رحلاته العلمية:
مما أكثر منه المؤلف رحمه الله تعالى كثرة التِّرحال والتجوال في طلب العلم، على أن ذلك لم يحصل إلَّا بعد وفاة شيخه الحافظ ابن حجر، حتى لا يفوته شيء من علمه، بل إنه لم يخرج للحجِّ إلَّا بعد أن مات الشَّيخ.
وقد زادت الأماكن التي تحمَّل فيها من البلاد والقرى على الثمانين، حتى صار أكثر أهل العصر مسموعًا، وأكثر روايةً (^١). فلقد دخل حلب سنة ثمانمائة وتسع وخمسين (٨٥٩ هـ) (^٢)، ودمشق، وبيت المقدس، والخليل، ونابلس، والرَّملة، وحماة، وبعلبك، وحمص، وغزة، وسرمين، وجبرين، وطرابلس، فضلًا عن مدن الديار المصرية وضواحي القاهرة: كدمياط، ومنوف العليا، وفيشا الصُّغري، والجيزة، والإِسكندرية، وأمِّ دينار، ودسوق، وفوة، ورشيد، والمحلَّة، وسمنُّود، وبلبيس، ومِنية عساس، ومِنية نابت، والمنصورة، وفارسكور، ودنجية، والطويلة (^٣).
وقد حصَّل في هذه الرِّحلات أشياء جليلة من الكتب، والأجزاء، والفوائد عن عشرات الشُّيوخ، هذا فضلًا عن رحلاته إلى حج بيت الله الحرام، وزيارة مسجد رسول الله ﷺ والمجاورة بهما، وأخذه عن علمائهما، وبين بلده إلى وصوله مكة بلدان كثيرة، كان حريصًا على السَّماع من شيوخ تلك المدن التي في طريق الحجِّ، فلقد أخذ عمن لقيه بالطُّور، والينبوع (ينبع البحر)، وجدة، وقرأ في رجوعه من الحجِّ في خليص، ورابغ، وينبوع، والمدينة النَّبويَّة، وعقبة أيلة (^٤).
وفي فترة بقائه في مكة قرأ على الشُّيوح من الكتب الكبار، والأجزاء القصار ما لم يتهيأ لغيره من الغرباء، حتى أنه قرأ داخل البيت المعظَّم، وبالحِجر، والجِعرانة، ومِني، ومسجد الخيف.
وقد حاول الباحثان مشهور آل سلمان وأحمد الشقيرات في كتابهما: "مؤلفات
_________
(^١) "الضوء اللامع" (٨/ ٧).
(^٢) "المرجع السابق" (٨/ ٦٩).
(^٣) انظر في التعريف بتلك المدن "خطط المقريزي".
(^٤) "الضوء اللامع" (٨/ ٧ - ٨).
1 / 41