وعندما ظهر النبي محمد
صلى الله عليه وسلم
في مكة، أرسل إعلانه يدوي بين فيافي الجزيرة ليصل من يهمهم الأمر، يؤكد أنه نبوءة موسى وبشرى عيسى وأنه أحمد النبي المنتظر. وتم دعم ذلك بقصة الذبح التي كاد يتعرض لها أبوه عبد الله لتتناغم مع قصة الذبح التي كاد يتعرض لها إسماعيل ابن إبراهيم، حيث كان الذبح علامة على التواصل مع السماء. وقد تم تعويض ذلك الذبح في اليهودية بذبح شاة أو بذبح جزئي للطفل بجراحة الختان، التي أكدت التوراة أنها بصمة العقد الذي تم بين إبراهيم ونسله وبين الله. وبموجب هذا الختان/الختن/الختم تم توثيق العقد والوعد بوراثة النسل الإبراهيمي الإسرائيلي للأرض ما بين نهر مصر إلى نهر الفرات.
ولكن لأن شرط النبوة التوراتية أن تكون في بني إسرائيل، ولأن النبي محمد
صلى الله عليه وسلم
ليس من بني إسرائيل، فقد أمكن إيجاد الصلة مع الوعد بإرجاعه سلفا ليس إلى يعقوب المسمى بإسرائيل، لكن إلى الأب الخليل صاحب الوعد والعقد الأول، إلى إبراهيم نفسه؛ وحيث إن إسماعيل كان أول من اختتن قبل شقيقه إسحاق، أمكن القول بإمكان مجيء نبي آخر الزمان من الفرع الإسماعيلي، دون اقتصاره على الفرع الإسرائيلي من نسل إبراهيم. وهكذا تم ربط صاحب الدعوة بالمشروع الإسرائيلي، ليكون محقق الوعد لكن عبر النسل الإسماعيلي.
وهو الأمر الذي وعاه مؤرخونا الإسلاميون الأوائل وعبروا عنه بهذا المعنى.
لا زلنا على محور الحركة الأولى التي حددت علاقة النص المقدس بواقع الأحداث التي أصبحت تاريخا، إبان تواتر الوحي في مكة وقبل الهجرة إلى يثرب، في دفعات متتالية من الآي القرآني الكريم للتأثير في يهود يثرب توطئة لهم لقبول دعوة النبي، بل وقبوله هو نفسه في يثرب؛ فجاءت آيات الكتاب الكريم تتحدث عن مكانة بني إسرائيل في التاريخ السياسي والديني للمنطقة، وكيف فضلهم الله على العالمين، مع تأكيد أن محمدا إنما هو استمرار للنبوات المتوارثة في البيت الإبراهيمي، مع تكرار لقصص أولئك الأنبياء منذ نوح وإبراهيم عبورا على إسحاق ويعقوب والأسباط وموسى وانتهاء بداود وسليمان وعيسى، باعتبارهم كانوا توطئة لخاتم النبوات. ومن جانبها كانت الأحاديث تؤكد أن محمدا
صلى الله عليه وسلم
كان غرة بيضاء في جبين آدم تناقلتها أصلاب الأنبياء والطاهرين التي شخصت بميلاده.
Неизвестная страница