المبحث الثَّاني طلبه للعلم ورحلاته وشيوخه وتلاميذه وأعماله
تمهيد:
اعتنى الحافظ السَّخَاويُّ بشأن العلم وانصرف إليه بكليته إقبالًا يزيد على الوصف، خصوصًا علم الحديث، وساعده على ذلك تلك النشأة الصَّالحة التي شبَّ عليها، ثم مجاورة والده لمسكن الحافظ ابن حجر وانتقاله إليه.
وقد سجَّل المؤلف تاريخ أول جلوسه عند الحافظ ابن حجر، وذلك سنة ثمانمائة وثمان وثلاثين (٨٣٨ هـ)، وعليه فيكون عمره آنذاك سبع سنين، فكان يقرأ هو وأبوه الحديث على ابن حجر ليلًا (^١). وقد ألقى الله في قلبه محبَّة الحافظ ابن حجر، فلازم مجلسه ودروسه، وداوم على ذلك حتى حمل عنه علمًا جمًّا، واختصَّ به كثيرًا، بحيث كان من أكثر الآخذين عنه (^٢).
وقد برع المصنِّف في الفقه، والعربية، والقراءات، وفاق أقرانه في الحديث والتاريخ، وشارك في الفرائض، والحساب، والتفسير، وأصول الفقه، وغيرها.
مروياته ومسموعاته:
أمَّا عن مرويات المؤلف وما سمعه من الشُّيوخ، فإنَّ ذلك من الكثرة بمكان، وأعلى ما عنده من المروي ما بينه وبين الرَّسول ﷺ بالسند المتماسك فيه عشرة أنفس، وليس ما عنده من ذلك بالكثير، وأكثر منه وأصحّ ما بين شيوخه وبين النَّبيِّ ﷺ فيه العدد المذكور (^٣).
_________
(^١) "الضوء اللامع" (٨/ ٥).
(^٢) "المرجع السابق" (٨/ ٦).
(^٣) "المرجع السابق" (٨/ ١٣).
1 / 39