Ислам и арабская цивилизация
الإسلام والحضارة العربية
Жанры
أثناء كلامنا على ما نشره أحد المشتغلين بالمشرقيات من الإسبان من رسالة سماها: «حديث ذي القرنين»، ونقلها إلى اللغة الإسبانية: «إن هذه الرسالة كبعض الكتب التي تقل الفائدة من نشرها؛ لأنها لا تؤيد أصلا من الأصول العلمية أو الدينية، وإذا كان المقصد أن في الإسلام مثل هذه الحكايات، ويريد أرباب الغايات أن يحملوه إياها ليحملوا عليه، فإن أهل الفريق الآخر يجيبونهم بأن في خزائنكم من أمثال هذه الأسفار مئات.» ونصحنا للناشر يومئذ أن يعنى بإحياء كتب ورسائل أخرى للعرب، يأخذها من خزانتي الإسكوريال ومجريط في بلاده، وبذلك يخدم اللغة والعلم، ويقلل من الخرافات التي تغلغلت في أحشاء أمته أكثر من كل أمة أوربية، ولما صدر هذا الكلام قام غراتشقوفسكي المستشرق من ليننغراد يأسف في مجلة ليترى الدولية
25
لهذا النقد، ويقول: إن من المدهش أن يصوب مثل هذا الكلام على ممثل بلاد أنشأت أمثال ريبرا وآسين، وإن قليلا من العلماء المحدثين قد عاونوا مثلهما على فهم مدنية الإسلام، وما فيه من قيمة جوهرية، وإن هذا التقريظ كتب بلسان مهين لأمة بأسرها ... إلى آخر ما قال مما لا تأويل له إلا العصبية المذهبية التي تأثر عرقها الحساس، عندما رأى شرقيا يرد غربيا إلى الصواب، وتعالى العلم عن أن يكون آلة مصانعة وعصبية، وعبد شهوات وأهواء.
ونحن إذا لم نوافق بعض المشتغلين بالعلوم الشرقية على منازعهم الخاصة، فليس معنى ذلك أننا نهينهم؛ فلأصحابنا جولدصهير المجري، ومرجليوث الإنكليزي، ولامنس البلجيكي أقوال بعيدة عن محجة الصواب في الإسلام، وما حال ذلك دون تقديرهم قدرهم يوم يحسنون، وإذا كان في الإسبان أمثال ريبرا وآسين اللذين يأتي الناقد الروسي بهما حجة على ارتقاء إسبانيا، فإن انحطاطها قال به قبلنا عشرات من الباحثين المنصفين، ومنهم بعض مؤرخي الإسبان وعلماء الاجتماع منهم، وظهور شخصين أو أكثر في أمة لا يقوم دليلا على أنها وصلت ذروة الارتقاء، وسلمت نفوس خاصتها وعامتها من الخرافات والسخافات، حاشا طبقة راقية تأخذ بمذاهب العلم والأدب وتفاخر إلى اليوم بمجد العرب وتاريخهم، وتحرص على إحياء مدنيتهم ودراستها حرصها على كل علم نافع.
وليت ذاك الرصيف الروسي الذي أخذته العزة بالإثم، واستهجن رأينا، يتلو على الأقل ما كتبه في انحطاط الإسبان ألفريد فوليه في كتابه «روح شعوب أوروبا»،
26
إذا لرآه شعبا متأخرا في مضمار العلم والتربية، لا يهتم إلا بالظواهر، والعجب المفرط من صفاته، والبطالة هجيراه، والاكتفاء بالقليل شأنه، ولساهمنا رأينا بأن مجموع الشعب المصري أرقى من مجموع الشعب الإسباني، وإن كان هذا أوربيا نصرانيا، وذاك إفريقيا مسلما، ولشاهد أن الإسبان يضرب المثل بتعصبهم الذي كان منه فساد أمرهم،
27
وقد ابتلوا كما قال ماريفو:
28
Неизвестная страница