Исламская этика
علم الأخلاق الإسلامية
Издатель
دار عالم الكتب للطباعة والنشر
Номер издания
الأولى ١٤١٣هـ-١٩٩٢م الطبعة الثانية ١٤٢٤هـ
Год публикации
٢٠٠٣م
Место издания
الرياض
Жанры
مِقْداد يالجن (١٣٥٦هـ - ٠٠٠ = ١٩٣٧م - ٠٠٠) (*)
مقداد يالجن محمد علي. أستاذ جامعي، تركي، التحق بمدرسة تحفيظ القرآن في إنطاكية (تركيا) لتعلم اللغة العربية وفهم القرآن، ثم درس في مدارس سوريا المتوسطة، والتحق بعد ذلك بالثانوية الأزهرية ثم بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر. وقد حصل بعد ذلك على الليسانس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية من كلية دار العلوم جامعة القاهرة عام ١٩٦٧م، وعلى الماجستير في عام ١٩٧١م، كما حصل على دبلوم في التربية.
وفي عام ١٩٧٦م، حصل على درجة الدكتوراه. عمل بالتدريس في كلية الإلهيات بجامعة أنقرة، ثم عضوًا بهيئة التدريس في قسم التربية بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. من أشهر مؤلفاته التي نُشرت، اثنا عشر كتابًا في مجال التربية الإسلامية والمجالات القريبة، منها: جوانب التربية الإسلامية؛ أهداف التربية الإسلامية
علاوة على أكثر من عشرين بحثًا ومقالًا في مجالات مختلفة
حاز جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية عام ١٤٠٨هـ، ١٩٨٨م.
_________
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا التعريف بالمؤلف ليس من المطبوع
الفكر التربوي عند مقداد يالجن (*) الباحث: أ / رشاد قائد مهدي أحمد الدرجة العلمية: ماجستير الجامعة: جامعة صنعاء بلد الدراسة: اليمن لغة الدراسة: العربية تاريخ الإقرار: ٢٠٠٩ نوع الدراسة: رسالة جامعية الملخص: في ختام هذه الدراسة يود الباحث أن يقدم خلاصة تشمل النتائج والتوصيات، وذلك على النحو التالي: - أولًا: النتائج ١. إنّ الفكر التربوي الإسلامي المعاصر بحاجة إلى دارسات علمية تسهل نقل ما يمكن نقله من المستوى النظري إلى مستوى التطبيق؛ لكي تستعيد الأمة الإسلامية خصوصيتها الثقافية وجزءًا من هويتها المفقودة. ٢. إنّ أبرز ما أثر في توجيه فكر مقداد يالجن التربوي هو: تدين أسرته، والمتغيرات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية. ٣. إنّ فكر مقداد يالجن تميّز بالآتي: أ. المرونة الفكرية في تعامله مع التراث الإسلامي والإنساني. ب. الأصالة؛ حيث يستند في جملة فكره إلى نصوص الكتاب، والسنة. ج. الإنصاف، ويظهر ذلك من خلال تعامله مع الفلسفة، ومع الطرق الصوفية، ومن تعامله كذلك مع الفكر الغربي (التربوي، والإنساني بصورة عامة) . د. الإبداع والتنوع ويظهر ذلك من خلال استخدامه للقواعد الأصولية في مجال التربية، وتناوله لموضوعات تربوية متنوعة، حيث أنتج كتبًا تخدم الإداريين والمشرفين التربويين والمعلمين والطلبة. ٤. يتسم فكره في المقابل بجوانب قد تكون جوانب قصور تعتري الجهد البشري عادةً مثل: التكرار الذي ربما خرج عن دائرة التسويغ المنهجي، وما يتبع ذلك التكرار من ثبات في بعض الجوانب المحتاجة إلى تطوير، إذ إنّ التطوير المستمر يُعدّ من سمات الفكر الحي المتفاعل الذي يستكشف آفاقًا جديدة تتبدى معها جوانب الخلل في الرؤى والأفكار السابقة، ويظهر هذا الثبات جليًا من خلال تتبع ما كتبه يالجن عن التربية الأخلاقية، إذ لم تحدث تغيرات تذكر في ما كتبه عنها أثناء دراسته وقد يكون من غير المعقول -خاصة في مجال التربية-أن يكون قد استوفى كل ما يتعلق بالتربية الأخلاقية في كتابه "التربية الأخلاقية الإسلامية". وكما سبقت الإشارة في البحث إلى أنّ مضمون الكتاب يتكرر في قدر غير يسير من كتبه، وربما كان الثبات مقبولًا -من وجهة نظر الباحث-من كاتبٍ توقف عن الكتابة، إمّا بسبب الموت أو لأي أسباب أخرى، أمّا من لايزال يؤلف وينتج-ومقداد يالجن واحد من هؤلاء أمدّ الله في عمره-فإنّ الأفكار الجديدة والتطوير تصبح في هذه الحالة من مستلزمات الكتابة. كما لاحظ الباحث وجود إسهاب ربما مبالغ فيه عند تناول بعض القضايا، فهو عند الحديث عن أساليب التربية الإنسانية مثلًا يذكر سبعة وأربعين أسلوبًا يمكن -عند التدقيق والتمحيص- ألا تصل إلى هذا العدد. ومع وجود مثل هذه الملاحظات إلا أنَّ ذلك لا يقلل من الجهد الذي خدم به مقداد يالجن الفكر التربوي الإسلامي المعاصر والآفاق البحثية التي تفتحها مؤلفاته وأبحاثه. ٥. يمكن تجديد الفلسفة وفلسفة التربية -من ثمّ-من خلال المنهج الذي وضعه مقداد يالجن ويتلخص في: أ-دراسة المبادئ الإسلامية من جديد من خلال النصوص الإسلامية (القرآن والسنة الصحيحة) بعيدًا عن الأفكار المذهبية، والحزبية. ب-عدم محاولة فهم المبادئ الإسلامية بالآراء الفلسفية. ج-محاولة فهم المبادئ الإسلامية الخاصة بموضوع معين في ضوء النظام الإسلامي كله من خلال ما توحي به النصوص في مجموعها، وألا يقتصر على جانب واحد منهاٍ. ٦. الحاجة إلى مراجعة القول بأنّ العوامل التي تشكّل السلوك الإنساني تنحصر في العوامل الفطرية، والوراثة، والبيئة، دون التأكيد على أن دور الوراثة قد يكون مساعدًا وليس أساسيًا. كما أنّ حصر أسباب السلوك الإنساني في تلك الأسباب الثلاثة فقط يمكن أن يبرر تهرب الفرد من تحمل المسئولية المترتبة على أفعاله؛ لأنّ سلوكه إنّما هو نتاجٌ لعوامل لم يكن له تدّخل في إيجادها، أو اختيارها. ٧. إنّ ثمّة آراء لمقداد يالجن ربما تحتاج إلى إعادة النظر ومنها: أ-استدلاله على أن اللبن يورث الصفات الخُلُقية بالحديث الذي أورده الهيثمي في مجمع الزوائد، مع أن صاحب الكتاب يضعّف الحديث. ب-وصف بعض الدوافع الفطرية بأنّها ملائكية، أو شيطانية؛ لأنّ ذلك يتعارض مع القول بحيادية الطبيعة الإنسانية الذي يتبناه. ج-استخدامه لعبارة "وجهة نظر الإسلام" أو "رأي الإسلام"، في الوقت الذي يتحدث فيه يالجن عن وجهة نظره في فهم الإسلام، وهذه العبارات قد توحي أيضًا بأنّ الرأي المخالف لا يمثل وجهة نظر إسلامية، مع أنَّه ينطلق من المرجعية الإسلامية. د-تقسيم جوانب التربية الإسلامية إلى جوانب أساسية، وأخرى غير أساسية كما يفهم من كلامه؛ لأنّ ما عده من الجوانب غير الأساسية قد يؤدي نقص الاهتمام بها إلى خللٍ في بناء الشخصية الإسلامية مثل التربية الجهادية، والاقتصادية، والإدارية. ٨. إنّ مقداد يالجن من دعاة أسلمة المعرفة-ومنها المعرفة التربوية-وظهور خلاف في تحديد أيٍّ من المصطلحات هو الأنسب "أسلمة المعرفة" أم "التأصيل الإسلامي للعلوم"، وغيرها من المصطلحات خلاف لفظي لا يؤثر على مضمون الدعوة إلى إعادة بناء المعرفة وفقًا للقيم الإسلامية. ٩. تتلخص خطوات منهج التأصيل الإسلامي للعلوم الإنسانية ومنها التربية بالخطوات التالية: أ-أن يكون الباحث متخصصًا في مجال المعرفة التي يؤصلها. ب-التمكن من المنهج الاستنباطي، إضافةً إلى مناهج البحث الأخرى التي تخدم الباحث. ج-الاستدلال بمصادر التشريع الإسلامي الرئيسة (القرآن والسنة الصحيحة)، مبتدئًا بالاستدلال بالقرآن الكريم، ثمّ السنة الصحيحة، مع مراعاة الجمع في الاستدلال بين القرآن والسنة الصحيحة. د-الرجوع إلى مصادر التشريع الإسلامي الأخرى وهي: الإجماع، والقياس، والاستحسان، والعرف، وسد الذرائع، وشرع من قبلنا ما لم يرد النسخ، والاستصحاب، والمصالح المرسلة، مع معرفة ضوابط استخدامها. هـ-الرجوع إلى التراث الإسلامي، والاستفادة من أراء العلماء المسلمين وإسهاماتهم، ومن ذلك التراث: قواعد أصول الفقه. ١٠. إنّ مذهب مقداد يالجن في تحديد أهداف التربية الإسلامية يتسم بالشمول، وتتحدد تلك الأهداف بالتالي: أ-بناء الفرد المسلم المتكامل جوانب الشخصية. ب-بناء خير أمة أخرجت للناس. ج-بناء خير حضارة إنسانية. ١١. إنّ من جوانب الانعكاسات التطبيقية لفكر مقداد يالجن التربوي الآتي: أ- استخدام المنهجية الإسلامية في دراسة العلوم التربوية. ب-إقرار التربية الأخلاقية بمفهومها الشامل الذي لا ينحصر في إلزام الطلاب بمقرر دراسي يُلقن ليحفظ، ثمّ ينسى بمجرد خروج الطالب من قاعة الامتحان. ج-إقرار التربية الإبداعية. د-تبني الجامعات لعملية التأصيل والتوجيه الإسلامي للعلوم، والمعارف، والفنون، من خلال إنشاء "مركز بحوث التأصيل والتوجيه الإسلامي للعلوم" ويكون هذا المركز في إطار رابطة الجامعات الإسلامية، وتخصيص ميزانية كافية، وتوفير الإمكانات اللازمة؛ كي تتمكن من القيام بدورها في وضع منهج إسلامي في التفكير، والنقد، والتقويم، والقبول، والرد، ومن أجل بناء عقليات حرة ومبدعة تسهم في الرقي بأمتها. ١٢. للتلفيق صور يفترض أن يجتنبها الباحث في الدراسات التربوية وتتلخص هذه الصور في الآتي: الصورة الأولى: تطويع النصوص للاتجاهات. الصورة الثانية: التعسف في تطويع المعلومات وإخضاعها للإسلام. الصورة الثالثة: محاولة التوفيق بين المعلومات والإسلام بأي طريق ممكن مهما حصل من التعسف والتخبط. الصورة الرابعة: إضافة بعض النصوص الإسلامية في البحوث دون الاستناد إليها حقيقةً في بناء وجهة النظر التي توصف بعدذلك بأنّها إسلامية. - ثانيًا: التوصيات إستنادًا إلى نتائج الدراسة فإنّ الباحث يوصي المؤسسات التربوية والأكاديمية بما يلي: ١. الاستفادة من منهج التأصيل الذي وضعه مقداد يالجن في الدراسات التربوية، وإدخال المنهج الأصولي ضمن المناهج المتبعة في الدراسات الإنسانية عند تدريس مناهج البحث. ٢. دراسة إمكانية تضمين التربية الأخلاقية بمفهومها الشامل لتصبح جزءًا أساسيًا في المنهج، ويقترح الباحث أن يسبق ذلك عدة خطوات وهي: أولًا: إعادة النظر في معايير القبول في مهنة التعليم، بحيث لا يلتحق بها إلا من تمثل المعايير أو انطبقت في جملتها عليه. ثانيًا: تحديد جوانب أخلاقية سلوكية (مثل الصدق والأمانة ... إلخ) لكل صف دراسي ابتداءً من الروضة حتى المرحلة الجامعية، لوضع مفردات وأنشطة تخدم موضوعاتها المقررات الدراسية كافة. ثالثًا: تحديد الوسائل والطرق الممكنة لنجاح التربية الأخلاقية في كل مرحلة دراسية، مع مراعاة إشراك الأسرة والمؤسسات المجتمعية الأخرى مثل المسجد والإعلام في ذلك بأقدار متفاوته. رابعًا: تحديد آليات للتواصل الفعال بين المدرسة والأسرة -بوجه خاص-. خامسًا: دراسة آليات التقييم والمتابعة وتحديدها. وما سبق يمكن أن يكون خطوات عامة وكل خطوة تحتاج إلى خطوات ربما يأخذ تنفيذها زمنًا طويلًا. ويكفي هنا لفت الانتباه إلى مثل هذه التربية؛ لعل ذلك يسهم في تكوين إرادة عند أصحاب القرار للالتفات إلى هذه القضية الجوهرية في العملية التعليمية والتربوية. ٣. إدخال التربية الإبداعية في المنهاج الدراسي على نحو إبداعي. ٤. إنشاء "مركز بحوث التأصيل والتوجيه الإسلامي للعلوم" يقوم المتخصصون من خلاله بوضع منهج إسلامي في التفكير، والنقد، والتقويم، والقبول، والرد. ٥. إنشاء مركز لتأهيل الشباب لمهنة الأبوة والأمومة، ويكون هذا المركز بإشراف الجامعة، ويتولى إدارته نخبة من الأكاديمين التربويين، ويقدم هذا المركز عدد من الخدمات التأهيلية مثل: دورات تربوية لطلبة الجامعة. كما يقيم عددًا من الأنشطة والفعاليات التثقيفية، ومنها -على سبيل المثال-برامج تلفزيونية تقدم معلومات عن كيفية رعاية الأبناء. - ثالثًا: المقترحات: ١. استمرار الدراسة في الفكر التربوي لأعلامه المعاصرين. ٢. تصميم وإطلاق موقع إلكتروني تفاعلي خاص بأعلام التربية المعاصرين، بحيث يمثل الموقع مرجعًا للباحثين، وملتقى تناقش فيه القضايا التربوية، ويفضل أن يحتوي الموقع على مكتبة تحتوي أحدث الإصدارات التربوية. _________ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا ملخص لدراسة عن مقداد يالجن وليس في المطبوع
الفكر التربوي عند مقداد يالجن (*) الباحث: أ / رشاد قائد مهدي أحمد الدرجة العلمية: ماجستير الجامعة: جامعة صنعاء بلد الدراسة: اليمن لغة الدراسة: العربية تاريخ الإقرار: ٢٠٠٩ نوع الدراسة: رسالة جامعية الملخص: في ختام هذه الدراسة يود الباحث أن يقدم خلاصة تشمل النتائج والتوصيات، وذلك على النحو التالي: - أولًا: النتائج ١. إنّ الفكر التربوي الإسلامي المعاصر بحاجة إلى دارسات علمية تسهل نقل ما يمكن نقله من المستوى النظري إلى مستوى التطبيق؛ لكي تستعيد الأمة الإسلامية خصوصيتها الثقافية وجزءًا من هويتها المفقودة. ٢. إنّ أبرز ما أثر في توجيه فكر مقداد يالجن التربوي هو: تدين أسرته، والمتغيرات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية. ٣. إنّ فكر مقداد يالجن تميّز بالآتي: أ. المرونة الفكرية في تعامله مع التراث الإسلامي والإنساني. ب. الأصالة؛ حيث يستند في جملة فكره إلى نصوص الكتاب، والسنة. ج. الإنصاف، ويظهر ذلك من خلال تعامله مع الفلسفة، ومع الطرق الصوفية، ومن تعامله كذلك مع الفكر الغربي (التربوي، والإنساني بصورة عامة) . د. الإبداع والتنوع ويظهر ذلك من خلال استخدامه للقواعد الأصولية في مجال التربية، وتناوله لموضوعات تربوية متنوعة، حيث أنتج كتبًا تخدم الإداريين والمشرفين التربويين والمعلمين والطلبة. ٤. يتسم فكره في المقابل بجوانب قد تكون جوانب قصور تعتري الجهد البشري عادةً مثل: التكرار الذي ربما خرج عن دائرة التسويغ المنهجي، وما يتبع ذلك التكرار من ثبات في بعض الجوانب المحتاجة إلى تطوير، إذ إنّ التطوير المستمر يُعدّ من سمات الفكر الحي المتفاعل الذي يستكشف آفاقًا جديدة تتبدى معها جوانب الخلل في الرؤى والأفكار السابقة، ويظهر هذا الثبات جليًا من خلال تتبع ما كتبه يالجن عن التربية الأخلاقية، إذ لم تحدث تغيرات تذكر في ما كتبه عنها أثناء دراسته وقد يكون من غير المعقول -خاصة في مجال التربية-أن يكون قد استوفى كل ما يتعلق بالتربية الأخلاقية في كتابه "التربية الأخلاقية الإسلامية". وكما سبقت الإشارة في البحث إلى أنّ مضمون الكتاب يتكرر في قدر غير يسير من كتبه، وربما كان الثبات مقبولًا -من وجهة نظر الباحث-من كاتبٍ توقف عن الكتابة، إمّا بسبب الموت أو لأي أسباب أخرى، أمّا من لايزال يؤلف وينتج-ومقداد يالجن واحد من هؤلاء أمدّ الله في عمره-فإنّ الأفكار الجديدة والتطوير تصبح في هذه الحالة من مستلزمات الكتابة. كما لاحظ الباحث وجود إسهاب ربما مبالغ فيه عند تناول بعض القضايا، فهو عند الحديث عن أساليب التربية الإنسانية مثلًا يذكر سبعة وأربعين أسلوبًا يمكن -عند التدقيق والتمحيص- ألا تصل إلى هذا العدد. ومع وجود مثل هذه الملاحظات إلا أنَّ ذلك لا يقلل من الجهد الذي خدم به مقداد يالجن الفكر التربوي الإسلامي المعاصر والآفاق البحثية التي تفتحها مؤلفاته وأبحاثه. ٥. يمكن تجديد الفلسفة وفلسفة التربية -من ثمّ-من خلال المنهج الذي وضعه مقداد يالجن ويتلخص في: أ-دراسة المبادئ الإسلامية من جديد من خلال النصوص الإسلامية (القرآن والسنة الصحيحة) بعيدًا عن الأفكار المذهبية، والحزبية. ب-عدم محاولة فهم المبادئ الإسلامية بالآراء الفلسفية. ج-محاولة فهم المبادئ الإسلامية الخاصة بموضوع معين في ضوء النظام الإسلامي كله من خلال ما توحي به النصوص في مجموعها، وألا يقتصر على جانب واحد منهاٍ. ٦. الحاجة إلى مراجعة القول بأنّ العوامل التي تشكّل السلوك الإنساني تنحصر في العوامل الفطرية، والوراثة، والبيئة، دون التأكيد على أن دور الوراثة قد يكون مساعدًا وليس أساسيًا. كما أنّ حصر أسباب السلوك الإنساني في تلك الأسباب الثلاثة فقط يمكن أن يبرر تهرب الفرد من تحمل المسئولية المترتبة على أفعاله؛ لأنّ سلوكه إنّما هو نتاجٌ لعوامل لم يكن له تدّخل في إيجادها، أو اختيارها. ٧. إنّ ثمّة آراء لمقداد يالجن ربما تحتاج إلى إعادة النظر ومنها: أ-استدلاله على أن اللبن يورث الصفات الخُلُقية بالحديث الذي أورده الهيثمي في مجمع الزوائد، مع أن صاحب الكتاب يضعّف الحديث. ب-وصف بعض الدوافع الفطرية بأنّها ملائكية، أو شيطانية؛ لأنّ ذلك يتعارض مع القول بحيادية الطبيعة الإنسانية الذي يتبناه. ج-استخدامه لعبارة "وجهة نظر الإسلام" أو "رأي الإسلام"، في الوقت الذي يتحدث فيه يالجن عن وجهة نظره في فهم الإسلام، وهذه العبارات قد توحي أيضًا بأنّ الرأي المخالف لا يمثل وجهة نظر إسلامية، مع أنَّه ينطلق من المرجعية الإسلامية. د-تقسيم جوانب التربية الإسلامية إلى جوانب أساسية، وأخرى غير أساسية كما يفهم من كلامه؛ لأنّ ما عده من الجوانب غير الأساسية قد يؤدي نقص الاهتمام بها إلى خللٍ في بناء الشخصية الإسلامية مثل التربية الجهادية، والاقتصادية، والإدارية. ٨. إنّ مقداد يالجن من دعاة أسلمة المعرفة-ومنها المعرفة التربوية-وظهور خلاف في تحديد أيٍّ من المصطلحات هو الأنسب "أسلمة المعرفة" أم "التأصيل الإسلامي للعلوم"، وغيرها من المصطلحات خلاف لفظي لا يؤثر على مضمون الدعوة إلى إعادة بناء المعرفة وفقًا للقيم الإسلامية. ٩. تتلخص خطوات منهج التأصيل الإسلامي للعلوم الإنسانية ومنها التربية بالخطوات التالية: أ-أن يكون الباحث متخصصًا في مجال المعرفة التي يؤصلها. ب-التمكن من المنهج الاستنباطي، إضافةً إلى مناهج البحث الأخرى التي تخدم الباحث. ج-الاستدلال بمصادر التشريع الإسلامي الرئيسة (القرآن والسنة الصحيحة)، مبتدئًا بالاستدلال بالقرآن الكريم، ثمّ السنة الصحيحة، مع مراعاة الجمع في الاستدلال بين القرآن والسنة الصحيحة. د-الرجوع إلى مصادر التشريع الإسلامي الأخرى وهي: الإجماع، والقياس، والاستحسان، والعرف، وسد الذرائع، وشرع من قبلنا ما لم يرد النسخ، والاستصحاب، والمصالح المرسلة، مع معرفة ضوابط استخدامها. هـ-الرجوع إلى التراث الإسلامي، والاستفادة من أراء العلماء المسلمين وإسهاماتهم، ومن ذلك التراث: قواعد أصول الفقه. ١٠. إنّ مذهب مقداد يالجن في تحديد أهداف التربية الإسلامية يتسم بالشمول، وتتحدد تلك الأهداف بالتالي: أ-بناء الفرد المسلم المتكامل جوانب الشخصية. ب-بناء خير أمة أخرجت للناس. ج-بناء خير حضارة إنسانية. ١١. إنّ من جوانب الانعكاسات التطبيقية لفكر مقداد يالجن التربوي الآتي: أ- استخدام المنهجية الإسلامية في دراسة العلوم التربوية. ب-إقرار التربية الأخلاقية بمفهومها الشامل الذي لا ينحصر في إلزام الطلاب بمقرر دراسي يُلقن ليحفظ، ثمّ ينسى بمجرد خروج الطالب من قاعة الامتحان. ج-إقرار التربية الإبداعية. د-تبني الجامعات لعملية التأصيل والتوجيه الإسلامي للعلوم، والمعارف، والفنون، من خلال إنشاء "مركز بحوث التأصيل والتوجيه الإسلامي للعلوم" ويكون هذا المركز في إطار رابطة الجامعات الإسلامية، وتخصيص ميزانية كافية، وتوفير الإمكانات اللازمة؛ كي تتمكن من القيام بدورها في وضع منهج إسلامي في التفكير، والنقد، والتقويم، والقبول، والرد، ومن أجل بناء عقليات حرة ومبدعة تسهم في الرقي بأمتها. ١٢. للتلفيق صور يفترض أن يجتنبها الباحث في الدراسات التربوية وتتلخص هذه الصور في الآتي: الصورة الأولى: تطويع النصوص للاتجاهات. الصورة الثانية: التعسف في تطويع المعلومات وإخضاعها للإسلام. الصورة الثالثة: محاولة التوفيق بين المعلومات والإسلام بأي طريق ممكن مهما حصل من التعسف والتخبط. الصورة الرابعة: إضافة بعض النصوص الإسلامية في البحوث دون الاستناد إليها حقيقةً في بناء وجهة النظر التي توصف بعدذلك بأنّها إسلامية. - ثانيًا: التوصيات إستنادًا إلى نتائج الدراسة فإنّ الباحث يوصي المؤسسات التربوية والأكاديمية بما يلي: ١. الاستفادة من منهج التأصيل الذي وضعه مقداد يالجن في الدراسات التربوية، وإدخال المنهج الأصولي ضمن المناهج المتبعة في الدراسات الإنسانية عند تدريس مناهج البحث. ٢. دراسة إمكانية تضمين التربية الأخلاقية بمفهومها الشامل لتصبح جزءًا أساسيًا في المنهج، ويقترح الباحث أن يسبق ذلك عدة خطوات وهي: أولًا: إعادة النظر في معايير القبول في مهنة التعليم، بحيث لا يلتحق بها إلا من تمثل المعايير أو انطبقت في جملتها عليه. ثانيًا: تحديد جوانب أخلاقية سلوكية (مثل الصدق والأمانة ... إلخ) لكل صف دراسي ابتداءً من الروضة حتى المرحلة الجامعية، لوضع مفردات وأنشطة تخدم موضوعاتها المقررات الدراسية كافة. ثالثًا: تحديد الوسائل والطرق الممكنة لنجاح التربية الأخلاقية في كل مرحلة دراسية، مع مراعاة إشراك الأسرة والمؤسسات المجتمعية الأخرى مثل المسجد والإعلام في ذلك بأقدار متفاوته. رابعًا: تحديد آليات للتواصل الفعال بين المدرسة والأسرة -بوجه خاص-. خامسًا: دراسة آليات التقييم والمتابعة وتحديدها. وما سبق يمكن أن يكون خطوات عامة وكل خطوة تحتاج إلى خطوات ربما يأخذ تنفيذها زمنًا طويلًا. ويكفي هنا لفت الانتباه إلى مثل هذه التربية؛ لعل ذلك يسهم في تكوين إرادة عند أصحاب القرار للالتفات إلى هذه القضية الجوهرية في العملية التعليمية والتربوية. ٣. إدخال التربية الإبداعية في المنهاج الدراسي على نحو إبداعي. ٤. إنشاء "مركز بحوث التأصيل والتوجيه الإسلامي للعلوم" يقوم المتخصصون من خلاله بوضع منهج إسلامي في التفكير، والنقد، والتقويم، والقبول، والرد. ٥. إنشاء مركز لتأهيل الشباب لمهنة الأبوة والأمومة، ويكون هذا المركز بإشراف الجامعة، ويتولى إدارته نخبة من الأكاديمين التربويين، ويقدم هذا المركز عدد من الخدمات التأهيلية مثل: دورات تربوية لطلبة الجامعة. كما يقيم عددًا من الأنشطة والفعاليات التثقيفية، ومنها -على سبيل المثال-برامج تلفزيونية تقدم معلومات عن كيفية رعاية الأبناء. - ثالثًا: المقترحات: ١. استمرار الدراسة في الفكر التربوي لأعلامه المعاصرين. ٢. تصميم وإطلاق موقع إلكتروني تفاعلي خاص بأعلام التربية المعاصرين، بحيث يمثل الموقع مرجعًا للباحثين، وملتقى تناقش فيه القضايا التربوية، ويفضل أن يحتوي الموقع على مكتبة تحتوي أحدث الإصدارات التربوية. _________ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا ملخص لدراسة عن مقداد يالجن وليس في المطبوع
Неизвестная страница
مقدمة
مقدمة عامة للموسوعة
مدخل
...
مقدمة عامة للموسوعة
في هذه المقدمة سنتكلم عن دوافع إنجاز هذه الموسوعة كما سنتكلم عن أهمية الأخلاق وأهمية التربية الأخلاقية للأفراد والجماعات والشعوب على حد سواء.
ولإدراكي لهذه الأهمية فقد كرست جزءًا كبيرًا من حياتي لها، حيث استغرقت الدراسات الأخلاقية ثماني سنوات متواصلة من عمري، وكنت متفرغًا فيها لهذه الدراسة، ولم أكن قد تزوجت، ولم تكن لي في الوقت نفسه وظيفة، ولهذا كان جل وقتي منصبًّا على هذه الدراسة، وكان الدافع الأساسي إلى هذه الدراسة هو رؤيتي المشكلات الاجتماعية وتحليلي لأسبابها وبخاصة مشكلة ازدياد الجرائم الظاهرة والباطنة في الحياة الاجتماعية العامة وفي الإدارات أو الدوائر الحكومية، وبالذات في مجال التربية والتعليم، وبخاصة تلك الجرائم والانحرافات الخطيرة التي تفتك بكيان الدولة والمجتمع من الناحية الاقتصادية والوظيفية والاجتماعية، ذلك أنها تثير العداوة والبغضاء والصراعات الاجتماعية بسبب انتشار الاختلاسات الظاهرة والباطنة من أموال الدولة من قبل بعض الموظفين، وبسبب انتشار الظلم والمحاباة والرشوة والغش والتزوير وما أشبه ذلك، وهي كلها ترجع أساسًا إلى النقص الخلقي.
وعندما نظرت إلى المنحرفين والمفسدين الذين يفسدون ويرتكبون جرائم تتسع آثارها وتمتد على نطاق واسع وجدتهم من المتعلمين الذين تخرجوا في المدارس والمعاهد والجامعات، فقلت: ألم يتعلم هؤلاء الأخلاق في المدارس؟، ونظرت إلى المناهج التعليمية، فوجدتها تفتقد هذه الدراسات الأخلاقية بصفة عامة، ووجدت أيضا في بعض البلاد
1 / 1
الأخلاقيات تدرس باعتبارها عادات وتقاليد وأعرافًا سائدة في المجتمع، وهي تتغير بحسب الزمان والمكان، وهي تقوم على دراسات نقدية توجه أحيانًا ضد الأخلاق والقيم بأنها تقاليد وأعراف اجتماعية لا تحمل في ذاتها قيمة ثابتة كما تحمل القوانين العلمية التي تنطوي على قيمتها في ذاتها، وبخاصة فإنها تقرر أحيانًا في بعض الجامعات والمدارس بطريقة غير موجهة، وعلى هذا الأساس تدرس من زوايا وآراء فلسفية مختلفة ومتناقضة بين آراء الغربيين والشرقيين مما يجعل الطلاب في حيرة، ويقولون: أين الحق؟ أليست هناك حقائق أخلاقية ثابتة؟ هل هي مجرد آراء متضاربة ومتناقضة؟ إن مثل هذه الدراسات الأخلاقية تهون من شأن القيم الأخلاقية إذ إنها بدلًا من أن تدفع الناس إلى التمسك بها تقتل روح هذا التمسك في نفوس المتعلمين، وغيابها قد يكون أفضل من وجودها.
وزاد اقتناعي بأهمية تعليم الأخلاق وبأهمية التربية الأخلاقية نتيجة بعض الوقائع حيث علمت من خلالها أن مجرد الاهتمام بالعلوم والتقدم فيها لا يصلح شيئًا من النفوس، ولا يساعد على انتشار الأخلاق وقيمتها في حياة الأفراد والجماعات.
فمن تلك الوقائع مثلًا: كنت سألت عن حال مدينة كنت زرتها منذ عشرة سنوات من حيث الصلاح والفساد، فقال الذي يتردد عليها: لقد انتشر الفساد فيها انتشارًا فظيعًا، فلما استفسرت عن السبب، قال السبب هو إنشاء الجامعة فيها، فقلت: هل الجامعة تكون سببًا للفساد؟ إن هذا لَتفسير عجيب، فالجامعة مفروض أن تكون منار إصلاح وإشعاع نور وهداية وتهذيب الأخلاقيات
1 / 2
فقال: الأمر ليس كذلك، ولما استفسرت عن بقية الموضوع قيل لي إنها جامعة علمية لا تبالي بالأخلاق ولا بالقيم والآداب بل تفسد أخلاقيات الشباب؛ لأنها تسمح بالاختلاط بين الجنسين بدون حدود في الشواطئ ومرافق الجامعة ومساكنها، والاختلاء في الغرف المخصصة من أجل المذاكرة، ولقرب غرف نوم الطلاب والطالبات في المبنى الواحد لا مانع من الاختلاء بحكم الزمالة والمذاكرة.
ومن تلك الوقائع أيضًا ما حصل أثناء زيارتي لإحدى المدن الشهيرة، وأثناء زيارتي ونحن نطوف بأرجائها كنا نمر من جوار سور كبير، فسألت الذي يطوف بي عن السور وعما بداخله فقال: إن أكبر المجرمين من اللصوص والقتلة والخونة في المجتمع يتربون في داخل هذا السور، فقلت: عجبًا كيف يكون هذا؟ ألا تعلم الدولة ذلك؟ قال: بلى، إن الدولة هي التي تربيهم كذلك، فزادت دهشتي، فقلت: يا رجل اشرح كلامك كيف يكون هذا؟ فقال: إن بداخله جامعة كذا، فقلت: وهل الجامعة تربي اللصوص والمجرمين؟ قال: نعم، وقال: ألا ترى الذين يسرقون من الأموال العامة، والذين يأخذون الرشاوى، والذين يزورون الوثائق في الدوائر هم من خريجي الجامعة؟ ثم بدأ يعرض بعض التفصيلات، من ذلك كيف أن أحد المحامين سبب إفلاسه بسبب حادثة مرورية، أعطاه مبلغًا من المال ليدافع عنه، فأخذ مالًا من خصمه، فحول القضية إلى قضية استمرت شهورًا حتى أفلس.
ومثال آخر مرضت زوجته وأخذها إلى طبيب، فطلب منه مبلغًا كبيرًا ليعمل لها عملية؛ لأن حالتها خطيرة تستدعي عملية عاجلة، فدفع المبلغ ثم أجرى العملية وتوفيت الزوجة على أثرها. وبعد ذلك تبين أن الحالة كانت بسيطة وما كانت تستدعي العملية، وإنما أجراها من أجل المال، قال محدثي: هذا مثل من أعمال هؤلاء الذين تخرجوا في هذه الجامعة قتلوا امرأتي وسرقوا أموالي باسم
1 / 3
العملية وباسم المحاماة.
وإني بدروي أذكر ما يشبه هذه الوقائع، كما يمكنني ذكر عشرات الأمثلة مما شاهدت وقرأت وعلمت عن طريق محادثة بعض رجال الدولة تحدثوا عن مثل تلك الجرائم الواقعة من موظفي الدولة أيضًا.
وبعد أن اقتنعت بأهمية الأخلاق في حياة الفرد والمجتمع والدولة، اقتنعت بالأهمية نفسها بأن كل إصلاح فردي واجتماعي يجب أن يبدأ من تعليم الأخلاق بطريقة خاصة حسب اتجاه وتوجيهات وأهداف تبدأ من منطلقات ومسلمات تدفع إلى التمسك بالأخلاق وتساعد على الالتزام بها لدى المتعلمين.
ولهذا اتجهت لدراسة الأخلاق من منطلق الاتجاه الإسلامي؛ لأن الدراسات الأخلاقية إن لم تكن موجهة ولم تقم على عقيدة وإيمان ثابت بقيمتها تفقد قيمتها التربوية.
ولهذا فإن كثيرًا من الدراسات الأخلاقية عندما بدأت من منطلق اجتماعي بأنها ظاهرة اجتماعية والمجتمع من حقه أن يغير أخلاقياته؛ لأنه سيد الأوضاع ولا ضير في تغيير الأخلاقيات، ثم لم تقم على عقيدة أو أساس ديني نتيجة؛ لذلك فقدت تلك الدراسات قيمتها ولم تؤثر في نفوس الأجيال، وبخاصة إذا اختلطت مفاهيمها بمفاهيم العادات والتقاليد التي لا يخسر المجتمع بتغيرها أو تعديلها، أما الأخلاق في نظر الإسلام فهي سيد المجتمع، فالمجتمع يجب أن يخضع لها بدلًا من أن تخضع الأخلاق للمجتمع.
ولهذا كله فإن التعليم الأخلاقي والتربية الأخلاقية يجب أن يأخذا أهميتهما بقدر أهمية العلوم في المدارس والجامعات على أقل تقدير.
1 / 4
أهداف تعليم الأخلاق
مدخل
...
أهداف تعليم الأخلاق:
إن التعليم حسب أهداف محددة يجب تحقيقها من خلال أساليب التدريس وبوسائلها الخاصة التي تؤدي إلى تحقيقها، فالأهداف بمثابة معايير من خلالها نعرف تحققها أو عدم تحققها ونستطيع تقويم أساليب تعليمها.
وأهم أهداف تعليم الأخلاق في الاتجاه الإسلامي هي ما يلي:
١- بيان حقائق القيم الأخلاقية الإسلامية ومبادئها وميادينها.
٢- التبصير بشمولية روح الأخلاق الإسلامية على كل تصرفات وسلوكيات الناس الفردية والاجتماعية.
٣- إبراز أهمية وأثر القيم الأخلاقية الإسلامية من الناحية العلمية والاجتماعية والإنسانية والحضارية المادية والمعنوية.
٤- إظهار خصائص ومميزات القيم الإسلامية بالنسبة إلى الأخلاقيات البشرية الوضعية.
٥- وضع المعايير الخلقية الإسلامية أمام المتعلمين؛ ليستطيعوا توجيه سلوكهم وتقويم السلوكيات في ضوئها.
٦- تكوين القناعة بثبات القيم الأخلاقية الإسلامية، وأنها ليست خاضعة للتغيرات الاجتماعية، بل إن التغيير والتكوين الاجتماعي يجب أن يخضع لهذه القيم.
٧- تكوين الإيمان بالعلاقات الثابتة والمتينة بين العقيدة الإسلامية والقيم الأخلاقية الإسلامية.
1 / 5
٨- الإشعار بأن تعليم الأخلاق لا يعني مجرد توصيل المعلومات الأخلاقية إلى الأذهان فقط، بل يعني الإشعار بالمسئولية الأخلاقية وبتطهير النفوس وتزكيتها من الرذائل والشرور وتحليتها بالفضائل ومكارم الأخلاق.
٩- تكوين الشعور بالمحبة للفضائل والكراهية والنفور من الرذائل والشرور.
١٠- تنمية الميول نحو العمل بالقيم الأخلاقية، والدعوة إليها ما استطاع المعلم إلى ذلك سبيلًا في المدرسة وخارجها.
ولا بد مع ذلك من تعليم الأخلاق في إطار معايير ثابتة بها يعرف الدارس القيم الأخلاقية وبها يستطيع أن يميز بين العادات والتقاليد وبين القيم الأخلاقية.
وقد بينا تلك المعايير بشئ من التفصيل وقسمناها إلى قسمين: معايير الأخلاق الإسلامية في الجزء الأول من هذه الموسوعة، ومعايير التربية الأخلاقية في الجزء الثاني منها.
ولكي يكون التعليم الأخلاقي مؤثرًا في السلوك الأخلاقي لا بد من تحقيق الأمرين، الأول: دراسة الأخلاق من حيث كونها علمًا من العلوم الإسلامية، والقسم الثاني: التربية الأخلاقية الإسلامية. وهذا النوع من الدراسات للأخلاق الإسلامية تميزت به هذه الموسوعة عن غيرها من الدراسات الأخلاقية الأخرى التي تقتصر على الجانب الأول، ولا تتناول القسم الثاني إلا قليلًا، كما سنتناول في الجزء الثالث نظام الأخلاق الإسلامي.
ولهذا فإن هذه الدراسة -من هذه الزاوية- تعد من أوسع الدراسات الأخلاقية من حيث الشمولية على الجوانب الثلاثة المهمة.
والآن أرى من الأهمية أن أتعرض لأهمية كل جانب.
1 / 6
أولا: أهمية الأخلاق:
ونذكر جوانب هذه الأهمية في النقط الآتية:
١- أهمية الأخلاق باعتبارها من أفضل العلوم وأشرفها، ذلك أن علم الأخلاق- بالتعريف المختصر- هو علم الخير والشر والسلوك النافع والضار، والطيب والخبيث، ولهذا عندما يحاول بعض العلماء بيان قيمة علم الأخلاق بالنسبة للعلوم الأخرى فمنهم من يقول: إنه إكليل العلوم جميعًا، ومنهم من يقول: إنه تاج العلوم، ومنهم من يقول: إنه زبدة العلوم، ذلك أن العلوم الأخرى أساسا تساعد على الأخلاق في الكشف عن الخير والشر، وعن النافع والضار، وهما موضوع الأخلاق، ولهذا أيضًا فإن علم الأخلاق يستخدم العلوم الأخرى في الكشف عن مهمته وتحقيق أهدافه، وتعتبر تلك العلوم وسائل معينة لتحقيق هذا العلم.
٢- إن السلوكيات الأخلاقية وآدابها هي التي تميز سلوك الإنسان عن سلوك البهائم سواء في تحقيق حاجاته الطبيعية أو في علاقاته مع غيره من الكائنات الأخرى، فالآداب زينة الإنسان من حيث الجنس والأكل والشرب والنظافة، وتذوق السلوك الجميل وتمييزه عن السلوك القبيح، والبحث عن أفضل العلاقات وأحسنها في المعاشرة والمحادثة والتعاون والتآلف وتبادل المحبة والإكرام والإحسان والتراحم والتعاطف وغيرها.
ولهذا فالآداب الأخلاقية زينة الإنسان وحليته الجميلة، وبقدر ما يتحلى بها الإنسان يضفي على نفسه جمالا وبهاء، وقيمة إنسانية.
1 / 7
أهمية الأخلاق من حيث إن هدفها تحقيق السعادة في الحياة الفردية والجماعية.
ذلك أن الحياة الأخلاقية هي الحياة الخيرة البعيدة عن الشرور بجميع أنواعها وصورها، فكلما انتشرت هذه الحياة انتشر الخير والأمن والأمان الفردي والاجتماعي، وتنتشر أيضًا الثقة المتبادلة والألفة والمحبة بين الناس، وكلما غابت هذه الحياة انتشرت الشرور وزادت العداوة والبغضاء، والنفور والتناحر والتكالب من أجل المناصب، ومن أجل المادة والشهوات، والشرور أصلًا سبب التعاسة والشقاء في حياة الفرد والجماعة، ولذا قال أحد الأخلاقيين الغربيين: إن الحياة من غير قيم -وإن كانت حلوة على الشفاه- فإنها مرة على القلوب والنفوس؛ ولهذا أيضًا عندما يتكلم بعض علماء النفس عن عذاب الوجدان، يقولون: إنها لظى جحيم يعض قلوبنا ليلا ونهارا، ولهذا يرجع بعض علماء النفس الأمراض النفسية إلى عذاب الوجدان، ويقول: إن كل مرض نفسي يبدو وراءه نقص خلقي.
٤- أهمية الأخلاق من حيث إنها وسيلة لنجاح الإنسان في الحياة.
ذلك أن الإنسان الشرير والغاش والمعتدي على أعراض الناس وأموالهم أو على أنفسهم، أو الذي يؤذي الآخرين لا يكون محبوبًا أولًا بين الناس، ولا يثقون به، ولا يتعاملون معه، ثم أن الغشاش لا بد من أن ينكشف غشه وخداعه في يوم من الأيام إن عاجلا أو آجلا، وعندما يعلم أمره يعاقب أو يبعد عن وظيفته وإن كان تاجرًا لا يتعامل الناس معه وهذا يؤدي إلى فشله.
والطالب إذا غش فإنه لا بد من أن ينكشف أمره إما في أيام الامتحانات
1 / 8
أو بعد أن يتولى الوظيفة؛ لأن الغشاش يستخدم غشه ونيته السيئة أينما كان وسوف ينكشف أمره، ولهذا قال الشاعر:
ومهما تكن عند امرء من خليقة ... وإن خالها تخفى على الناس تعلم
ثم إن الطالب الذي يغش في الامتحان سوف يعتمد على الغش، وهذا يؤدي إلى ضعف تكوينه العلمي ويظهر ذلك بعد التخرج وبعد ما يتولى وظيفته.
٥- أهمية الأخلاق من حيث إنها وسيلة مهمة للنهوض بالأمة:
ذلك أن سقوط الأمم والحضارات كثيرًا ما ترجع أسبابها إلى الانهيار الأخلاقي فيها، كما قررها بعض المؤرخين مثل جيبون وابن خلدون.
الأخلاقيات الهدامة كثيرة منها: الظلم ونقض العهود والتناحر من أجل السلطة والعدوانية والتخريب، أما إذا انتشرت الروح الأخلاقية كالتضحية في خدمة الأمة وروح الإخاء والتعاون وتحقيق المساواة والعدالة الشاملة وتنفيذ العهود، سوف تؤدي إلى التقدم، ونجد أفراد الأمة يخترعون ويبدعون ويتفاخرون بتقدم أمتهم، ثم إن التقدم يكون نتيجة سيادة الأمن والاستقرار في المجتمع، ولا يتحقق هذا وأمثاله إلا بانتشار الأخلاق والروح الخيرة والتعاون المثمر والقيام بالواجبات والأعمال والصناعات كما ينبغي ويجب.
والحقيقة أني ما كنت أدرك سر أهمية الأخلاق في تقدم الأمم ونهضتها، وكان مفتاح الوقوف على السر هو قراءتي لحوار جرى مع وزير التعليم الياباني قبل عشرين سنة تقريبًا فيسأل الصحفي الوزير ويقول: ما سر تقدم اليابان هذا
1 / 9
التقدم؟ فقال الوزير: السر يرجع إلى تربيتنا الأخلاقية وسيلة للنهوض بالأمة على ذلك النحو، وبعد دراسة متعمقة لمناهج التعليم الياباني فيما يتعلق بالتربية الأخلاقية في المراحل المختلفة علمت السر وعرفت قيمة هذه التربية.
التربية الأخلاقية والآن لننتقل إلى بيان أهمية التربية الأخلاقية، التي من أجلها خصصت الجزء الثاني من هذه الموسوعة لدراسة أهمية هذه التربية، أهمية التربية الأخلاقية. تكمن أهمية التربية الأخلاقية بالنسبة لعلم الأخلاق من حيث إن وظيفة علم الأخلاق الكشف عن الخير والشر، أو التعريف بهما وبيان مواضعهما في الحياة والسلوك، لكن معرفة الإنسان بالخير والشر غير كافية للالتزام بالأول وتجنب الثاني. والخطأ التربوي نشأ من هنا أصلا، ذلك أن بعض المربين ظنوا خطأ قديمًا بأن العلم بالخير كافٍ للإتيان به، والعلم بالشر كافٍ لتجنبه، ولهذا كانوا يرون أن تعليم الأخلاق كعلم يكفي لتمسك المتعلمين بالأخلاقيات، ولكن خطأ ذلك تبين لدى كثير من المربين بعد ذلك بأن العلم بالخير غير كافٍ لإتيانه، والعلم بالشر غير كاف لتجنبه، ذلك أن بعض الناس يعرفون أضرار بعض السلوكيات مثل: مدمني المخدرات والخمور والسجائر، فإنهم يعرفون باليقين أضرارها عن طريق التجربة ومعاناة ويلاتها، ومع ذلك لا يستطيعون تركها، وإن بعض الناس يعرفون خيرية الفضائل ومع ذلك لا يستطيعون فعلها، وذلك بسبب ضعف إرادتهم أو لعدم قدرتهم على مقاومة أهوائهم أو لعدم استطاعتهم مواجهة
التربية الأخلاقية والآن لننتقل إلى بيان أهمية التربية الأخلاقية، التي من أجلها خصصت الجزء الثاني من هذه الموسوعة لدراسة أهمية هذه التربية، أهمية التربية الأخلاقية. تكمن أهمية التربية الأخلاقية بالنسبة لعلم الأخلاق من حيث إن وظيفة علم الأخلاق الكشف عن الخير والشر، أو التعريف بهما وبيان مواضعهما في الحياة والسلوك، لكن معرفة الإنسان بالخير والشر غير كافية للالتزام بالأول وتجنب الثاني. والخطأ التربوي نشأ من هنا أصلا، ذلك أن بعض المربين ظنوا خطأ قديمًا بأن العلم بالخير كافٍ للإتيان به، والعلم بالشر كافٍ لتجنبه، ولهذا كانوا يرون أن تعليم الأخلاق كعلم يكفي لتمسك المتعلمين بالأخلاقيات، ولكن خطأ ذلك تبين لدى كثير من المربين بعد ذلك بأن العلم بالخير غير كافٍ لإتيانه، والعلم بالشر غير كاف لتجنبه، ذلك أن بعض الناس يعرفون أضرار بعض السلوكيات مثل: مدمني المخدرات والخمور والسجائر، فإنهم يعرفون باليقين أضرارها عن طريق التجربة ومعاناة ويلاتها، ومع ذلك لا يستطيعون تركها، وإن بعض الناس يعرفون خيرية الفضائل ومع ذلك لا يستطيعون فعلها، وذلك بسبب ضعف إرادتهم أو لعدم قدرتهم على مقاومة أهوائهم أو لعدم استطاعتهم مواجهة
1 / 10
الصعوبات التي لا بد من اجتيازها ليكون الإنسان فاضلا خيِّرا.
فمن هنا بات من الضروري تذوق التربية الأخلاقية التي مهمتها الأولى تنشئة الأجيال على السلوكيات الخيِّرة والآداب الاجتماعية النبيلة، وبناء قوة الإرادة، وبناء الروح الخيِّرة القوية الدافعة إلى الخير، ثم تكوين قناعة عقلية علمية بتلك القيم عن علم وبصيرة وإلى التضحية من أجل ذلك، عن وعي كامل لكل ما يترتب على فعله وعلى تركه.
ولهذا كله أرى الإشارة إلى أهمية أهم جوانب التربية الأخلاقية فيما يلي:
أهمية التربية الأخلاقية: ١- إنها خير وسيلة للقضاء على مشكلة ازدياد الجرائم والانحرافات بجميع أشكالها وألوانها؛ لأن وظيفة التربية الأخلاقية بناء جيل ملتزم بالخير متجنب للشرور والجرائم الناشئة عن الشرور الروح الإجرامية. ٢- إنها خير وسيلة لبناء خير فرد وخير مجتمع وخير دولة وخير حضارة إنسانية، ذلك أن أهم وظيفتها إزالة الشرور من النفوس، وتكوين الروح الخيرية في النفوس. ٣- إنها ضرورية لتحقيق التماسك والتجانس الاجتماعي لتحقيق النهضة الاجتماعية القوية، ذلك أن من أسباب تمزيق وحدة المجتمع والأسر والأخوة هي: الشرور وعدم مراعاة الحقوق، فانتشار العداوة والظلم بين الناس يمزق البناء الاجتماعي مهما كان صغيرا أو كبيرًا، والتربية الأخلاقية الإسلامية تبعد الناس عن العدوان والشرور وإزالة هذه الشرور بين الناس ومن المجتمعات.
أهمية التربية الأخلاقية: ١- إنها خير وسيلة للقضاء على مشكلة ازدياد الجرائم والانحرافات بجميع أشكالها وألوانها؛ لأن وظيفة التربية الأخلاقية بناء جيل ملتزم بالخير متجنب للشرور والجرائم الناشئة عن الشرور الروح الإجرامية. ٢- إنها خير وسيلة لبناء خير فرد وخير مجتمع وخير دولة وخير حضارة إنسانية، ذلك أن أهم وظيفتها إزالة الشرور من النفوس، وتكوين الروح الخيرية في النفوس. ٣- إنها ضرورية لتحقيق التماسك والتجانس الاجتماعي لتحقيق النهضة الاجتماعية القوية، ذلك أن من أسباب تمزيق وحدة المجتمع والأسر والأخوة هي: الشرور وعدم مراعاة الحقوق، فانتشار العداوة والظلم بين الناس يمزق البناء الاجتماعي مهما كان صغيرا أو كبيرًا، والتربية الأخلاقية الإسلامية تبعد الناس عن العدوان والشرور وإزالة هذه الشرور بين الناس ومن المجتمعات.
1 / 11
٤- إنها ضرورية كوسيلة لتحقيق السعادة في الحياة الاجتماعية، ذلك أن الشقاء والتعاسة الاجتماعية ناشئة عن الشرور وانتشار الانحراف والرعب في الحياة الاجتماعية، والتربية الأخلاقية تربي الناس على إزالة الشرور والفتن، وعلى نشر المحبة في الحياة الاجتماعية لأجل تحقيق السعادة في المجتمع، كما أنها تربي الأجيال على المسارعة في الخيرات، والاستباق فيها كما يتسابق الناس في ميادين الألعاب وغيرها، والسعادة تتحقق من سيادة الخير وزوال الشرور.
٥- إنها ضرورية لبناء دولة قوية منظمة يعمل موظفوها بأمانة ونزاهة وإخلاص، ذلك أن أية دولة تقوم على الانحلال وفساد الأخلاق فإن عمرها يكون قصيرًا، ولا يهنأ فيها رجال الدولة ولا المواطنون، وعلى العكس من ذلك فإن قامت الدولة على الأسس الأخلاقية وفي ضوئها إذا انتشرت العدالة والمساواة فإن المواطنين يصبحون جنودًا للخير وللدولة، يعملون بإخلاص لبقائها والحفاظ عليها، ونتيجة لذلك تثق الدولة بالمواطنين ويثق المواطنون برجال الدولة.
٦- إنها ضرورية لصيانة الأجيال من تسرب الفساد إلى نفوسهم.
ومن جوانب أهمية التربية الأخلاقية أنها تعمل من البداية على صيانة النشء من تسرب الجراثيم الأخلاقية في نفوسهم، وتعمل لخلع جذور الشرور منها وتزكيتها من النيات والغايات السيئة التي إذا رسخت فيها أدت إلى الانحرافات الأخلاقية إن عاجلًا أو آجلًا، كما تعمل هذه التربية بوسائلها الخاصة تكوين حصانة لدى النشء ضد الإصابة بالأمراض الأخلاقية حتى إذا وقعوا في بيئة فاسدة لا يتأثرون بفسادها، كما أن الإنسان المحصن ضد الأمراض لا يتأثر بالأمراض المنتشرة كما يتأثر غير المحصن ضدها.
1 / 12
أهمية النظام الأخلاقي الإسلامي
وفيما يتعلق بأهمية النظام الأخلاقي الإسلامي الذي سوف يجسده الجزء الثالث يمكن التعبير عنها بإيجاز على النحو التالي:
١- أن هذا النظام سوف يبرز أولًا المثل العليا لكل عامل في كل مجال.
وتلك المثل نحن بحاجة إليها في كل ميدان ليعرف كل فرد مدى اقترابه أو ابتعاده عن تلك المثل في الميادين المهمة في الحياة الاجتماعية.
٢- أن هذا النظام في ضوء تلك المثل سوف يوضح الأخلاقيات الخاصة بكل عامل في كل ميدان في ميدان الإدارة والصناعة والتجارة والسياسة.
٣- أن هذا النظام عندما يتحول إلى التطبيق عن طريق التربية الأخلاقية الشاملة لكل فرد من أفراد المجتمع عن طريق التربية الإلزامية سوف يكون الشعور بالمسئولية الأخلاقية في ضوء المعايير الأخلاقية في بناء الشخصيات.
تبقى بعد ذلك كله في هذه المقدمة لا بد من الإشارة إليها، وهي أن هذه الموسوعة منظمة أساسًا على أساس الموضوعات لا على أساس الحروف الأبجدية؛ لأنها دراسة موضوعية، الهدف منها تغطية الحاجات في الدراسات الأخلاقية، ويمكن تدريسها ضمن المقررات الدراسية.
ولسهولة الرجوع إلى الموضوعات سوف نضع في النهاية فهرسًا أبجديًّا لتحقيق الهدفين: هدف الدراسة الموضوعية وهدف التنظيم الأبجدي.
والآن بعد هذه المقدمة العامة لننتقل إلى الجزء الأول في عرضه، ثم معالجة موضوعاته.
المؤلف
1 / 13
المنهج وتطبيقه
مدخل
...
المنهج وتطبيقه
إن دراسة أي اتجاه في موضوع معين يتطلب معرفة الفلسفة التي ينتمي إليها والتي تحدد طبيعته سواء كان هذا الاتجاه خاصًّا بالتقييم أو التنظيم أو التفسير أو العرض.
وإذا كان الاتجاه الإسلامي في الأخلاق ينبع من فلسفة الإسلام عمومًا، فلا بد إذن من معرفة هذه الفلسفة أولا، حتى نستطيع تحديد الجانب الأخلاقي منها علمًا بأن الدراسات الأخلاقية من ضمن الدراسات الفلسفية عمومًا.
إذن ما هي الفلسفة الإسلامية؟
لا أريد من هذا السؤال أن أتعرض لدراسة الفلسفة الإسلامية دراسة شاملة هنا إذ ليس هذا مجالها، ولكن لا بد من أن أعرض فهمي لها -باعتباري باحثًا في موضوع من موضوعاتها- ليكون اتجاهي نحوها واضحًا، ولكي يمكن تفسير كلامي في هذا الموضوع بالذات في ضوئها، وإذن يمكن تعريف الفلسفة الإسلامية بأنها تلك القضايا النظرية التي تتعلق بحقائق الوجود عمومًا من جهة، وتبين للإنسان مركزه في هذا الكون وعلاقته بالكائنات المحيطة به من جهة أخرى، وتحدد نظام حياته من جهة ثالثة، وهي تعتمد في كل ذلك على الوحي لا على البحث والتنقيب، وتنبع من رسالة الإسلام نفسها، إذن هي تشمل العقيدة والأخلاق والسياسة والاقتصاد وما إلى ذلك.
ولكن الفلسفة الإسلامية التي أقصدها -كما يتبادر من التعريف السابق- ليست تلك الفلسفة التقليدية المعروفة التي تدرس حاليا وتسمى بالفلسفة الإسلامية فإن هذه الفلسفة الأخيرة تعتبر -في نظري- فلسفة فلاسفة المسلمين
1 / 14
وليست فلسفة إسلامية حقًا؛ لأنها- كما رأيتها- أمشاج من الآراء والأفكار التي تمثل آراء الفلاسفة المسلمين ممن تأثروا بالنظريات الفلسفية الأجنبية وبالفكر الإسلامي وبما اخترعوا نتيجة لهذا وذاك من آراء خاصة بهم.
ولهذا ينبغي أن نسميها بفلسفة الفلاسفة المسلمين، لا بالفلسفة الإسلامية، أما الفلسفة الإسلامية الجديرة بهذا الاسم فهي تلك التي ذكرناها والتي تنبع من صميم الإسلام نفسه، وقد فصلت ذلك في كتاب خاص بعنوان "معالم منهج تجديد الفلسفة الإسلامية".
إذن فإذا ما أردنا أن نحدد مكانة الفلسفة الإسلامية بين الفلسفات الأخرى أو أن نعالج موضوعًا من موضوعاتها فمن الواجب أن تكون هذه الفلسفة، لا تلك التي نجدها عند فلاسفة الإسلام.
ولكن كيف نستطيع تحقيق ذلك؟ كنت قد أثرت هذه النقطة في كتاب لي هو "منهاج الدعوة إلى الإسلام في العصر الحديث" ورسمت فيه منهاجًا لتحقيق هذه الغاية، وأريد هنا أن أحدد هذا المنهاج بإيجاز مع إضافة بعض نقط جديدة؛ لأنني أريد تطبيقه عمليًّا في هذا الموضوع الذي يعتبر من أهم موضوعات هذه الفلسفة كما سيبدو ذلك فيما بعد، وهذا المنهاج تحدد معالمه النقاط الآتية:
أولًا: أن تكون البداية من الإسلام وذلك بأن نجعل أرضية دراستنا هي الإسلام نفسه، فكل دارس لقضية من القضايا أو لمشكلة من المشكلات الفكرية المتصلة بحياتنا بدرجة أكثر وأكبر ينبغي له أن يعالجها من وجهة النظر الإسلامية بادئا بالبحث عن الحل في
أولًا: أن تكون البداية من الإسلام وذلك بأن نجعل أرضية دراستنا هي الإسلام نفسه، فكل دارس لقضية من القضايا أو لمشكلة من المشكلات الفكرية المتصلة بحياتنا بدرجة أكثر وأكبر ينبغي له أن يعالجها من وجهة النظر الإسلامية بادئا بالبحث عن الحل في
1 / 15
النصوص الإسلامية أي: في القرآن والسنة أولا، وعندما نحاول إبراز رأي الإسلام أو اتجاهه في قضية من القضايا الفكرية يجب أن نلجأ إلى الإسلام أولًا لا إلى الفلاسفة المسلمين وآثارهم؛ لأن الإسلام شيء وهؤلاء وآثارهم شيء آخر، فهم لا يمثلون بآرائهم الإسلام وآراءه؛ ولأنهم قد يخطئون أحيانًا، وقد يسيئون إلى الإسلام عن عمد، وقد حصل هذا وذاك فعلًا١ ثم أنهم حاولوا أن يفهموا الإسلام في إطار المشكلات الفكرية والثقافية ومشكلات الحياة العملية التي اعترضتهم في حياتهم من حين إلى آخر، فلماذا لا نحاول نحن أيضًا عن قصد وعزم أن نفهم الإسلام نفسه، وأن نعمل لحل مشكلاتنا المعاصرة في ضوء فهمنا له، ولماذا نتخذهم ملجأ لنا؟ ولماذا نأخذ الإسلام منهم، وهل فُقد الإسلام من بين أيدينا؟ والحقيقة أننا بذلك نجعل آراءهم في الإسلام كالإسلام نفسه ونغفل عن المنبع الحقيقي ونتخذهم وسطاء، وكأننا لا نستطيع أن نصل إلى ما وصلوا إليه، وكأننا لسنا مزودين من قوة الإدراك والتعقل بمثل ما تزودوا به ولا سيما في العصر الذي يختلف عن عصرهم، وتجددت لدينا مشكلات لم تكن موجودة في وقتهم.
_________
١ هنا يقول الأستاذ الدكتور محمود قاسم: "إن أمثال الفارابي وابن سينا كانا يهدفان إلى هدم الإسلام عن طريق بعض النظريات الباطنية" انظر هامش دراسات في الفلسفة الإسلامية ط٢ ص ١٠١ للدكتور محمود قاسم.
ثانيا: أن نفهم موضوعات الفلسفة الإسلامية بالفلسفة الإسلامية نفسها، وتحقيق هذه النقطة يتطلب ثلاثة أمور: الأمر الأول: أن ندرس المبادئ الإسلامية من جديد عن طريق نصوصها بعيدًا عن الأفكار الفرقية والمذهبية والحزبية على أن يكون الهدف الأساسي هو الوصول إلى الفهم الصحيح للإسلام ومبادئه.
ثانيا: أن نفهم موضوعات الفلسفة الإسلامية بالفلسفة الإسلامية نفسها، وتحقيق هذه النقطة يتطلب ثلاثة أمور: الأمر الأول: أن ندرس المبادئ الإسلامية من جديد عن طريق نصوصها بعيدًا عن الأفكار الفرقية والمذهبية والحزبية على أن يكون الهدف الأساسي هو الوصول إلى الفهم الصحيح للإسلام ومبادئه.
1 / 16
الأمر الثاني: ألا نحاول فهم الإسلام بالآراء الفلسفية؛ لأن هذا الفهم يعتبر فهمًا من الخارج لا من الداخل، والذين حاولوا ذلك قد أدت محاولتهم إلى تشويه جوانب كثيرة من حقائق الإسلام ولا سيما هؤلاء الذين اعتنقوا بعض النظريات الفلسفية ثم حاولوا أن يفرضوها على الإسلام فرضا.
ويمكن أن نقسم هؤلاء الذين حاولوا فهم الإسلام من الخارج إلى ثلاث فرق أو جماعات:
نفر اعتنقوا المبادئ الفلسفية ثم لما وجدوا أن الإسلام يعارضها أو أنها تتناقض معه حاولوا التوفيق بينها وبين المبادئ الإسلامية، وفي محاولتهم هذه ساروا في ثلاث اتجاهات:
اتجاه يخضع الإسلام للفلسفة، والآخر يخضع الفلسفة للإسلام والثالث يوفق بينهما، ولكل مساوئ، وإن كانت مساوئ كل اتجاه تختلف عن مساوئ الآخر بدرجة قليلة أو كثيرة.
والنفر الثاني اخترعوا أفكارًا من عند أنفسهم ثم حاولوا أن يفرضوها على الإسلام، وذلك لإيجاد سند لها من الإسلام لتجد قبولًا لدى الجمهور.
والنفر الثالث حاولوا عمدًا دس الأفكار الغريبة على الإسلام بقصد تشويه روحه، وإثارة البلبلة في نفوس المسلمين، وقد استطاع هؤلاء فعلًا أن يؤثروا تأثيرًا كبيرًا في ناحية التشويه وخلق بلبلة وحيرة في نفوس الناس وعقولهم، وذلك عن طريق إدخال تلك المبادئ المتناقضة مع فلسفة الإسلام في الإسلام باسم الإسلام، فأصبح الإسلام بذلك متنقاضًا مع نفسه في نفوس كثير من الناس.
1 / 17
الأمر الثالث أن نفهم المبادئ الإسلامية الخاصة بموضوع معين في ضوء النظام الإسلامي كله، وألا نقتصر بقدر الإمكان في الحكم على القضايا من وجهة النظر الإسلامية على نص واحد؛ لأن هناك نصوصًا متعددة وردت بشأن هذه القضية، وكل نص أحيانًا يصور جانبًا من القضية أو يضع شروطًا وقيودًا للحالة التي يطبق فيها هذا المبدأ أو ذاك، إذن فإن تعدد النصوص يفيدنا من ناحيتين: ناحية تصور الحقيقة من أطرافها، وناحية تطبيق المبادئ في الحياة العملية.
ثالثا: أن نحدد موقفنا من دراسات السابقين باتخاذها وسيلة من وسائل الفهم والتقويم ولا سيما فيما يتعلق ببعض القضايا التي لا توجد فيها نصوص صريحة أو لا توجد نصوص قط، ولكن يجب ألا نتخذ دراستهم مأخذ القبول دائما، ولا نتخذها كذلك بداية نبدأ بها ولا نهاية ننتهي إليها، وإنما تكون واسطة بين البداية والنهاية، وهذه النقطة في غاية الأهمية ويجب أن يتنبه إليها دارسو الفلسفة الإسلامية أو التفكير الإسلامي عمومًا. إذ إنهم يدرسون عادة فلسفة الفلاسفة المسلمين باسم الإسلام، فهم عندما يختارون موضوعات إسلامية والبحث في ميدان التفكير الإسلامي، يختارون موضوعات إسلامية عند واحد من هؤلاء الرجال، فيقولون مثلًا: الأخلاق عند ابن مسكويه أو عند الغزالي أو مشكلة الحرية بين المعتزلة والأشاعرة وما إلى ذلك، وكأنهم يمثلون الإسلام أو هم الإسلام، فالأولى أن نختار موضوعات ونبحث عنها في الإسلام ونقول: مشكلة الحرية في الإسلام والأخلاق في الإسلام وما إلى ذلك. والخطورة كل الخطورة أن نتخذ الفلسفة الإسلامية التقليدية بداية ونهاية، ولئن فعلنا فمعنى ذلك أننا ندخل أنفسنا في متاهات قد لا نستطيع أن نخرج
ثالثا: أن نحدد موقفنا من دراسات السابقين باتخاذها وسيلة من وسائل الفهم والتقويم ولا سيما فيما يتعلق ببعض القضايا التي لا توجد فيها نصوص صريحة أو لا توجد نصوص قط، ولكن يجب ألا نتخذ دراستهم مأخذ القبول دائما، ولا نتخذها كذلك بداية نبدأ بها ولا نهاية ننتهي إليها، وإنما تكون واسطة بين البداية والنهاية، وهذه النقطة في غاية الأهمية ويجب أن يتنبه إليها دارسو الفلسفة الإسلامية أو التفكير الإسلامي عمومًا. إذ إنهم يدرسون عادة فلسفة الفلاسفة المسلمين باسم الإسلام، فهم عندما يختارون موضوعات إسلامية والبحث في ميدان التفكير الإسلامي، يختارون موضوعات إسلامية عند واحد من هؤلاء الرجال، فيقولون مثلًا: الأخلاق عند ابن مسكويه أو عند الغزالي أو مشكلة الحرية بين المعتزلة والأشاعرة وما إلى ذلك، وكأنهم يمثلون الإسلام أو هم الإسلام، فالأولى أن نختار موضوعات ونبحث عنها في الإسلام ونقول: مشكلة الحرية في الإسلام والأخلاق في الإسلام وما إلى ذلك. والخطورة كل الخطورة أن نتخذ الفلسفة الإسلامية التقليدية بداية ونهاية، ولئن فعلنا فمعنى ذلك أننا ندخل أنفسنا في متاهات قد لا نستطيع أن نخرج
1 / 18
منها، أو أننا ندخل أنفسنا في دراسة تشبه أن تكون حلقة مفرغة لا ندري أين طرفاها، وعلى أي حال سواء استطعنا أن نخرج منها أم لم نستطع فماذا نستفيد؟!
إن غاية ما قد نصل إليه هو أن نبطل رأيًا أو نرجح رأيًا على آخر، ولكننا نفقد كثيرًا من الجهد وربما انتهينا إلى شيء جديد لو استأنفنا البحث لحسابنا الخاص، ولو سلكنا هذا المسلك التقليدي لما خدمنا الفلسفة الإسلامية الحقيقية وإنما نكون قد خدمنا فلسفة هؤلاء الرجال، ولكن هل يليق بنا الآن أن نخدم الرجال ونترك خدمة الإسلام ونحن أشد حاجة إليه في العصر الحديث الذي نعاني فيه من مشكلات لم يجد لها رجال الفكر حلًّا مرضيًا بعد، ولماذا لا نلتجئ إلى الإسلام نفسه مباشرة ونلتمس منه الحل ونحاول إخراج كنوزه وإبراز شخصية فلسفته بين الفلسفات الأخرى ثم نحاول استخدامها في حل مشكلاتنا المعاصرة؟
رابعًا: أن يكون هدفنا الأساسي هو معالجة المشكلات الفلسفية المتصلة بحياتنا الراهنة أريد المشكلات التي يعاني منها الناس جميعًا فنعالجها من زاوية الفلسفة الإسلامية الصافية ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا، ولا مانع من أن نستعين من حين لآخر بدراسات السابقين واللاحقين إذا لم نجد في هذه الفلسفة نصوصًا لحل تلك المشكلات بشرط ألا تكون هذه المعالجة مخالفة لروح الإسلام وفلسفته العامة.
أن نميز السنة التشريعة من السنة غير التشريعة عند معالجتنا ... خامسًا: أن نميز السنة التشريعية من السنة غير التشريعية عند معالجتنا تلك المشكلات. فكثير من المسلمين وغير المسلمين لا يميزون بين نوعين من الأحاديث: نوع يحمل طابع الإلزام والتشريع، ونوع لا يحمل طابع الإلزام والتشريع
رابعًا: أن يكون هدفنا الأساسي هو معالجة المشكلات الفلسفية المتصلة بحياتنا الراهنة أريد المشكلات التي يعاني منها الناس جميعًا فنعالجها من زاوية الفلسفة الإسلامية الصافية ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا، ولا مانع من أن نستعين من حين لآخر بدراسات السابقين واللاحقين إذا لم نجد في هذه الفلسفة نصوصًا لحل تلك المشكلات بشرط ألا تكون هذه المعالجة مخالفة لروح الإسلام وفلسفته العامة.
أن نميز السنة التشريعة من السنة غير التشريعة عند معالجتنا ... خامسًا: أن نميز السنة التشريعية من السنة غير التشريعية عند معالجتنا تلك المشكلات. فكثير من المسلمين وغير المسلمين لا يميزون بين نوعين من الأحاديث: نوع يحمل طابع الإلزام والتشريع، ونوع لا يحمل طابع الإلزام والتشريع
1 / 19