Ислам в двадцатом веке: его настоящее и будущее
الإسلام في القرن العشرين: حاضره ومستقبله
Жанры
والتراث الإسلامي عامر بالشعر «الغنائي» والمقطوعات الباهرة، والشواهد السيارة، ومنها ما ليس يحتاج إلى غير النقل والتعليق اليسير، ليلقى نصيبه من الرواج والإعجاب، ومنها ما يحتاج إلى تعليق يجعل الفائدة منه فائدتين والرغبة فيه رغبتين، يقرؤه القارئ ليستوعب محاسنه فهذه فائدة، ويقرؤه ليدرك الفرق بينه وبين ما يقابله من آداب الأمم الأخرى أو من آداب العرب في العصر الحاضر فهذه فائدة أخرى.
وهذه عندنا هي وسائل «إحياء التراث الإسلامي» أي نقله إلى عالم حياتنا وتحويله إلى مجرى زماننا، وتمثيله للقراء كي يشارفوه، كما يشارفون الدنيا الحية، لا كما يشارفون المتاحف المزوية. فهو يحيا بنا ونحن نحيا به في آن. •••
من الذي يقوم بهذا الواجب؟
جماعات أو أفراد لا يستغنون عن جهد الجماعات، وسنبين لحضرات القراء فيما يلي أن الأدب العربي خاصة - سواء أكان قديما أم حديثا - أحوج الآداب إلى جهود الجماعات التي لا تغني فيها أعمال الأفراد المتفرقين.
فعلى الحكومات قبل كل شيء أن تقبل في بلادها المختلفة على إحياء ما عندها من المخطوطات المتروكة أو المطبوعات الكاسدة، وعليها أن تربط بين هذا العمل وبين قوانين الإنتاج الناجح في سوق الأعمال الاقتصادية، فلا تلقي به إلى موظفين مطمئنين إلى مرتب مضمون كيفما كان مصير عملهم من النجاح أو الخيبة، بل تنوط به أناسا يعنيهم رواجه وكساده، ويهتمون به اهتمام الزارع بمحصوله والتاجر بكسبه، وتجعله مقرونا إلى بعض الشركات على نحو تشترك فيه الغيرة على الأدب والغيرة على الرواج.
وهناك أقسام كثيرة لإحياء التراث الإسلامي غير مجرد الطبع والإذاعة، فمن الكتب ما يطبع كما كتبه مؤلفوه، ومنها ما يختار منه الأصلح والأدنى إلى التشويق، ومنها ما يشفع بالتعليق أو التفسير، ومنها - وهو أصعب الأقسام جميعا - ما يحتاج إلى المقارنات بينه وبين نظائره في الأمم الأخرى، وإلى الملاحظات عن البواعث والأسرار التي لا يقتصر العلم بها على العلم بالشئون الإسلامية.
وعلى الحكومات إلى جانب هذا أن تهتم بإقامة المؤتمرات والمحافل في مناسباتها المتجددة، كذكرى الأدباء والعلماء والعظماء، وافتتاح المعاهد التي تعني جميع الناطقين باللغة العربية، وتكريم النابهين وتبادل الزيارات، وما إلى ذلك من المناسبات التي تلفت الأنظار وتجذب الأسماع وتخلق بواعث الرغبة في الاطلاع.
وقد أسلفنا أن الأدب العربي أحوج الآداب إلى جهود الجماعات؛ لأن اللغة العربية موزعة بين أقطار عدة وحكومات شتى على خلاف اللغات الأخرى التي تشتمل كل منها على أمة واحدة أو أمتين كبيرتين تستغني إحداهما عن الأخرى.
فالكتاب الإنجليزي له - على سبيل التمثيل - مائة ألف قارئ يتبعون حكومة واحدة ويتعاملون بنظام واحد، ويتبادلون الأخذ والعطاء في ظل دولة واحدة، ويكفي أن يطبع الكتاب في لندن أو في نيويورك ليعتمد على قرائه في أنحاء الدولة البريطانية أو في أنحاء الولايات المتحدة بغير حاجة إلى أمة خارجة عن هذا النطاق.
أما الكتاب الذي يطبع في القاهرة، فلا بد له من طابع قادر على معاملة أناس متفرقين في عشرة أقطار، وحكومات بينها من الاختلاف مثل ما بين مراكش والعراق، أو ما بين سورية والسودان، أو ما بين طرابلس وحضرموت، وأين هو القلب الواحد الذي يحرك الدم في جميع هذه الشرايين من أدناها إلى أقصاها إن لم يكن قلبا كبيرا يتجاوز طاقة الفرد الواحد إلى طاقة الجماعة القوية بالمال والنفوذ؟
Неизвестная страница