فَتوجه خَالِد ﵀ وَفتح الْحيرَة وَمَا وَرَاءَهَا من أَعمال الْعرَاق وَفتح الأنبار وَعين التَّمْر وأوقع الوقائع الْعَظِيمَة بمسالح أهل فَارس وجيوشهم حَتَّى أَخَافهُم فِي بِلَادهمْ وهم بالاقتحام عَلَيْهِم ومقاتلتهم فِي عقر دَارهم وَكتب إِلَيْهِم بكتابين يتوعدهم ويتهددهم ثمَّ صرفه أَبُو بكر ﵁ إِلَى الشَّام فَشهد اليرموك مَعَ جيوش الْمُسلمين الَّذين كَانُوا هُنَاكَ فَفِي الأكنفاء عَن عبد الله بن أبي أوفى الْخُزَاعِيّ وَكَانَت لَهُ صُحْبَة قَالَ لما أَرَادَ أَبُو بكر أَن يُجهز الْجنُود إِلَى الشَّام دَعَا عمر وَعُثْمَان وَعلي بن أبي طَالب وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وَسعد بن أبي وَقاص وَأَبا عُبَيْدَة بن الْجراح ووجوه الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار من أهل بدر وَغَيرهم فَدَخَلُوا عَلَيْهِ وَأَنا فيهم فَقَالَ إِن الله لَا تحصى نعمه وَلَا تبلغ جزاءها الْأَعْمَال فَلهُ الْحَمد كثيرا على مَا اصْطنع عنْدكُمْ ثمَّ جمع كلمتكم وَأصْلح ذَات بَيْنكُم وهداكم إِلَى الْإِسْلَام وَنفى عَنْكُم الشَّيْطَان فَلَيْسَ يطْمع أَن تُشْرِكُوا بِاللَّه وَلَا أَن تَتَّخِذُوا إِلَهًا غَيره فالعرب الْيَوْم بَنو أم وَأب وَقد رَأَيْت أَن أستنفرهم إِلَى الرّوم بِالشَّام فَمن هلك مِنْهُم هلك شَهِيدا وَمَا عِنْد الله خير للأبرار وَمن عَاشَ مِنْهُم عَاشَ مدافعا عَن الدّين مستوجبا على الله ثَوَاب الْمُجَاهدين هَذَا رَأْيِي الَّذِي رَأَيْت فليشر عَليّ امْرُؤ بمبلغ رَأْيه فَأجَاب كل من الْحَاضِرين باستصواب رَأْيه وتقوية عزمه فَجهز أَبُو بكر ﵁ جيوشا وَأمر عَلَيْهِم أُمَرَاء كخالد بن سعيد بن الْعَاصِ وَعَمْرو بن الْعَاصِ وَعِكْرِمَة بن أبي جهل والوليد بن عقبَة وَيزِيد بن أبي سُفْيَان وَأمر أَبَا عُبَيْدَة بن الْجراح على جَمِيعهم وَعين لَهُ حمص وَأوصى كل وَاحِد مِنْهُم بِمَا تنبغي الْوَصِيَّة بِهِ فَكَانَ بِسَبَب تِلْكَ الجموع وقْعَة اليرموك بَين الْمُسلمين وَالروم فِي رَجَب سنة ثَلَاث عشرَة من الْهِجْرَة بعد وَفَاة أبي بكر ﵁ بِنَحْوِ شهر لِأَن وَفَاته ﵁ كَانَت مسَاء لَيْلَة الثُّلَاثَاء بَين العشاءين لثمان بَقينَ من جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث عشرَة من الْهِجْرَة فَكَانَت خِلَافَته سنتَيْن وَثَلَاثَة أشهر وَعشرَة لَيَال وعمره ثَلَاث وَسِتُّونَ سنة ﵁ ونفعنا بِهِ
1 / 79