[خطبة الكتاب]
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد كتاب الاستبصار فى عجائب الأمصار
الحمد لله عالم الأسرار، غافر الإضرار، الواحد القهار، العزيز الجبار، المنزه الذي لا يقبض يديه سهاد الليل والنهار؛ نحمده حمد معترف بوحدانيته، ونشكره شكر مغترف من بحر نعمته، متقلب فى ظل رحمته.
ونصلى على نبيه سيدنا محمد المبعوث بالآيات الباهرة، والبينات القاهرة، الآخذ عن النار بالحجزات، الداعى إلى سبيل ربه بالآيات البينات، وعلى آله الأخيار، وأصحابه الأبرار، صلاة باقية إلى يوم الدين.
ونرضى عن نجله الأطهر «ا» ، وسليله الأبر، الإمام المهدى «1» ، الذي جدد رسم الدين بعد البلى، وجاهد فى سبيل الله حق جهاده وأبلى، وإلى طريق الحق [دعا] النفرى والجفلى؛ وعن الخلفاء الراشدين، أئمة الهدى، ومصابيح من رشد واهتدى. ونوالى الدعاء لخليفتهم المبارك الأسعد، سيدنا أمير المؤمنين يعقوب «2» بنصر تتصل أسبابه بسعادته، وفتح يسوقه القدر وفق إرادته.
وبعد، لما كان العلم أنفس ما يقتنى، وأشرف ما به يعتنى، لم يزل ينقله خلف عن سلف ويحمله ذو شرف عن ذى شرف، وجب أن يكون أفضل ما يهديه مهد أو يستهديه مهدى، رغبة فى الاتسام برسمه، والارتسام والدخول
Страница 1
فى رعيته، والاستثئار بحيازة مآثر من تواريخ الأمم، وسير العرب والعجم، إذ كان المرء يقف منها على أخبار من غبر، وآثار من ذهب ودثر، ويشاهد ممالك ذهبت وبادت «ا» ، كأنها عادت إلى الحياة أو كادت:
لم يبق شىء من الدنيا أسر به ... إلا الدفاتر فيها الشعر والخبر
مات الذين لهم فضل ومكرمة ... وفى الدفاتر من أخبارهم آثر
وقديما وضع «ب» الناس التواريخ ورتبوها، ودونوا الأخبار وكونوها، حرصا منهم على نظم فرائدها وتقييد شواردها، وما زال واضعوها يتقلبون بين إكثار وإقلال، وإسهاب واختصار، وكلهم يجرى على طريقة إلى غاية يضيفها ويسطرها. وكثيرا ما خلد خدم العقلاء ملوك أزمنتهم بالتواريخ المؤلفة والتواليف المزخرفة، تفننا لمسراتهم وترضيا لمبراتهم، ولولا ذلك لم يحصل الأخر على علم الأول، ولا عرفت أخبار الملل والدول.
ولذلك رأيت الشيخ الأجل المعظم، الأغر الأسنى، الأمجد المكرم ، أبا «ج» عمران بن الشيخ الأرفع، المرحوم أبى يحيى بن وقتين «1» أدام الله علاهم، ووصل مجدهم وسراهم، قد أبرز على الفضلاء فضلا، وأربى على النبلاء نبلا، وزاد على أهل زمانه فى العلم والحلم، وغبطة بالعلم ووصل العلماء ومراضاة الفقهاء. وكانت همته السامية إلى طراف الأخبار، وإيثار أهل الآثار، إلى أن شادت بذلك الرفاق، وامتلأت بحديثه الآفاق، ونازعتنى الرغبة والتصدى لشكر النعمة، إلى أن أطرز باسمه كتابا يجمع بين الأخبار والصحائف، ويأخذ بطرفى شرائد الطرائف، متضمنا بذلك إحسانه، راجيا بذلك فضله وامتنانه بمنه حسبما أردته. و [لما] اتسق وصفه على ما اخترت، سميته بكتاب الاستبصار فى عجائب الأمصار، بعد أن قصدت فى أكثره التحقيق واطرحت فى مستودعه التلفيق.
Страница 2
وابتدأت بمكة شرفها الله تعالى، وما يجب ذكره من وصف حرمها، وأسماء الجبال المحيطة بها، وذكر أرباضها، ووصف المسجد الحرام بحسب الوسع، وذرع الكعبة من خارج، ووصفها من داخل. ووصفت الصفا والمروة، وعرفة ومزدلفة، ومنى وجبل الرحمة، مع شريعة إبراهيم عليه السلام وصفة بطن محسر إلى غير ذلك من المناسك، وصفة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة. ووصفت منبره عليه السلام، ووصفت عدد أبواب المسجد، وجميع ما فيه من العمد «ا» وعدد ما فيه من القناديل، ووصف روضته عليه السلام. ثم وصفت بقية المدينة، وروضة عثمان رضى الله عنه ووصفت مسجد قبا، وقبور الشهداء «ب» بأحد رحمة الله عليهم تبركا بذلك وتيمنا بالاستفتاح به.
ثم عدت إلى بلاد مصر وما فيها من العجائب، ووصفت نيل مصر وعدد أمياله، من وسطه إلى موقعه، وذكرت بناء الأهرامات والبرابى «ج» ومن بناها، وصورتها وطولها وعرضها وما صنع فيها من العجائب؛ وذكرت من عمرها من الملوك قبل الطوفان وما نزل بها بهذا الطوفان؛ وذكرت فتحها فى أيام سيدنا عمر «د» بن الخطاب رضى الله عنه. ثم عدت إلى مدينة الإسكندرية، ووصفت بناءها وصفة منارها وصفة المرآة التى كانت بها وبناءها وتداول الملوك عليها.
ثم ذكرت بلاد إفريقية وما فيها من العجائب، ووصفت مدينة قرطاجنة وآثارها وعجائبها، ووصفت البلاد الى آخر بلاد المغرب. وقسمت أقطارها قسمين، ورتبتها صنفين: فمنها الصحراوية أو ما قاربها، والساحلية وما يليها.
ولم أذكر شيئا مما سقته إلا ما كاد ينعقد على أكثره الإجماع، ويتفق عليه العيان والسماع، وللمولى أدام الله تأييده ووصل سعوده، أن يقدر عبده فيما أورده، ويحقق فيما رجاه أمله ومعتمده، فإنه وإن كان قد أنفذ وسعه فى الاختيار، وتوسط بين الإقلال والإكثار، حرى بالاحسان
Страница 3
ظنا، ويرى التغميض عن هناته سنا، إذ هو فيما ذكر كمن حمل التمر إلى هجر «1» .
ومنك استعدنا كل غريبة، فأنت غريبة فى عيون الغرائب. وهذا حين أبتدىء بذكر ما أردته فيما أوردته، مستعينا بالله سبحانه، راجيا صفحه وغفرانه، والله سبحانه يمتع الأدب ببقاء المولى، ويشكره ما منح الخلق من يده وأولى:
الناس يهدون على قدرهم ... وإننى أهدى على قدركا
يهدون ما يفنى وأهدى الذي ... يبقى على الأزمان من فخركا
ذكر حدود حرم مكة شرفها الله «2»
حد الحرم من ناحية المدينة من ذى طوى «3» على ثلاثة أميال من مكة، وحده من طريق جدة على عشرة أميال، وحده من طريق اليمن على سبعة أميال، وحده من طريق العراق على ستة أميال، وحده من طريق الطائف على أحد عشر ميلا فعدد أميال الحرم 37 ميلا «4» ، ودور الحرم حول مكة 733 ميلا «5» ؛ وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - بنى بالحرمين 15 مسجدا «6» .
Страница 4
وصف مكة شرفها الله وأرباضها وأسماء الجبال المحيطة بها
3
جبل أبى قبيس «1» وهو جبل أدكن (أميل إلى البياض) ، فى رأسه منار يذكر أنه منار إبراهيم عليه السلام. وفى أصله الصفا «2» ومن عليه يرقى إليه، ليس «ا» له مرقى إلا على أربعة مواضع: على الصفا، وعلى شعب عمر، وعلى شعب على «3» رضى الله عنهما، وعلى شعب أجياد الصغير «4» ، ليس لأبى قبيس طريق يرقى إليه إلا من هذه الأربعة مواضع. وهو أحد الأخشبين «5» فيما يقال، ويقال إنه أول جبل خلقه الله تعالى ووضعه فى الأرض. وإنما سمى بأبى قبيس لأن رجلا كان يسكنه على قديم الدهر يكنى بأبى قبيس فنسب إليه ذلك الجبل. وهو أقرب الجبال إلى المسجد الحرام، يقابل من مكة ويقابل من الكعبة الركن الأسود.
Страница 5
ثم جبل الخندمة «1» وهو الجبل العالى المستعلى على أبى قبيس من ناحية الشرق، وهو «ا» جبل أحمر محجر فيه صخرة كبيرة بيضاء كأنها معلقة تشبه الإنسان إذا نظرت إليها من البعد، تراها من المسجد الحرام من باب السهميين «ب» الصغير. وفى ذلك الجبل تحصن أهل مكة يوم القرمطى «ج» «2» .
وأسفل «د» من ذلك الجبل، بينه وبين الجبل غار، شعب على رضى الله عنه.
ثم الجبل الأبيض «3» الذي على الأبطح إلى باب منى «4» ، ومن ذلك الجبل إلى الجبل الأحمر السور، وجعل هنالك بابين من خشب مصفحين بالحديد، وهما على المعلى «ر» «5» وهما المعروفان بباب منى.
وعند هذا الباب آبار «س» بعيدة الرشا يستقى الناس منها، وماؤها ليس بعذب
Страница 6
جدا. وهذا الجبل الأحمر متصل من مسجد الخيف «ا» «1» إلى الحجون «2» وفيه الثنية العليا، وعند أصل الثنية بقيع مكة «3» . وفى شعب منه المحصب «4» فى حوز الشعب الذي يقابل الخيف الذي كان ينزل فيه من سلف من الصدر الأول عندهم من منى إلى آخر أيام التشريق «5» ، فيصلون الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة، وكذلك يدخلون مكة.
وقد صح عن «ب» النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه فعل ذلك «6» .
Страница 7
ثم الجبل الذي بظهر دار الندوة «1» يسمى قعيقعان «2» ، وهو الذي يقابل أبا قبيس، وهو جبل أخضر. وإنما يسمى قعيقعان لأن مضاض بن جرهم نزل به، ونزل السميدع بن جرهم بجبل أجياد، فدارت بينهما حرب عظيمة فى تلك الأيام، فكانت أجياد- أعنى من سكن بها وهو السميدع وآله- أول من جاد بالدم فى الحرم ودعا إلى القتل، وقالت العرب فيها أجياد لأنها «ا» أول من جادت بالدم.
ثم جبل أجياد «3» ، وهو الجبل العالى الأخضر الذي بغربى المسجد الحرام فى رأسه منار يذكر أن أبا بكر رضه أمر ببنائه «4» ، ينادى عليه المؤذن فى رمضان، ويقابل من الكعبة اليمانى؛ ويخرج إليه من باب إبراهيم عليه السلام «5» . وهو يقابل قعيقعان من ناحية الغرب.
Страница 8
ثم جبل ابن عمران «1» ، وهو الجبل الأسود الذي بين أبى قبيس وأجياد، وهو خلفهما. ويظهر من البعد كأنه بينهما، يقابل من الكعبة الجدار اليمانى؛ وهو أميل إلى الركن اليمانى قليلا.
ثم جبل البكا «2» ، وهو خارج على الجبال المحيطة بمكة، وهو فى العطف الذي فى آخر ذى طوى، عن يمينك وأنت خارج تريد التنعيم «3» .
وهناك عن يسارك المتكا «4» ، وهو الحجر الذي قعد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - واستراح عند إقباله عليه فيما يذكر أهل مكة، رووه عن مشيختهم.
عدد أرباض مكة شرفها الله
ولمكة أربعة أرباض منها الحجون «5» وما حوله إلى المروة «6» ، وربض قعيقعان «7» وما حوله إلى باب ذى طوى «8» ، وربض أجياد الكبير «9»
Страница 9
مع شعب أبى بكر رضه إلى المسفلة «1» إلى باب اليمانيين، ثم إلى الأبطح «ا» وما حوله من باب منى «2» إلى شعب على مع شعب عثمان «3» .
ذرع الكعبة كرمها الله من خارج
«4»
طول وجه الكعبة وهو الشق الذي فيه الباب، من الركن الأسود إلى الركن الشامى 27 ذراعا «5» . وعند الثلث الباقى من هذا الجدار من ناحية الركن الشامى، يوقف منبر الخطيب يوم الجمعة ويرفع فى سائر الأيام، وهو منبر كبير مفصل على ثلاثة قطع «6» . وطول مؤخرها وهو الشق الغربى، من الركن اليمانى إلى الركن الغربى، 27 ذراعا- طول الذراع الذي به هذا الذرع «ب» 20 أصبعا «7» . وعرضها من ناحية اليمانى إلى الركن الأسود 21 ذراعا
Страница 10
ونصف ذراع «1» ، وعرضها من ناحية الشام وهو الشق الشامى وهو الذي عليه الميزاب «2» «ا» ، من الركن الغربى إلى الركن الشامى، 24 ذراعا «3» .
هذا ذرع البيت من خارج. وذرعه من داخل: طول الجدار «ب» الذي يقابلك إذا دخلت البيت الذي فيه محاريب الفضة «4» ، وهو الذي صلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، من الركن الغربى إلى الركن اليمانى، 22 ذراعا «5» .
وطول الجدار الذي فيه الباب، من الركن الأسود إلى الركن الشامى، 29 ذراعا «6» ؛ بسبب «ج» الركن الذي بناه الحجاج بن يوسف فى داخل البيت فى الركن الشامى، وجعل فيه سلما من داخل الركن يرقى منه إلى ظهر الكعبة لتعليق الكسوة «7» . وعرض الجدار الشامى ، الذي بين الركن الغربى والركن الشامى، 15 ذراعا ونصف ذراع «8» ، نقص ذرع «د» الجدار
Страница 11
من أجل ذلك الركن المذكور. وعرض الجدار اليمانى، من الركن الأسود إلى الركن اليمانى، 17 ذراعا ونصف ذراع «1» . وذرع قاع البيت مكسرا 352 ذراعا ونصف ذراع «2» .
هذا ذرعه من داخل وتكسير قاعه. وغلظ جدار الكعبة 5 أشبار «3» . وارتفاع البيت من خارج، من الأرض إلى أعلى البيت 30 ذراعا: طول جدار البيت منها 27 ذراعا، وعليه طرابزين وارتفاعه ذراع، تعلق منه الكسوة وقد استعلت عليه ذراعا، وكمل بذلك ارتفاع البيت 30 ذراعا «4» . هذا ارتفاعه من خارجه.
وارتفاعه من داخله: جدره كلها من قاع البيت إلى السماء الأولى «ا» 30 ذراعا، ومن السماء الأولى إلى السقف الأعلى ذراعان «5» .
هذا ارتفاعه من داخله. وذكر أن إبراهيم الخليل عليه السلام إنما بنى البيت الحرام يوم بناه فى ارتفاع 9 أذرع «6»
غير مسقف «ب» ، فلما بنته قريش واقتصرت عن طوله 6 أذرع تركت ذلك فى الحجر، وزادت فى ارتفاع البيت 9 أذرع، فكان البيت يومئذ من 18 ذراعا
Страница 12
فى الارتفاع «1»
. فلما احترق فى زمان عبد الله بن الزبير رضه وأمر ببنائه وزاد فيه ما كان أنقصته قريش، ظهر له عند ذلك قصير الارتفاع، فزاد فى ارتفاعه 9 أذرع. وقال إن قريشا زادت فيه 9 أذرع وأنا أزيد فيه 9، فصار البيت من يومئذ من 27 ذراعا «2»
«ا»
فى ارتفاعه، لم يزد فيه أحد من يومئذ.
صفة البيت من داخله وفضله وفضل الصلاة فيه
ينبغى لمن يحج أن يرغب فى داخل البيت وفى الصلاة فيه، فإن فى ذلك فضيلة كثيرة «3»
. فإذا دخل فيه أحد فليتركع وليلح بالدعاء والرغبة إلى الله، فإنه مشهد كريم. وليخلع نعليه ولا يبصق ولا يمتخط ولينزه ما استطاع فإنها بقعة مكرمة مقدسة مطهرة، كرمها الله عز وجل وشرفها على بقاع الأرض كلها. وهو قبال البيت المعمور الذي يحجه الملائكة فى السماء كما يحج هذا بنو آدم فى الارض «4» .
وصفة قاع البيت هو مبسوط بالرخام الأبيض، وفى رخامة منها عند دخولك من باب الكعبة مسمار فضة، وكذلك جميع جدره مرخمة بالرخام الأبيض قدر 9 أذرع «ب »
، وما فوق ذلك منقوش مذهب بفراشة الذهب ليس بصفائح «ج»
إلى سماء البيت. وفى ترخيم جدر «د»
البيت ألواح حمر وخضر، يقال إن الوليد ابن عبد الملك بعث تلك الألواح من الشام مع الرخام الذي رخم به البيت، ومع ذلك 30 الف دينار، وأمر أن يرخم البيت ويذهب، وهو أول من كساه بالرخام وذهبه.
Страница 13
فمن تلك الألواح فى الجدار الغربى مقابل من داخل البيت 5 ألواح:
3 حمر و 2 أخضران «ا»
. وبين هذه الألواح الخمسة فى ذلك الجدار 3 محاريب فضة، طول كل محراب منها 5 أشبار وعرضه 3 أشبار؛ بين كل محراب منها منقوش: «أقبل على صلاتك ولا تكن من الغافلين» . وفى جهة كل محراب منها منقوش: «لا إله إلا الله محمد رسول الله» . وفى ذلك الجدار أيضا مما يجاور الركن اليمانى، فى أعلى الترخيم على رأس اللوح الأحمر، محراب ذهب طوله شبران وعرضه شبر ونصف «1»
. وعلى رأس تلك الألواح والمحاريب بحر مرخم فيه مكتوب بالمسك المحلول: «لا إله إلا الله محمد رسول الله» مكرر فى سطرين.
وبعد ذلك: «الإمام المطيع لله أمير المؤمنين» «2»
. وفى سطر تحته «ب»
: «الإمام المقتدر بالله أمير المؤمنين» «3» .
وفى الجدار اليمانى من تلك الألواح 4: أخضران وأحمران، فوقهما بحر مرخم فيه مكتوب: «إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة «ج»
مباركا وهدى للعالمين، فيه آيات بينات «د»
مقام ابراهيم، ومن دخله كان آمنا» «4» .
وفى الجدار الذي كان فيه الباب من تلك الألواح 3: أخضر بين أحمرين، وفوقهم بحر مرخم مكتوب من طرف عتبة الباب: «ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين» «5»
؛ «بسم الله الرحمن الرحيم. إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما» «6» .
Страница 14
وفى الجدار الشامى من تلك الألواح 3 أيضا: أخضر بين أحمرين، وفوقهما بحر مرخم فيه مكتوب: «وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتى للطائفين والعاكفين والركع السجود» «1»
. هذه صفة البيت من داخله وخارجه «ا » .
صفة سقف البيت وعمده
وسقف البيت على ثلاثة عتب أطرافها من الجدار الشرقى إلى الجدار الغربى «2»
. والعتب على ثلاثة أعمدة من خشب مخروطة على قواعد من خشب فيها مسامير فضة. وهى مصطفة من الجدار الشامى إلى الجدار اليمانى، بين العامود الأول والجدار الشامى 4 أذرع، وبين ذلك العامود والعامود الأوسط 7 أذرع، وبين الأوسط والثالث الذي يليه الجدار اليمانى 7 أذرع، وبين العامود الثالث والجدار اليمانى 6 أذرع «3» .
وسماء البيت مذهب فى خضرة ليس بمنقوش إنما هو دائر فى خضرة مذهبة.
وفى سماء البيت أربعة روازن، للضوء، جميعها مغطاة بحجر أبيض يسمى الطلق، يذكر أن عبد الله بن الزبير بعث به من اليمن فغطى منه «ب»
الروازن ليدخل منها «ج»
الضوء ولا يدخل منها الماء. واحدة من الروازن على الحجر «د»
الأسود، والثانية على وسط البيت بإزاء رأس العامود الأوسط، وثالثة «ر»
Страница 15
على الركن الشامى، ورابعة «ا»
على الركن اليمانى «1» . وفى الركن عمود به قصبة فضة «ب»
، وهى التى كانت بها قرط مارية والتميمة وقرن الكبش «2» . وليس بها اليوم إلا قنديلان من فضة كبيران منقوشان، ومعلاق فضة بقنديلين آخرين لا غير «ج» .
صفة باب الكعبة وذرعه وعتبته
عتبة الباب من ساج أسود مكتوبة من داخل البيت مذهبة من خارجه.
وطول باب «د» البيت 7 أذرع ونصف ذراع، وعرضه 4 أذرع الا أربعة أصابع «3» . وهو مكسو بصفائح الفضة المذهبة، وله حلقتان من فضة بيضاء غير مذهبتين. وكان قفل البيت من نحاس أحمر مذهب، بعضه قد انكشف وبقى بعضه مذهبا، وهو اليوم «ر» حديد مكسو بالفضة «4» ،
Страница 16
طول القفل شبر. والباب فى الجدار الشرقى، بينه وبين الركن الأسود 5 أذرع، ويسمى هذا الموضع الملتزم «1» ، بينه وبين الركن الشامى 18 ذراعا، وارتفاع الباب من الأرض 5 أذرع «2» .
صفة الحجر الأسود وارتفاعه فى الركن وفضله
الحجر الأسود على ثلاثة أذرع من الأرض «3» ، وطول ما يظهر منه فى الركن شبر غير أصله فى الجدار شبر «4» . وهو مصدوع مكسور على ثلاثة قطع: اثنتان كبيرتان وواحدة صغيرة «5» ، ذكر أن عبد الله ابن الزبير كان ألصقه وشده بالفضة وأدخله فى الركن. وكان قد بقيت القطعة الصغيرة منه عند بنى شيبة، فلما رده القرمطى بعد أخذه، ألصق بالك وأضاف إليه بنو شيبة القطعة الثالثة، وأفرغ حوله الفضة ودارت الفضة بينها حتى صار كشبه العين «6» .
Страница 17
وفيه أيضا طرق كثيرة غير الصدع؛ فأكثر من استلامه ومن «ا» الركن اليمانى، فإن ذلك يحط الخطايا «1» . وتقول عند استلامه:
بسم الله، والله أكبر، اللهم إيمانك وتصديقا لما جاء به نبيك عليه السلام.
صفة الحجر وذرعه
«2»
الحجر مكعب يشبه الصهريج ليس بالمربع، مرخم قاعه وحوائطه بالرخام الأبيض، طرفاه ليسا بملصوقين بركن البيت، يقابلان من الأركان الشامى والغربى. بين طرفى حائط الحجر الواحد والركن الشامى 8 أذرع، وبين الطرف الثانى والركن الغربى 6 أذرع، وهما بابا «ب» الحجر من حيث يدخل إليه «3» . ودور الحجر 45 ذراعا ونصف ذراع «4» ،
Страница 18
وطوله من جدار البيت إلى آخر جوف الحجر 20 ذراعا «1» ، وعرض ما بين طرفيه 25 ذراعا «2» لأن طرفه الواحد يخرج عن ركن البيت الشامى قدر ذراع وكذلك مقابله. والميزاب فى وسط ذلك الجدار الذي على الحجر «3» فى وسط ما بين طرفى الحجر، لاصق بجدار الكعبة رخامتان خضراوان تجر إلى صفرة، ملصوقتان «ب» بالرصاص يقع عليهما ماء الميزاب. وارتفاع حائطه 5 أشبار، وعرض غلظه أربعة أشبار، مسطح أعلاه بالرخام الأبيض. وعلى ظهر الحائط فى وسطه مما يقابل الميزاب رخامة خضراء، تجعل صدرك عليها للدعاء فى تمام كل أسبوع؛ هذه صفة الحجر.
صفة المقام
حجر لونه بين الدكنة والحمرة، منقط بنقط سوداء، له رأسان مختصر الوسط مخروم جدا، وعمق الأقدام فى الحجر أكثر من ثلثى الشبر يزيد نصف أصبع «4» .
صفة القدمين في الحجر: وصفة القدمين فى الحجر إبهام الواحد إلى كعب الثانى. وأصابع القدم اليمنى مما يلى مستقبل المقام، وكعب ذلك القدم إلى البيت الحرام، وأصابع القدم الشمال إلى البيت الحرام، وكعبه مما يلى مستقبل
Страница 19
المقام، وبين القدمين غلظ مما يلى البيت الحرام ثلاثة أصابع، ثم يضيق «ا» فيرجع فى وسط المقام إلى أصبعين مغلقين، ثم يضيق حتى يرجع فى آخر الجبهة مما يلى مستقبله إلى أقل من غلظ أصبع «1» .
ذكر صفة المقام: والمقام مكسو بغاشية فضة، فى الرأس الأعلى منقوش فى الغاشية مقابل مستقبله «سبحان الله» ، وفى الجهة التى تلى زمزم «والحمد لله» ، وفى الجهة التى تلى البيت الحرام «لا إله إلا الله» ، وفى الجهة التى تقابل دار الندوة «والله أكبر» «2» . وفى المقام، فى رأسه الأسفل، مقابض فضة ملصقة فى الغاشية يرفع بها المقام عند تحريكه وغسله. وهو قاعد فى وسط حويض من رخام أبيض مربع مكسو بغاشية فضة، عمق الحويض 4 أصابع مغلقة فيه حلقتان. تنزل على المقام مكبة من خشب ارتفاعها 4 أشبار، وتدخل تلك الحلقتان فى فتح فى المكبة ويضرب عليهما قفلان الواحد من جانب زمزم والآخر من جانب دار الندوة. ولها مكبة أخرى من حديد فإذا قرب الحج وكثر الناس وأتى المرور، رفعت مكبة الخشب وأنزلت مكبة الحديد «3» ، ويوضع عن يمين المكبة وعن يسارها كرسيان من خشب يجعل عليهما ثوران من نحاس عليهما شمع من قير. وبين المقام والكعبة 30 ذراعا، وبينه وبين حد الطواف 12 ذراعا. فعرض الطواف هنالك 42 ذراعا، وليس يقابل باب الكعبة إنما يقابل وسط جدارها.
Страница 20