وقد نشأ نشأةً صالحةً منذ نعومة أظفاره برعاية والده عبد الرَّحمن زين الدِّين، الذي أدخله المكتب لحفظ القران عند المؤدِّب الشرف عيسى بن أحمد المقسي الناسخ (^١)، فأقام عنده يسيرًا جدًّا. ثم نقله لزوج أُخته الفقيه الصالح البدر حسين بن أحمد الأزهري (^٢)، فقرأ عليه القرآن، وصلَّى به التراويح في رمضان على عادة الطلاب في ذلك الوقت عند إتمام حفظ القرآن.
ثم توجَّه به أبوه لفقيهه المجاور لسكنه الشَّيخِ المفيد النَّفَّاع شمس الدِّين محمد بن أحمد النِّحريري الضَّرير (^٣)، ثم إلى الفقيه الشَّمس محمد بن عمر الطَّبَّاخ (^٤)، وحفظ عنده بعض "عمدة الأحكام"، ثم انتقل إلى العلَّامة الشَّهاب بن أسد (^٥)، فأتمَّ عنده حفظها، وحفظ غيره من الكتب. وبعد ذلك لازم شيخه الأول الحافظ ابن حجر العسقلاني.
أُسرته:
مما ساعد على بروز الحافظ السَّخاويِّ العلمي وتفوُّقِهِ فيه أنَّ محيط أسرته -والده، وجدِّه لأيه وأمِّه- يتميَّز بالاهتمام بالعلم والاشتغال به، ولذا كان في هذه الأُسرة عدة من العلماء والمشتغلين بالشَّرعيات.
فأبوه: عبد الرَّحمن بن محمد بن أبي بكر السَّخاويُّ (٧٩٩ - ٨٧٤ هـ) (^٦)، كان من المشتغلين بالعلم، فقد حفظ القرآن صغيرًا، وبَعْدَه عدة كتب، كـ "العدة". وسمع من ولي الدِّين العراقي، والعز ابن جماعة، وشمس الدِّين البرماوي، والجلال البُلْقيني، وغيرهم. نَعَتَهُ المؤلف بقوله: "كان فاضلًا، حسن الفهم، خيِّرًا، ديِّنًا، صادق اللهجة، وافيًا للعهد، مؤدِّيًا للأمانة ... " (^٧).
_________
(^١) توفِّي سنة (٨٦٥ هـ). ترجمته في: "الضوء اللامع" (٦/ ١٥٠).
(^٢) توفِّي سنة (٨٧٨ هـ). ترجمته في: "الضوء اللامع" (٣/ ١٣٥).
(^٣) ترجمته في: "الضوء اللامع" (٧/ ١١).
(^٤) توفِّي سنة (٨٤٣ هـ). ترجمته في: "الضوء اللامع" (٨/ ٢٤٣ - ٢٤٤).
(^٥) اسمه أحمد بن أسد الأميوطي. توفِّي سنة (٨٧٢ هـ). ترجمته في: "الضوء اللامع" (١/ ٢٢٧)، و"وجيز الكلام" (٢/ ٧٩٣).
(^٦) ترجمته في: "الضوء اللامع" (٤/ ١٢٥).
(^٧) "وجيز الكلام" (٢/ ٨١٥).
1 / 35