Итаф Зави Альбаб
إتحاف ذوي الألباب في قوله - تعالى -: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}
Издатель
منشورات منتديات كل السلفيين.
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢م.
Жанры
тафсир
عِلْمِهِ وَتَقْدِيرِهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ.
وَاعْلَمْ - أَيَّدَكَ اللهُ - كَمَا قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ (١): أَنَّ أَهْلَ المِلَلِ كُلَّهُمْ (٢) مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ اللهَ يُثِيبُ عَلَى الطَّاعَةِ وَيُعَاقِبُ عَلَى المَعَاصِي.
وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ مِنَ المُدَّعِينَ لِلْمَعْرِفَةِ وَالحَقِيقَةِ وَالفَنَاءِ الَّذِينَ يَطْلُبُونَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُمْ مُرَادٌ؛ بَلْ يُرِيدُونَ مَا يُرِيدُ الحَقُّ - تَعَالَى -، فَقَالُوا: إِنَّ الكَمَالَ أَنْ تَفْنَى عَنْ إِرَادَتِكَ وَتَبْقَى مَعَ إِرَادَةِ رَبِّكَ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ جَمِيعَ الكَائِنَاتِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الرَّبِّ سَوَاءٌ، فَلَا يَسْتَحْسِنُونَ حَسَنَةً وَلَا يَسْتَقْبِحُونَ سَيِّئَةً.
قَالَ: وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ مُمْتَنِعٌ عَقْلًا، مُحَرَّمٌ شَرْعًا، وَلَيْسَتِ الطَّاعَاتُ عِنْدَهُمْ سَبَبًا لِلثَّوَابِ، وَلَا المَعَاصِي سَبَبًا لِلْعِقَابِ، وَالعَارِفُ عِنْدَهُمْ مَنْ يَكُونُ مُشَاهِدًا سَبْقَ الحَقِّ بِحُكْمِهِ وَعِلْمِهِ؛ أَيْ: يَشْهَدُ أَنَّهُ عَلِمَ مَا سَيَكُونُ وَحَكَمَ بِهِ؛ أَيْ: أَرَادَهُ وَقَضَاهُ وَكَتَبَهُ.
وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ هَذَا المَذْهَبِ يَتْرُكُونَ الأَسْبَابَ الدُّنْيَوِيَّةَ، وَيَجْعَلُونَ وُجُودَ السَّبَبِ كَعَدَمِهِ، وَمِنْهُمْ قَوْمٌ زَنَادِقَةٌ؛ يَتْرُكُونَ الأَسْبَابَ الأُخْرَوِيَّةَ، فَيَقُولُونَ: إِنْ سَبَقَ العِلْمُ وَالحُكْمُ أَنَّا سُعَدَاءُ فَنَحْنُ سُعَدَاءُ، وَإِنْ سَبَقَ أَنَّا أَشْقِيَاءُ فَنَحْنُ أَشْقِيَاءُ، فَلَا فَائِدَةَ فِي العَمَلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتْرُكُ العَمَلَ بِنَاءً عَلَى هَذَا الأَصْلِ الفَاسِدِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا الأَصْلَ الفَاسِدَ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ
(١) انْظُرْ «مِنْهَاجَ السُّنَّةِ» (٥/ ٣٦٠). (٢) بِالنَّصْبِ عَلَى التَّأْكِيدِ، وَالرَّفْعِ عَلَى الابْتِدَاءِ.
1 / 102