Исмаил Касим в процессии жизни и литературы
إسماعيل عاصم في موكب الحياة والأدب
Жанры
وبسبب هذا التعتيم المخيم على هذا الرجل، ابتعد عنه كل دارسي الأدب المسرحي على الإطلاق. فلم يجرؤ أي ناقد أو كاتب على التعرض له أو لأعماله المسرحية في مجملها، لا عن تقصير منهم، بل لصعوبة الحصول على معلومات تكشف لنا حقيقة هذا الرائد، أو تكشف لنا عن آثاره الأدبية المسرحية.
ومن هنا بدأت رحلة البحث عن المجهول، وهذا المجهول، تمثل في البحث عن معلومات وثائقية، تكشف لنا من هو إسماعيل عاصم ... وبدأت المرحلة الأولى في رحلة البحث من إشارة، مفادها أن إسماعيل عاصم ألف مسرحيته «صدق الإخاء» في أواخر القرن الماضي، ومن هنا بدأت، فذهبت أنبش سنوات القرن الماضي وسط ركام الأوراق الصفراء المتهالكة، فخرج منها إسماعيل عاصم كالعنقاء، ليحيا معنا ونحيا معه. فوجدناه مأمورا لأحد الأقسام، ومفتشا لأقسام العاصمة، ومحاميا في المحاكم الأهلية، وثائرا من ثوار الثورة العرابية، وشاعرا ندا لمطران، وزجالا، وأديبا، وصحفيا، وخطيبا بليغا، ورئيسا لجمعية أدبية، ومساندا للمشروعات الخيرية، ومؤلفا مسرحيا، وممثلا هاويا.
أما المرحلة الثانية في رحلتنا الشاقة، فكانت أصعب بكثير من الأولى، وتمثلت في الحصول على آثار إسماعيل عاصم المسرحية. فالمعلومات السابقة أثبتت أنه ألف أربع مسرحيات وترجم الخامسة، والمسرحيات المؤلفة كانت: «هناء المحبين» 1893، و«حسن العواقب» 1894، و«صدق الإخاء» 1895، و«الخل الوفي» 1897، والمسرحية المترجمة كانت «توسكا» عام 1901. ومن هنا كانت الصعوبة. أين توجد هذه المسرحيات؟! مع ملاحظة أنها تنتمي إلى القرن الماضي.
فذهبت إلى كل مكان، وطرقت كل باب، وسلكت كل سبيل من أجل الحصول على نصوص هذه المسرحيات ... فدار الكتب المصرية، والمكتبات العامة، ومكتبات جميع الجامعات المصرية لا يوجد بها غير مسرحيتين فقط، هما: «الخل الوفي» و«توسكا»، ولسوء الحظ لم يخط قلم إسماعيل عاصم أي سطر منهما، فالأولى لمحمد المغربي، والأخرى لمترجمين آخرين، لم يكن رائدنا من بينهم.
وبذلك تحدد إنتاج إسماعيل عاصم المسرحي في الثلاث مسرحيات الأولى ... وبعد فترة ليست بالقصيرة، مع العناء الشديد، تجمع بين يدي الكنز الثمين. ليخرج منه جواهر إسماعيل عاصم، متمثلة في أعماله المسرحية الكاملة، وهي نصوص مسرحيات: «هناء المحبين»، و«حسن العواقب»، و«صدق الإخاء».
وبذلك خرجت أول مسرحيات مصرية مؤلفة إلى الوجود، كما خرج صاحبها من قبره قائلا: ... أنا أول مؤلف مسرحي مصري للميلودراما الاجتماعية ... أنا أول محام يعتلي خشبة المسرح كممثل هاو ... أنا أشهر مجهول في المسرح المصري ... أنا إسماعيل عاصم الرائد المسرحي المنسي.»
1
وعلى الرغم من مرور أقل من خمسة أشهر فقط على صدور هذا الكتاب، إلا أن حماسي واهتمامي بإسماعيل عاصم لم يتوقف، لعدة أسباب أدت بي إلى إخراج كتاب ثان عن هذا الرائد يضم العديد من إسهاماته في الحياة، وفي المجالات الأدبية الأخرى غير المسرح، مثل الشعر والخطابة والمقامة والمقالة؛ لذلك أطلقت عليه «إسماعيل عاصم في موكب الحياة والأدب»، وتتمثل هذه الأسباب في:
أولا:
الاستمرار في البحث والتنقيب في الدوريات القديمة، التي أخرجت منها مادة وفيرة من آثار إسماعيل عاصم الأدبية، سواء في مجال الشعر أو المقامة أو المقالة، وهذه المادة خلا منها الكتاب الأول الذي اهتم بآثاره المسرحية فقط.
Неизвестная страница