Ислам и либерализм несовместимы

Шахата Сакр d. Unknown

Ислам и либерализм несовместимы

الإسلام والليبرالية نقيضان لا يجتمعان

Издатель

دار الخلفاء الراشدين

Место издания

دار الفتح الإسلامي

Жанры

الإسلام والليبرالية نقيضان لا يجتمعان جمع وترتيب شحاتة صقر دار الخلفاء الراشدين، دار الفتح الإسلامي

Неизвестная страница

حقوق الطبع محفوظة رقم الإيداع: دار الخلفاء الراشدين، دار الفتح الإسلامي الإسكندرية - ٣ ش عمر ــ أبو سليمان ... الإسكندرية ــ مصطفي كامل أمام مسجد الخلفاء الراشدين ... بجوار مسجد الفتح الإسلامي ٠١٢٠١٥٢٩٠٨/ ٠١٠٥٠١٣١٥١ ... ٠١٠٢٧٧١٠٦٠/ ٠١٠٦٧١٤٧٦٨

1 / 2

قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)﴾ (النساء:٦٥). قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (٦٠) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (٦١)﴾ (النساء: ٦١). قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٧)﴾ (الزخرف: ٣٦ - ٣٧). قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (٣٦)﴾ (الأنفال: ٣٦).

1 / 3

سؤالان يوضحان الفرق بين الإسلام والليبرالية السؤال ... الإسلام ... الليبرالية مَن له حق التحليل والتحريم؟ مَن له الحق أن يقول: هذا حلال وهذا حرام؟ ... اللهُ ﷾ خالقُ البشر الذي خلقهم ويعلم ما فيه مصلحتهم. ... على النطاق الفردي كل شخص حُرٌ يفعل ما يشاء، أما على نطاق المجتمع فما رآه أغلبية الشعب حلالًا فهو حلال وما رأوه حرامًا فهو حرام. ما حكم الزنا، والشذوذ الجنسي، والربا وشرب الخمر؟ ... من كبائر الذنوب ومن اعتقد أن أيًا منها حلال فهو كافر. ... على نطاق الفرد حرية شخصية، أما بالنسبة للمجتمع فهو حسب رأي أغلبية الشعب.

1 / 4

مقدمة إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢)﴾ (آل عمران:١٠٢). ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١)﴾ (النساء:١). ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠)﴾. (الأحزاب:٧٠). أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﵌، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ،

1 / 5

وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِى النَّارِ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﵌: «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ»، قِيلَ: «وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟» قَالَ: «الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ». (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني). وفي رواية: «السَّفِيهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ». (رواه الإمام أحمد في المسند، وحسنه الأرنؤوط). وفي رواية: «الْفُوَيْسِقُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ» (رواه الإمام أحمد في المسند، وحسنه الأرنؤوط). (سَنَوَاتٌ) جَمْعُ سَنَةٍ، (خَدَّاعَاتُ) الخداع المكر والحيلة، وإضافة الخداعات إلى السنوات مجازية. والمراد أهل السنوات. (الرُّوَيْبِضَةُ) تضغير رابضة. وهو العاجز الذي ربض

1 / 6

عن معالي الأمور وقعد عن طلبها، وَالتَّافِهُ الْحَقِيرُ الْيَسِيرُ، أَيْ: قَلِيلُ الْعِلْمِ» (١). ونحن في زمن اختلطت فيه بعض المفاهيم على كثير من الناس فانخدعوا بأبواق الإعلام العلماني المعادي لكل ما هو إسلامي، وصار - عند هؤلاء المخدوعين – بعض الحقِّ باطلًا وبعض الباطلِ حقًّا، متأثرين بالمتعالمين وأدعياء الثقافة وأعداء الإسلام الذين يحاولون جاهدين تشويه منهج الإسلام العظيم عن طريق تشويه الدعاة إليه، وإثارة الشبهات حوله. ومن المفاهيم التي التبسَتْ على الناس مفهوم (الليبرالية) التي ظن بعض الناس أنها تعني الحرية التي كانوا منها محرومين، وكانوا إليها تواقين، ولم يدركوا معناها الحقيقي الذي يخالف أصول الإسلام، والذي يجعلها دينًا عند أهلها،

(١) بتصرف من حاشية السندي على سنن ابن ماجه، ومن تعليق محمد فؤاد عبد الباقي عليها.

1 / 7

كما سيرى القارئ الكريم في صفحات هذا الكُتَيّب. وقد كَثُر في الآوِنِة الأَخيرةِ تَرديدُ كَلِمِةِ (اللِيبراليِّةِ) عَلى أَلسنِةِ النِّاس، وَعَلى صَفحاتِ الصُّحُفِ اليَوميِّة وَغَيرِها مِنَ وَسائِل الإعلام، بَعدَ أَن نَشَأَت في بلاد المسلمين أَحزابٌ تَنتَسِبُ إِلى هذِهِ العَقيدةِ الضالَّة، وَغَدَت تَدعُو إِلى مَبادِئِها الهَدَّامةِ، مِثل: ؟ الدعوة إلى تَرْك الاحتكام إلى الشريعة الإلهيِّة بدعوى اللحاق بركب المستقبل. ؟ وإلى السماح بنشر الدعوة إلى الكفر والإلحاد، بدعوى التسامح والانفتاح على الثقافات الأُخرى واحترام حريِّة الرأي والنشر والتعبير. ؟ وإلى الهبوط من سموِّ الأخلاق الإسلامية، إلى حضيضِ الرذائل البهيميِّة، تحت شعار الحريّة الشخصيّة. ؟ وإلى محاربة الفضيلة وحجاب المرأة والعفاف والشيم الكريمة.

1 / 8

وغدت هذه الأحزاب تحضُّ الناس على اعتناق هذه العقيدة التي تُدْعَى (الليبراليَّة)، وما هي سوى تخاريف شيطانيَّة، ابتدعها فلاسفة من أوربا، حقيقةُ أمرِهم أنهم زنادقة لا يؤمنون برب معبود، ولا بيومٍ مشهود، ولا يدينون بشريعة إلهيّة يلتزمونها، ولا برسول يطاع ويُتَّبَع، وإنما غاية مرامهم، تزيين المنكرات، واتباع الشهوات، والكفر بخالق الأرض والسموات. وأما هذه الأحزاب الضاَّلة فغاية مقصدها هدم الشريعة الإسلاميَّة وإلغاؤها بالكليَّة، أو عزلها من الحياة، وحصرها في المسجد والعبادات الشخصيَّة. وهدف هذه الأحزاب هو إلحاق الأمة الإسلاميِّة، بمناهج الغرب المتهتِّك الضالِّ الملحد الكافر، وطمس معالم الأخلاق الإسلاميِّة، وصدّ الناس عن التمسُّك بتعاليم الكتاب العزيز، والسنة النبويِّة الشريفة، بدعوى اللّحاق بركب الحضارة المعاصرة، كأنَّ الحضارة لا تكون إلا بالكفر والإلحاد، أو التهتك والانحلال والفساد.

1 / 9

ومن هنا كانت هذه الرسالة لكي تستبين سبيلُ المجرمين، وليأخذ المؤمنون حِذْرَهُم كما أمرهم الله ﷾، وليأخذوا على أيدي المفسدين فيهم، وليحذّروا من أتباع هذه الأحزاب، وليمنعوا رموز هذه الأحزاب ما استطاعوا من الوصول إلى المواقع التي تمكنهم من تطبيق أفكار أحزابهم الخبيثة على المسلمين. وأسأل الله ﷿ أن ينفعني والمسلمين بهذه الورقات وأن يرزقنا الإخلاص في السر والعلن، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه - سيدنا محمد - وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين. شحاتة محمد صقر saqrmhm@gawab.com saqrmhma@yahoo.com ت: ٠١١٠٩٦٧٤٦٦

1 / 10

ما هي الليبرالية؟ بيان معنى العَلَمانيّة التي هي أصل الليبراليّة: العَلَمانيّة تُعْرَفُ في أوربا - وهي البلاد التي نشأت فيها - بـ: «ألاّ يكون الإنسان مُلزَمًا بتنظيم أفكاره وأعماله وفق معايير مفروضة على أنها شريعة أو إرادة إلهيِّة»، ويطلق على هذا الفكر في اللغة الانجليزية التي هي لغته الأصلية SECULARISM، وهي تعني (اللاَّدينية)، غير أنها اشتهرت باسم (العَلَمانيّة)، ولعلَّ ذلك كان مقصودًا بغيةَ إلباسها لبوسًا يجعلها مقبولة بين المسلمين. وفي قاموس (أكسفورد) عُرِّفَتْ بما يلي: «العلمانيَّة مفهوم يرى ضرورة أن تقوم الأخلاق والتعليم على أساس غير ديني».

1 / 11

الأركان التي تقوم عليها العَلَمانية: العلمانية تقوم على ثلاثة أركان هي: الركن الأول: قَصْر الاهتمام الإنساني على الدنيا فقط، وتأخير منزلة الدين في الحياة، ليكون من ممارسات الإنسان الشخصيَّة، فلا يتدخل في الحياة العامة. الركن الثاني: فَصْل العلم والأخلاق والفكر والثقافة عن الالتزام بتعاليم الدين، أيِّ دين كان. الركن الثالث: إقامة دولة ذات مؤسسات سياسية على أساس غير ديني.

1 / 12

ينقسم الناس بالنسبة إلى موقفهم من أحكام الشريعة الإسلامية الى أربعة أقسام: القسم الأوّل: يقبلونها ويعتقدون أنها كلها حق، كما قال تعالى: ﴿يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ (آل عمران: ٣)، ويعملون بها قدر استطاعتهم، وهم مع ذلك إن عَصَوا وخالفوا ما أمر الله ﷾ به، استغفروا وتابوا، كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٣٥)﴾ (آل عمران: ١٣٥)، فهؤلاء هم المسلمون المؤمنون المستقيمون على طاعة الله ﷾، ومنهم المقتصد الذي يأتي بالواجبات وينتهي عن المحرمات، ومنهم السابق بالخيرات الذي يزيد في الطاعات والحسنات من النوافل والمستحبات.

1 / 13

القسم الثاني: وهم الذين يقبلون جميع أحكام الله ﷾ وما جاء به الرسول ﵌، ويعتقدون أنها كلها حق من عند الله ﷾، ولا يعترضون على شيء منها، ولا يقولون نؤمن ببعض ونرفض بعضًا بعقولنا وأهوائنا، ولكنهم مع ذلك تغلبهم الشهوات فيقعون في الذنوب والمعاصي والآثام وهم يعلمون أنَّ ما فعلوه مخالف لأحكام الله ﷾، ويقِرُّون بأنهم عاصون مذنبون، ولكنَّهم يسوِّفون التوبة ويؤخِّرونها بتزيين الشيطان وطول الأمل. فهؤلاء عُصاةٌ قد ظلموا أنفسهم، لكنَّهم مسلمون لأنَّهم يؤمنون بالدين كلِّه، ولا يرفضون شيئًا منه، لا ظاهرًا ولا باطنًا، غير أنهم ناقصو الإيمان، وحكمهم أنَّ أمْرَهم إلى الله ﷾ إن ماتوا على المعاصي ولم يتوبوا منها قبل الموت، فيحكم الله فيهم يوم القيامة، إن شاء غفر لهم، وإن شاء عذبهم، وإن عذبَّهم فمآلهم بعد العذاب إلى الجنَّة ماداموا موحِّدين من أهل الصلاة، ما لم تهوي بهم كبائر الذنوب إلى

1 / 14

حضيض الشرك والكفر قبل الموت، لأن الكبائر - كما قال العلماء - هي دهليز الكفر، وأهل الكبائر على خطر عظيم، ومن ذلك أن يُرانَ على قلوبهم مع كثرة الذنوب، فيسهل عليهم الكفر بالله ﷾، فيصيرون إليه قبل الموت، خذلانًا من الله ﷾، عياذا بالله من سوء الخاتمة. القسم الثالث: وهم الذين يرفضون أحكام الله ﷾ كلها، ويعتقدون أن الأديان ليست سوى اجتهادات بشريِّة لمصلحين اجتماعيين أو مفكرين سياسيين، ولا يوجد وحي من الله ﷾ مُنَزَّلٌ على الرسل ﵈، وقد يعتقد بعض هؤلاء أن الله ﷾ خلق الكون والإنسان، ولكنَّه تركه ليهدي نفسه بنفسه، لأنَّه ركَّب فيه العقل وتركه ينير للإنسان طريق الهداية، وهؤلاء هم الكفّار الذين لا يؤمنون بما أنزل الله ﷾. القسم الرابع: وهم الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، ويجعلون الدين أجزاء بحسب أهوائهم، ويقولون نؤمن بما

1 / 15

يوافق أهواءنا منه، ونرفض ما سواه، أو نَعْرِضُ ذلك على التصويت حسب عدد الأصوات. فما قبله أكثر الناس بناءً على قناعاتهم العقليِّة التزمناه وجعلناه قانونًا حاكمًا على العباد لاحاكم سواه، وعاقَبْنَا مَن يخالفه، وما رفضه التصويت والعقل تركناه وأهملناه، ولا يهمُّنا أن الله ﷾ أنزله وفرضه، فالعقل والتصويت هما الحاكمان على الدين، وهما الإله المعبود لديهم، وهما المنهج الهادي، بدل كتاب الله ﷾ وسنَّة رسوله ﵌. ولا ريب أن التشريعات المناقضة لشريعة الله ﷾، ليست سوى أنداد تضل عن شريعة الله التي هي سبيله وصراطه المستقيم الذي وضعه نورًا وهدى للناس، ويصدق على تلك التشريعات المناقضة لشريعة الله قوله تعالى: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (٣٠)﴾ (إبراهيم: ٢٩).

1 / 16

حكم مَن يؤمنون ببعض الدين ويكفرون ببعض: قال تعالى: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٨٥)﴾ (البقرة:٨٥). من المعلوم أن الدين كلُّ، لا يقبل أن يتجزأ من جهة القبول به والإذعان له، وأن من رفض حكمًا من أحكام الله ﷾، وكفر به واعتقد أنه لا يصلح لهذا الزمان، وأن تطبيقه يجب أن يُعرضَ على العقل، أو على التصويت، فإن وافق ذلك أحكام الله ﷾ كان بها ونعمت، وإن لم يوافق أحكام الله ﷾ تركنا ما أنزل الله ﷾ وراء ظهورنا، واتبعنا عقولنا ونتيجة التصويت، من زعم ذلك فهو كافر مشرك بالله تعالى. وتطبيق شرع الله واجب بإجماع المسلمين، وهو امتثال أمره في كتابه: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ (المائدة:٤٩)،

1 / 17

وهو وصف كل مؤمن، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥١)﴾ (النور:٥١). وتَرْك تطبيق شرع الله مِن علامات النفاق الظاهرة؛ قال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا﴾ (النساء:٦١). قال الشيخ محمد متولي الشعراوي ﵀: «إياك أن تَرُدَّ الأمرَ على الله ﷾ لا تَقُل إن هذه الشريعة لم تَعُدْ تناسب العصر الحديث، فإنك بذلك تكون قد كفرت، والعياذ بالله» (١). وإذا كان إبليس قد كفر ولعنه الله لاعتراضه على أمر واحد من أوامر الله – وهو الأمر بالسجود لآدم ﵇ – فما

(١) تفسير الشعراوي، عند تفسير قوله تعالى: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٣٧)﴾ (سورة البقرة:٣٧).

1 / 18

بالك بمن يرفضون الكثير من أوامر الله ونواهيه بحجة أنها لا تناسب العصر الحديث. وكأنهم يتهمون الله ﷿ بأنه لا يعلم ما يصلح الإنسان، قال تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ (الملك: ١٤). وفيما يلي بعض الآيات القرآنية الدالة على وجوب التحاكم إلى شريعة الله وكُفْر مَن لم يعتقد وجوب التحاكم إليها في كل صغير وكبير، وكفر مَن آمن ببعض أحكام الله ﷾ دون بعض: ١ - قال تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (يوسف: ٤٠). ٢ - قال تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ (الشورى: ٢١)، والذي يشرع من دون الله يزعم أنه شريك لله ﷾ في الأمر والنهي والتحليل والتحريم.

1 / 19

٣ - قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)﴾ (النساء:٦٥). ٤ - قال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ (المائدة: ٤٤). ٥ - قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ (النساء: ٦٠ - ٦١). ٦ - قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٤٨) وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا

1 / 20