Ислам и человеческая цивилизация

Аббас Махмуд Аль-Аккад d. 1383 AH
58

Ислам и человеческая цивилизация

الإسلام والحضارة الإنسانية

Жанры

ومن المتفق عليه أن مجال الاختراع متسع متجدد، وأن القذيفة الهيدروجينية ستتبعها أنواع شتى من القذائف، وأن استخدام العناصر الأخرى في توليد الطاقة الذرية قد يتيسر غدا لأمم كثيرة، ولن يكون استخدام هذه الطاقة مقصورا على عنصرين أو ثلاثة. ويومئذ تقل تكاليف القذائف، وتتسع ميادينها، وتتفاقم أخطارها، وتصبح القذيفة الموجودة اليوم كأنها سلاح الأمس بالنسبة إلى أسلحة القرن العشرين.

فما مصير الإنسانية بعد هذه النذر والأراجيف؟

لا فائدة من منع السلاح، بل الفائدة المرجوة كلها معلقة - في رأي الخبراء - على منع الحرب بأنواعها، أو منع الحرب العالمية بكل ما يستطاع.

فهل منع الحرب العالمية مما يستطاع؟

وإذا لم يكن مستطاعا فهل يستطاع منع السلاح الذري وتحريم القذائف الذرية في جميع الميادين؟

إن سوابق الدول في الحروب لا تبشر بالخير، ولكن سابقة واحدة يرجى أن تبعث التفاؤل في نفوس طلاب الخير، وهي تحريم الغازات السامة وإجماع الدول على اجتنابها في الحرب الأخيرة، فإذا كانت الدول المتقاتلة قد فهمت أن الغازات الخانقة خطر لا يؤمن، فهي أحرى أن تفهم الخطر الأكبر، وأن تحرص على اجتنابه حرصا أشد وأبقى من حرصها على اجتناب تلك الغازات.

وعبرة أخرى قد تميل بالدول إلى الحذر من الحروب، وهي خسارة المنتصرين في الحروب واضطرارهم إلى معونة المنهزمين والمنكوبين، في عالم متشابك متضامن، لا ينفرد فيه بالضرر صاحب قوة أو صاحب مال.

ونكاد نقول: إن ساسة الدول يدفعون بالأمم إلى الانتحار إذا أقدموا على الحرب العالمية ، واستخدموا فيها القذائف الذرية. ومتى استطاع ساسة الأمم أن يدفعوا إلى الانتحار، فهم والأمم التي تطيعهم أهل للهلاك والدمار.

إن الصورة التي تتمثل لنا أبشع من أن نتصورها قياسا على ما عرفناه من كوارث الماضي والحاضر، وتكاد تخرج بنا من حيز الواقع إلى حيز الخيال المستحيل، ولو أن صورة تستحيل في العقل لفرط بشاعتها لاستحالت هذه الصورة المنكرة، ولكن البشاعة المفرطة لا تمنع شيئا أن يكون إذا كان وقوعه من الممكنات، وكل ما لدينا من أسباب الطمأنينة أن نقارن بين المصيرين أيهما أقرب إلى الإمكان: مصير الإنسانية إلى الانتحار أو مصيرها إلى التغلب على قوة السلاح بقوة الحكمة وقوة الأخلاق مجتمعين. ومن حسن الرجاء وحسن التقدير معا أن نرجح المصير المأمون على المصير المحذور.

إن المادة الصماء لن تخلق الإنسان؛ لأن الشيء لا يخلق ما هو أحسن منه وأكمل. فلنعد إلى خلاصة التاريخ الإنساني متفائلين: إن التاريخ الإنساني - كما قال أكبر المؤرخين العصريين - إنما هو طريق الإنسانية إلى الله. وفي هذا الطريق يستطيع العقل أن يخلق اختراعا من جنس القذيفة الذرية يقاومها ويكبح شرورها يستبقي منافعها، ويستطيع العقل أن يأخذ بزمام المادة وعناصرها ليقترب بها إلى الله.

Неизвестная страница