Ислам и арабская цивилизация
الإسلام والحضارة العربية
Жанры
6
ولا سيما إذا أقحطوا وضنت عليهم سماؤهم. نعم، كانوا لا يستهينون بخصومهم بل ينصفونهم ويعترفون لهم بفضلهم. عن المستورد
7
القرشي قال: سمعت رسول الله يقول: «تقوم الساعة والروم أكثر الناس» - يعنون بالروم من نعني اليوم بهم أهل الغرب - فقال عمرو بن العاص: أبصر ما تقول، قال: أقول: سمعت من رسول الله قال: «إن قلت ذلك فإن فيهم لخصالا أربعة: إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة عند مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وأجبرهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة جميلة: وأمنعهم من ظلم الملوك.» أليس هذا القول المتناهي في إنصاف العدو هو كلام من يعرف خصمه، وما انطوى عليه من مزايا وصفات؟
مجموعة الأمة العربية وأخلاق خلفائها وقوادها
ثم إذا تشابهت جزيرة العرب باللغة، واعتمدت في الإسلام على أفصح لهجاتها، وهي لغة قريش، فلا تتشابه كثيرا في درجة ارتقائها في المدنية، ويغلط من يدعي أن العرب كانوا نصف متمدنين أو نصف متوحشين لما خرجوا من جزيرتهم، وكما كان منهم أهل الوبر القائمون على الزرع والضرع، كان منهم أهل المدر، وهؤلاء يعانون التجارة والصناعة، والمدن التجارية الصناعية بطبيعتها تكون على استعداد دائم للامتزاج بمن تعامله ويعاملها، وعلى معرفة بمداخل الحياة ومخارجها. هذا، واليماني يمتاز بصفات ليست للحجازي، والنجدي غير الحضرمي، والعماني غير الأحسائي، وابن الساحل غير ابن الداخل، والجبلي غير السهلي، ومن مجموعهم كانت هذه الأمة العربية الفاتحة.
وإن خليفة يوصي قائده وهو يوجهه لقتال الروم في الشام بقوله: «إنك ستجد قوما حبسوا أنفسهم لله فذرهم وما حسبوا أنفسهم له - يريد بهم الرهبان - ويقول له: لا تغدر ولا تمثل ولا تقتل هرما ولا امرأة ولا وليدا ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا ما أكلتم، ولا تحرقن نخلا ولا تخربن عامرا ولا تغل.»
8
إن خليفة يقول لقائده هذا مضمون له التوفيق؛ لأنه يملي عليه أجمل عظة في العدل والإحسان، يقول روبنسون: إن شيعة محمد هم وحدهم الذين جمعوا بين محاسنة الأجانب ومحبة انتشار دينهم، هذه العاطفة هي التي دفعتهم في سبيل الفتح وهو سبب لا حرج فيه، فنشر القرآن جناحيه خلف جيوشه الظافرة إذ آغاروا على الشام، وانقضوا انقضاض الصواعق على إفريقية الشمالية من البحر الأحمر إلى المحيط الأطلانطي، ولم يتركوا أثرا للعسف في طريقهم إلا ما كان لا بد منه في كل حرب، فلم يبيدوا قط أمة أبت الإسلام. ا.ه.
هذه سياسة العرب في فتحها لم يحيدوا عنها قيد أنملة، أما الرومان الذين بهت أنصارهم بعظمتهم، ولم ينظروا إلى الصورة التي دوخوا بها الأرض واستتبعوا الشعوب، فكانوا يبيدون كل عامر ويقتلون الأولاد والنساء والشيوخ، ثم يسترقون بقايا السيوف استرقاقا ممقوتا مجردا من كل عاطفة ومروءة.
Неизвестная страница