Ислам в двадцатом веке: его настоящее и будущее
الإسلام في القرن العشرين: حاضره ومستقبله
Жанры
1
من بنات أحد المجتهدين في العجم، وكانت متزوجة بمجتهد آخر، طلقت نفسها من زوجها على خلاف حكم شريعة الإسلام، وآمنت بذلك الرجل - أي الباب - عن غيب، وكانت تكاتبه ويكاتبها، فكان يخاطبها في مكاتباته بقرة العين فلقبت بذلك، ولما وقعت المحاربة بين البابيين وعساكر الدولة في مازندران جيشت جيشا قادته مكشوفة الوجه، وسارت أمامه طالبة إعانتهم، وفي أثناء الطريق قامت في الناس خطيبة، وقالت: أيها الناس! إن أحكام الشريعة الأولى - أعني المحمدية - قد نسخت، وإن أحكام الشريعة الثانية لم تصل إلينا، فنحن الآن في زمن لا تكليف فيه بشيء ... فوقع الهرج والمرج، وفعل كل الناس ما كان يشتهيه من القبائح، ثم قبض عليها، وألبست البرقع جبرا، وحكم عليها بأن تحرق حية، ولكن الجلاد خنقها قبل أن تلعب النار بالحطب الذي أعد لإحراقها.»
ويختلف في نسب الباب، ولكنه على الأشهر ينتمي إلى أب بزاز يسمى ميرزا رضا وأم تسمى خديجة، وكان مولده أول المحرم سنة 1235 هجرية، ومات أبوه قبل فطامه، فرباه خاله ميرزا سيد علي التاجر، وعلمه الفارسية والعربية وإتقان الخط. أما أتباعه: فيزعمون أنه لم يتعلم، وإنما كان أميا يكتب بإلهام من الله، وقد شغل في صباه بالرياضات الصوفية، وتسخير روحانيات الكواكب، وقيل: إنه كان يصعد في بلدة أبو شهر إلى أعلا البيت عاري الرأس، ويمكث في الشمس في الهجيرة إلى العصر حيث تبلغ الحرارة درجة اثنتين وأربعين (سنتجراد) ثم تعتريه من جراء ذلك نوبات، ويعيد الكرة أياما على هذه الحال حتى أشفق خاله من عقبى هذه الرياضات الشاقة، فأرسله إلى كربلاء أملا في شفائه على أيدي الأئمة والمجتهدين، ولكنه أمعن هنالك في رياضاته، وتراءت له الأشباح في خلواته، فكاشف أناسا صدقوه؛ لأنهم كانوا على رقبة الإمام الموعود، ثم استفحل أمره، واجترأ أتباعه على نشر دعوته، وتهديد من يخالفهم في معتقده، وهبت الثورة باسمه في زنجان ومازندران وتبريز، وعرض أمره على العلماء، فتحرج بعضهم من الحكم بقتله؛ لعله أن يكون مخالطا في عقله غير مسئول عن فعله، وأفتى غيرهم بوجوب القتل اتقاء للفتنة، فسجن ثم قتل (في سنة 1850) وحدث عند إطلاق الرصاص عليه، في زعم البابيين، أنه ظل واقفا؛ لأن الرصاص قد أصاب قيوده، ولم يصبه في مقتل، ولكن شهود الحادث من غير البابيين يقولون: إنه مات، وألقيت جثته في خندق فأكلتها السباع.
وكان الباب قد أوصى قبل اعتقاله باتباع خليفته ميرزا يحيى الذي نعته بصبح أزل، فانتقل صبح أزل إلى بغداد، ومعه أخوه ميرزا حسين علي الملقب بالبهاء، ثم اختلفا، فانقسمت الطائفة إلى فرقتين تعرف إحداهما باسم الأزلية، وتعرف الأخرى باسم البهائية، ونشط كلاهما للدعوة في البلاد الإسلامية وغيرها، ولم يبق من أتباعهما في العصر الحاضر غير القليل.
مهدي السودان
أشرنا فيما تقدم إلى علامات كثيرة من علامات التوقع والاستعداد في العالم الإسلامي عند أواسط القرن التاسع عشر بعد اصطدام الشرق بغزوات الاستعمار، ونضيف إلى هذه العلامات علامة أخرى في هذا الصدد نلمحها في التجاوب السريع بين بلدان المسلمين لكل خبر من أخبار الدعوات والحركات العامة، وبخاصة ما كان من أخبار الثورة والتغيير، فلم يكد داعية البابية يلقى مصرعه حتى تسامع بهذا المصير مسلمو الهند وإفريقية الشرقية والوسطى على التخصيص، وهي قديمة الصلة ببلاد إيران، لا تنقطع عنها أخبارها من صدر الإسلام، وقد ترجع هذه الصلة إلى حقبة طويلة قبل البعثة المحمدية.
ولو كان الباب قد انتصر في معاركه مع جند الحكومة الإيرانية لكان هذا الانتظار خليقا أن يوصد الطريق على من يطمحون إلى ادعاء المهدية بعده، ولكن خذلانه على نقيض ذلك قد فتح الطريق في الهند وإفريقية ومواطن شتى لمن يطمحون إلى نصيب يكون خيرا من نصيبه، ويؤمنون في سريرتهم بصلاحهم وصلاح أوقاتهم للقيام بالرسالة المهدية.
وكان أقوى من تصدى للقيام بالرسالة المهدية بعد الباب: «محمد أحمد» الذي اشتهر باسم المهدي السوداني، ويلفت النظر في هذا المقام أن دعوته الأولى كانت باسم الإمام الثاني عشر الذي يترقبه الشيعة الإماميون، وقد نشأ بين أهل الطريق، وقرأ أشراط الساعة في كتب محيي الدين بن عربي، واطلع على قول ابن حجر والسيوطي: إن من هذه العلامات خروج صاحب السودان، ولم يكن في السودان يومئذ من يشك في اقتراب الساعة؛ لسوء الحال، وشيوع الفساد، واجتراء المفسدين على الجهر بمنكراتهم حتى اجترأ بعضهم على زفاف الغلمان بدلا من النساء، فلما انهزمت الدعوة المهدية في إيران تهيأت الأذهان في البلدان الأخرى لقبول دعوة غيرها يكتب لها النجاح، ووافق ذلك سخطا عاما بين كبار الزعماء الذين كانوا يتجرون بالنخاسة وبين العامة الذين أرهقتهم الضرائب وبين التجار الذين كسدت مرافقهم؛ لاضطراب المواصلات، وتتابع المنازعات بين مصر والسودان والحبشة، فتهيأت العقول للإصغاء إلى دعاة الإصلاح أو دعاة التغيير كيف كان.
وينتسب المهدي إلى الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ويقال: إن أجداده الأقربين أقاموا بإقليم المنيا زمنا بعد مقامهم إلى جوار الفسطاط، ثم انتقل بعضهم إلى بلاد النوبة، ثم استقروا في دنقلة، ثم انتقل أبوه عبد الله إلى الخرطوم فعمل فيها بصناعة السفن، وتوفي بقرية كررى إلى جوار أم درمان.
وقد ولد له ابنه محمد من زوجته آمنة (سنة 1845) وفي مكان مولده خلاف، إلا أنه على القول الأشهر قد ولد بجزيرة لبب، ومات أبوه وأمه وهو صغير.
Неизвестная страница