قنفذ المتوفى سنة عشر وثمانمائة، فقد جمع في تأليفه الذي سماه شرف الطالب في أسنى المطالب المعروف بوفيات ابن فنفذ جملة صالحة من وفيات مشاهير رجال الأمة الاسلامية من جميع الاقطار والأمصار، من أول الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام وعلى آله وصحبه إلى قرب وفاته. رتبه على سني الهجرة بحسب العشرات مقتصرا فيه على ذكر اسم الرجل ونسبه بدون تحلية في الغالب. وقد طبع أكثر من مرة. ثم أتى بعده المؤرخ أحمد بن محمد ابن القاضي المتوفى سنة خمس وعشرين وألف وجعل ذيلا عليه سماه لقط الفرائد من لفاظة حقق الفوائد رتبه على السنين كذلك من أول المائة الثامنة إلى آخر عام ألف. وفي بعض نسخه إلى أوائل المائة الحادية عشرة على اختلاف في نسخه، على نسقه وأسلوبه، بعد ما كرر المائة الثامنة مع ابن قنفذ وزاد فيها وفيات مهمة. وقد طبع أيضا. ثم أتى بعدهما الشريف المؤرخ الشهير محمد بن الطيب بن عبد السلام القادري الحسني المتوفى سنة سبع وثمانين ومائة وألف وجعل ذيلا على تأليف ابن القاضي المذكور سماه التقاط الدرر ومستفاد المواعظ والعبر من أخبار أعيان المائة الحادية والثانية عشر وصل فيه إلى سنة سبعين ومائة وألف، وان كتب فيه بعض الزيادات إلى قرب وفاته على سبيل الاختصار. وقد ابتدأ من أول المائة الحادية عشرة وأضاف له بعض السنين مع إشارة إلى بعض الحوادث المهمة وترك تفصيلها بالأصل طلبا للاختصار. وهو اختصار له من كتابه نشر المثاني لأن الأصل بسط التراجم والحوادث.
وقد اقتصر كل من ابن قنفذ وابن القاضي على ذكر وفيات العلماء فقط في جميع الأقطار والبلدان الاسلامية وخصوصا أشهر رجالها الذين لهم شهرة واسعة، أما القادري فقد اقتصر في التقاطه ونشره على ذكر رجال المغرب الأقصى ولا يذكر علماء غيره إلا نادرا. والعذر له في ذلك بعد الشقة بينه وبين الأقطار الاسلامية الأخرى ولم تقع له رحلة كما وقعت لهما. فجاء من مجموع تلك الوفيات مرآة واضحة لوفيات جل علماء الأمة الاسلامية صلحائها وملوكها ومشاهير رجالها.
وبعد الوقوف على ذلك لم أر أحدا جعل ذيلا على كتب الشيخ القادري ﵀ في هذه المدة الأخيرة من عام سبعين ومائة وألف إلى وقتنا الحاضر. وقد حصل بين يدي عدة وفيات لرجال مغربنا كان لهم الشهرة بما حصل لهم من شجاعة وإقدام وسياسة وإصلاح ودين متين من الوقت الذي أتم فيه الشيخ القادري كتابه نشر المثاني واختصاره التقاط الدرر إلى عامنا هذا الذي هو عام سبعين وثلاثمائة وألف. وقد اقتطفت ذلك من تآليف المتأخرين التي كتبت عن تاريخ المغرب ومن الفهارس والكنانيش الموثوق بها مع اعتناء بتقييد ما شاهدته أو سمعته من أفواه الرجال وتيقنت صحته منذ ميزت في هذا الحياة. جمعت ذلك كله في تأليف سميته زبدة الأثر مما مضى من العبر في القرن الثالث والرابع عشر، فجاء كتابا كبير الحجم عظيم العلم يسع نحو أربعة أسفار ضخام يصعب على المستعجل البحث فيه والاستفادة منه، وهو على منوال نشر المثاني وأسلوبه تتميما للفائدة وعدم ضياع ذلك، ورتبته على حسب السنين من أول عام واحد وسبعين ومائة وألف مقتصرا فيه على ذكر رجال المغرب الأقصى تاركا غيره من
1 / 8