فو الله لَا يخزيك الله أبدا إِنَّك لتصل الرَّحِم وَتصدق الحَدِيث وَتحمل الْكل وتكسب الْمَعْدُوم وتقري الضَّيْف وَتعين على نَوَائِب الْحق فَانْطَلَقت بِهِ خَدِيجَة حَتَّى أَتَت بِهِ ورقة بن نَوْفَل بن أَسد بن عبد الْعُزَّى وَهُوَ ابْن عَم خَدِيجَة وَكَانَ امراءا تنصر فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ يكْتب الْكتاب العبراني فِي كتب من الْإِنْجِيل بالعبرانية مَا شَاءَ الله أَن يكْتب وَكَانَ شَيخا كَبِيرا قد عمى فَقَالَت لَهُ خَدِيجَة أَي ابْن عَم اسْمَع من ابْن أَخِيك فَقَالَ لَهُ ورقة يَا ابْن أخي مَاذَا ترى فَأخْبرهُ رَسُول الله ﷺ خبر مَا رأى فَقَالَ لَهُ ورقة هَذَا الناموس الَّذِي أنزل الله على مُوسَى يَا لَيْتَني فِيهَا جذعا لَيْتَني أكون حَيا إِذْ يخْرجك قَوْمك فَقَالَ رَسُول الله ﷺ (أَو مخرجي هم) قَالَ نعم لم يَأْتِ رجل قطّ بِمثل مَا جِئْت بِهِ إِلَّا عودي وَإِن يدركني يَوْمك أنصرك نصرا مؤزرا ثمَّ لم يلبث ورقة أَن توفّي وفتر الْوَحْي فَتْرَة حَتَّى حزن النَّبِي ﷺ فِيمَا بلغنَا حزنا غَدا مِنْهُ مرَارًا كي يتردى من رُؤُوس شَوَاهِق الْجبَال فَكلما أوفى بِذرْوَةِ جبل لكَي يلقِي نَفسه مِنْهُ تبدى لَهُ جِبْرِيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد إِنَّك رَسُول الله حَقًا فيسكن لذَلِك جأشه وتقر عينه فَيرجع فَإِذا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَة الْوَحْي غَدا لمثل ذَلِك فيتبدى لَهُ جِبْرِيل فَيَقُول لَهُ مثل ذَلِك ثمَّ نزل عَلَيْهِ بعد فَتْرَة الْوَحْي سُورَة المدثر قَالَ الْعلمَاء كَانَ رَسُول الله ﷺ بعد نزُول الْوَحْي عَلَيْهِ نَبيا فَقَط ثَلَاث سِنِين لم يُؤمر فِيهَا بإنذار ثمَّ أَتَاهُ جِبْرِيل ﵇ برسالة من ربه ﷿ فَكَانَ فِيمَا أنزل عَلَيْهِ فِي ذَلِك قَوْله تَعَالَى ﴿وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين﴾
روى مُحَمَّد بن إِسْحَاق بِسَنَدِهِ عَن عَليّ بن أبي طَالب ﵁ قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة على رَسُول الله ﷺ قَالَ (يَا عَليّ إِن الله أَمرنِي أَن أنذر عشيرتي الْأَقْرَبين فضقت بذلك ذرعا وَعرفت أَنِّي مَتى أباديهم بِهَذَا الْأَمر أرى مِنْهُم مَا أكره فَصمت عَلَيْهَا حَتَّى جَاءَنِي جِبْرِيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد إِن لَا تفعل مَا تُؤمر يعذبك رَبك فَاصْنَعْ لنا طَعَاما وَاجعَل لنا عَلَيْهِ رجل شَاة واملأ لنا عسا من لبن ثمَّ اجْمَعْ لي بني عبد الْمطلب حَتَّى أبلغهم مَا أمرت بِهِ) فَفعلت
1 / 65