180

مسائل خالف فيها رسول الله أهل الجاهلية

مسائل خالف فيها رسول الله أهل الجاهلية

Жанры

تحذير السلف من اتباع الآراء والأهواء
إن عمر بن الخطاب ﵁ يقول: يا أيها الناس! اتهموا الرأي في الدين، فلقد رأيتني يوم الحديبية أنازع رسول الله ﷺ: ألسنا على الحق؟ أليسوا على الباطل؟ فلِمَ نعطي الدنية في ديننا؟ فهذا ما رآه، وإن كان فيه شيء من الصحة وشيء من الحكمة، لكن الله أعلم بالغيوب، والله جل في علاه يعلم ونحن لا نعلم، ويعلم ما ينفع مما يضر، ثم قال: ثم عملت لذلك أعمالًا؛ لأن الله بين أن الحق مع الرسول ﷺ، وسماه فتحًا.
وعلي بن أبي طالب يقول: أيها الناس! لو كان الدين بالرأي لكان مسح أسفل الخف أولى من الأعلى؛ لأنه المباشر للنجاسات والمباشر للقاذورات.
فالدين بالشرع ومنه يؤخذ؛ ولذلك قال الله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر:٧]، والإمام مالك يقول: أسوأ أهل الأرض هم أهل الأهواء.
وقال الإمام الشافعي: حكمي في أهل الأهواء: أن يضربوا بالجريد والنعال، ثم يطاف بهم في القبائل والعشائر، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، واتبع الهوى والآراء وعلم الكلام.
فعلم الكلام علم فاسد يفسد صاحبه، ويفسد على المرء قلبه، ويبعده أشد البعد عن الله جل في علاه، لأن الذي يتبع الهوى يبتدع في دين الله لا محالة، وما ازداد عبد ببدعة إلا بعدًا من الله جل في علاه، وما ازداد إلا بعدًا من رسول الله ﷺ، بل يوم القيامة يمنع من حوض رسول الله ﷺ، ويحرم من أن يشرب من هذا الحوض الذي هو أحلى من العسل، وأبيض من اللبن؛ لأنه ابتدع في دين الله، ولذلك يقول الرسول ﷺ: (سحقًا سحقًا لمن بدل بعدي، بعدًا بعدًا لمن بدل بعد).

17 / 3