Ислам Вопросы и Ответы
موقع الإسلام سؤال وجواب
Жанры
ضوابط التكفير
[السُّؤَالُ]
ـ[نرجو من سيادتكم معرفة الضوابط التي يمكن الحكم بها على شخص ما بالكفر أو النفاق، حتى لا أقع في البدع التي وقع فيها كثير من الفرق، وبأي كتب توصيني أن أقرأ فيها، مع العلم أني طالب علم مبتدئ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الحكم بالتكفير والتفسيق ليس إلينا، بل هو إلى الله تعالى ورسوله ﷺ، فهو من الأحكام الشرعية التي مردها إلى الكتاب والسنة، فيجب التثبت فيه غاية التثبت، فلا يكفر ولا يفسق إلا من دل الكتاب والسنة على كفره أو فسقه.
والأصل في المسلم الظاهر العدالة بقاء إسلامه وبقاء عدالته، حتى يَتَحَقَّقَ زوال ذلك عنه بمقتضى الدليل الشرعي. ولا يجوز التساهل في تكفيره أو تفسيقه؛ لأن في ذلك محذورين عظيمين:
أحدهما: افتراء الكذب على الله تعالى في الحكم، وعلى المحكوم عليه في الوصف الذي نبزه به.
الثاني: الوقوع فيما نبز به أخاه إن كان سالمًا منه.
ففي صحيحي البخاري (٦١٠٤) ومسلم (٦٠) عن عبد الله بن عمر ﵄ أن النبي ﷺ قال: (إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَد بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا) وفي رواية: (إِن كَانَ كَمَا قَالَ، وَإِلاَّ رَجَعَتْ عَلَيهِ)
ثانيا:
وعلى هذا فيجب قبل الحكم على المسلم بكفر أو فسق أن ينظر في أمرين:
أحدهما: دلالة الكتاب أو السنة على أن هذا القول أو الفعل موجب للكفر أو الفسق.
الثاني: انطباق هذا الحكم على القائل المعين أو الفاعل المعين، بحيث تتم شروط التكفير أو التفسيق في حقه، وتنتفي الموانع.
ومن أهم الشروط:
١- أن يكون عالمًا بمخالفته التي أوجبت أن يكون كافرًا أو فاسقًا؛ لقوله تعالى:
(وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) النساء/١١٥
وقوله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) التوبة/١١٥
ولهذا قال أهل العلم: لا يكفر جاحد الفرائض إذا كان حديث عهد بإسلام حتى يُبَيَّنَ له.
٢- ومن الموانع أن يقع ما يوجب الكفر أو الفسق بغير إرادة منه، ولذلك صور:
منها: أن يكره على ذلك، فيفعله لداعي الإكراه، لا اطمئنانًا به، فلا يكفر حينئذ؛ لقوله تعالى: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) النحل/١٠٦
ومنها: أن يُغلَقَ عليه فِكرُهُ، فلا يدري ما يقول لشدة فرح أو حزن أو خوف أو نحو ذلك.
ودليله ما ثبت في صحيح مسلم (٢٧٤٤) عن أنس بن مالك ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ)
٣- ومن الموانع أن يكون متأولا: يعني أن تكون عنده بعض الشبه التي يتمسك بها ويظنها أدلة حقيقية، أو يكون لم يستطع فهم الحجة الشرعية على وجهها، فالتكفير لا يكون إلا بتحقق تعمد المخالفة وارتفاع الجهالة.
قال تعالى: (ولَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) الأحزاب/٥
يقول ابن تيمية ﵀ "مجموع الفتاوى" (٢٣/٣٤٩):
" فالإمام أحمد رضي الله تعالى عنه ترحم عليهم (يعني الخلفاء الذين تأثروا بمقالة الجهمية الذين زعموا القول بخلق القرآن، ونصروه) واستغفر لهم، لعلمه بأنه لم يتبين لهم أنهم مكذبون للرسول، ولا جاحدون لما جاء به، ولكن تأولوا فأخطأوا، وقلدوا من قال ذلك لهم " انتهى.
ويقول ﵀ "مجموع الفتاوى" (١٢/١٨٠):
" وأما التكفير فالصواب أن من اجتهد من أمة محمد ﷺ وقصد الحق فأخطأ لم يكفر، بل يغفر له خطؤه، ومن تبين له ما جاء به الرسول، فشاق الرسول من بعد ما تبين له الهدى واتبع غير سبيل المؤمنين فهو كافر، ومن اتبع هواه وقصر في طلب الحق وتكلم بلا علم فهو عاص مذنب، ثم قد يكون فاسقًا. وقد يكون له حسنات ترجح على سيئاته " انتهى.
وقال ﵀ (٣/٢٢٩):
" هذا مع أني دائمًا ومن جالسني يعلم ذلك مني، أني من أعظم الناس نهيًا عن أن ينسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية، إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافرًا تارة، وفاسقًا أخرى، وعاصيًا أخرى، وإني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها، وذك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية والمسائل العملية. وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل، ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر ولا بفسق ولا بمعصية ... "
وذكر أمثلة ثم قال:
" وكنت أبين أن ما نقل عن السلف والأئمة من إطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا، فهو أيضًا حق، لكن يجب التفريق بين الإطلاق والتعيين.. "
إلى أن قال: " والتكفير هو من الوعيد؛ فإنه وإن كان القول تكذيبًا لما قاله الرسول ﷺ، لكن قد يكون الرجل حديث عهد بإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة، ومثل هذا لا يكفر بجحد ما يجحده حتى تقوم عليه الحجة، وقد يكون الرجل لم يسمع تلك النصوص، أو سمعها ولم تثبت عنده، أو عارضها عنده معارض آخر أوجب تأويلها وإن كان مخطئًا.
وكنت دائمًا أذكر الحديث الذي في الصحيحين في الرجل الذي قال: (إذا أنا مت فأحرقوني، ثم اسحقوني، ثم ذروني في اليم، فوالله لئن قدر الله عليَّ ليعذبني عذابًا ما عذبه أحدًا من العالمين. ففعلوا به ذلك، فقال الله: ما حملك على ما فعلت؟ قال: خشيتك. فغفر له)
فهذا رجل شك في قدرة الله وفي إعادته إذا ذري، بل اعتقد أنه لا يعاد، وهذا كفر باتفاق المسلمين، لكن كان جاهلًا لا يعلم ذلك، وكان مؤمنًا يخاف الله أن يعاقبه، فغفر له بذلك.
والمتأول من أهل الاجتهاد الحريص على متابعة الرسول ﷺ أولى بالمغفرة من مثل هذا " انتهى.
(مستفاد من خاتمة القواعد المثلى للشيخ ابن عثيمين ﵀ مع بعض الزيادات) .
وإذا كان أمر التكفير بهذه المثابة، والخطر والخطأ فيه شديد؛ فالواجب على طالب العلم، خاصة إذا كان مبتدئا، أن يتوقى الخوض في ذلك، وأن ينشغل بتحصيل العلم النافع الذي يصلح به أمر معاشه ومعاده.
ثالثا:
قبل أن نشير عليك بشيء من الكتب، فإننا ننصحك بأن تستعين في تعلمك بأهل العلم من أهل السنة؛ فإن ذلك هو الطريق الأسهل والأكثر أمنا، لكن شريطة أن يكون ذلك الذي تأخذ عنه من الموثوق في علمه ودينه، واتباعه للسنة، وبعده عن الأهواء والبدع.
قال مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ﵀: (إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ) رواه مسلم في مقدمة صحيحه.
فإن لم يتيسر لك، في مكانك أن تحضر دروس أهل العلم، فيمكنك أن تستعين بأشرطتهم، وقد أصبح الحصول عليها عن طريق الأقراص، أو المواقع الإسلامية أكثر سهولة، والحمد لله. ثم يمكنك أيضا أن تنتفع ببعض طلاب العلم، الذين يحرصون على العلم الشرعي، واتباع السنة، وقلما يخلو منهم مكان، إن شاء الله.
رابعا:
من الكتب التي ينبغي أن تعتني باقتنائها، والنظر والدراسة فيها:
- التفسير: تفسير الشيخ ابن سعدي، وتفسير ابن كثير.
- الحديث: الأربعين النووية، مع أحد شروحها، والاهتمام بجامع العلوم والحكم لابن رجب، ثم رياض الصالحين، مع زيادة العناية بهذا الكتاب المبارك، ويمكنك الاستعانة بشرح الشيخ ابن عثيمين ﵀ له.
- العقيدة: تهتم بكتاب التوحيد، للشيخ محمد بن عبد الوهاب، مع شرح ميسر له، والعقيدة الواسطية، لشيخ الإسلام ابن تيمية. مع بعض الرسائل النافعة في هذا الباب، مثل: تحقيق كلمة الإخلاص لابن رجب، والتحفة العراقية في الأعمال القلبية لابن تيمية.
- الاستعانة بزاد المعاد لابن القيم ﵀، وكثير من كتبه، مثل: الوابل الصيب، والداء والدواء.
وهذه مجموعة مبدئية، ومع المطالعة، لا سيما إن وجدت من يعينك على القراءة والفهم، فسوف تزداد معرفتك بالكتب النافعة والمهمة لك، شيئا فشيئا، إن شاء الله.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
1 / 88