول من دخل للصلاة عليه ﷺ بنو هاشم، ثم المهاجرون، ثم الأنصار، ثم بعدهم الرجال، ثم النساء، ثم الصبيان، ودخل أبو بكر وعمر ﵄ ومعهما نفرٌ من المهاجرين والأنصار.
فقالا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وسلم الناس كما سلما، ثم قالا: نشهد أن قد بلغ ما أنزل الله، ونصح لأمته وجاهد في سبيل الله حتى أعز الله دينه وتمت كلمته، فاجعلنا يا إلهنا ممن يتبع القول الذي أنزل معه، واجمع بيننا وبينه حتى يعرفنا وتعرفه بنا، فإنه كان بالمؤمنين رؤوفًا رحيمًا، لا نبتغي بالإيمان بدلًا، ولا نشتري به ثمنًا أبدًا.
فقال الناس: آمين آمين.
ثم دخل الناس بعدهم فوجًا بعد فوج، فصلوا عليه لم يؤمهم أحدٌ، لأنه ﷺ كان إمام الأمة حيًا وميتًا.
قال الشيخ أبو القاسم ﵀: ولا تكون صلاتهم عليه أفرادًا إلا عن توقيفٍ، وهو خصوصٌ به ﷺ.
ووجه الفقه فيه: أن الله سبحانه افترض عليه الصلاة بنص القرآن وحكم الصلاة التي تضمنتها الآية أن لا تكون بإمام، والصلاة عليه عند موته داخلةٌ في لفظ الآية، وهي متناولةٌ لها، وللصلاة عليه على كل حال، وأيضًا فإن الرب ﷾ قد أخبر أنه يصلي عليه وملائكته، فإذا الرب سبحانه هو المصلي والملائكة قبل المؤمنين، وجب أن تكون صلاة المؤمنين تبعًا لصلاة الملائكة، وأن تكون الملائكة هم الإمام والأمام.
وقد روى الطبراني في ذلك حديثًا مسندًا فيه طول: أنه ﷺ أوصى