وسوف يحل الغفران على الخائنة؛ أي على شعب إسرائيل، وسوف يعود الأسرى من مصر وآشور (رغم أنهم لم يسبوا إلى مصر) وبعدها تقوم مملكة السلام والخير، ويؤكد يهوه:
وأقطع لهم عهدا في ذلك اليوم مع حيوان البرية وطيور السماء ودبابات الأرض وأكسر القوس والسيف والحرب من الأرض، وأجعلهم يضطجعون آمنين. (هوشع، 2: 18) (2) سقوط النبوءات
ثم نأتي إلى سفر إشعيا الذي يحتوي على ست وستين إصحاحا، لكن الرؤية الناقدة لهذا الكتاب النبوي يمكنها أن تستبعد نصف هذا العدد أو أقل قليلا بحسبانه لا يعود أبدا لإشعيا الذي عاش آخر القرن الثامن وأول القرن السابع قبل الميلاد. وإلى الإصحاحات الأصلية أضيفت نصوص أخرى ليست لإشعيا خلال عدة قرون، من قبل محرري النبوءات اللاحقين، لما كان يتمتع به إشعيا من شعبية في المملكة الجنوبية يهوذا، وذلك لإضافة الهيبة إلى نصوصهم بإضافتها لإصحاحات كتاب إشعيا.
وفى الإصحاحين الثالث عشر والرابع عشر نجد حديثا عن تدمير الإمبراطورية الآشورية (14: 25)، وعن مملكة بابل بحسبانها بهاء الممالك وزينة وفخر الكلدانيين، وعن العاهل البابلي الجبار الذي يطوي الشعوب تحته طيا بالقوة المسلحة (14: 4، 96)، وكيف جعل العالم كقفر وهدم مدنه ولم يطلق أسراه إلى بيوتهم (14: 17).
وإزاء قوة بابل الطالعة التي تمكنت من هزيمة الأشوريين كان لا بد أن يرتعب شعب الله المختار خوف الاحتلال وخشية السبي؛ فإن يهوه يؤكد بلسان إشعيا «ها أنا ذا أهيج عليهم الماديين ... وتصير بابل كتقليب الله سدوم وعمورة، لا تعمر إلى الأبد ولا تسكن إلى دور فدور» (إشعيا، 13: 5؛ 17: 20).
ومرة أخرى يعطف يهوه على يهوذا وإسرائيل فيجعلهم يتسلطون على من ظلمهم (14: 1، 2).
وهذا الكلام إطلاقا لا يمكن نسبته لإشعيا وزمنه في آخر القرن الثامن ق.م لأسباب شديدة الوضوح؛ حيث في زمن إشعيا في القرن الثامن ق.م كان الحديث عن هذه الأحداث سيبدو غير مفهوم بالمرة؛ «فيهوه يهدد بابل بالويل والثبور ويصفها بأنها زينة الممالك، بينما بابل في زمن إشعيا كانت فاقدة لاستقلالها مثل يهوذا وتتبع الإمبراطورية الآشورية».
وحتى لو قلنا مع المؤمنين إن تلك نبوءة، وكي تكون النبوءة صادقة، كان لا بد أن يتنبأ إشعيا أولا بأن بابل ستثور على آشور وتنتصر عليها ثم تتوسع وتهاجم يهوذا وتسبي سكانها، لكن النبوءة لم تتطرق لذلك كله، فقط يتحدث إشعيا عن عودة المسبيين كأنه كان أمرا معلوما لجميع ناس زمنه؛ ومن ثم «لا يصح احتساب الإصحاحين 13 و14 من عمل إشعيا بل يجب القول إنه قد تم تحريرهما بعد قيام بابل بتدمير الإمبراطورية الآشورية»، وبعدما بلغت بابل جبروتا كبيرا في عهد نبوخذ نصر الثاني، وبعدما قام نبوخذ نصر بحملته على يهوذا وأسرها إلى بابل؛ أي يجب أن يكون تحرير هذين الإصحاحين قد تم بعد عام 586ق.م.
ثم نقف مع تلك المفترض أنها نبوءة، أو دست على سفر إشعيا لتظهره بمظهر النبوءة عما سيحدث في قابل الأيام ، لندهش من قولها إن بابل العظيمة ستسقط فريسة الاحتلال الميدي، بينما الذي حدث فعلا بعد ذلك هو سقوط بابل فريسة الاحتلال الفارسي زمن قورش 539ق.م وليس الميدي، وهذا يعني أن مؤلف النص «لم يكن يعرف بعد عن الانقلاب الذي حصل في إيران وكيف سقط الميديون أنفسهم في إيران تحت سلطة الفرس حوالي عام 549ق.م».
إن ذلك يؤكد أن نبوءة الإصحاحين 13 و14 قد تمت كتابتها بين عامي 586 و549ق.م؛ ومن ثم «لا يمكن أن تعودا إلى إشعيا الذي مات قبل ذلك بزمن بعيد».
Неизвестная страница