(بِسْمِ الله) كالشمس يضئ نَفْسَه كغيرِه، فاستغنى. حتى ان باءه متعلقة بالفعل المفهوم من معناها - اي: استعين به، او المفهوم عرفًا، أي: أتَيمّن به، أو بما يستلزمه "قل" المقدَّر من "أقرأ" - المؤخّر للاخلاص والتوحيد ١.
اما "الاسم" فاعلم! ان لله اسماء ذاتية، واسماء فعلية متنوعة كالغفار والرزاق والمحيي والمميت وأمثالها. وتنوّعُها وتكثُّرها بسبب تعدد نسبة القدرة الازلية الى انواع الكائنات ٢. فكأن (بسم الله) استنزالٌ لتأثير وتعلق القدرة ليكون ذلك التعلقُ روحًا مُمدًّا لكسب العبد.
(الله) لفظة الجلال نسخةٌ جامعة لجميع الصفات الكمالية لدلالتها التزامًا عليه؛ بسر استلزام ذاته تعالى لصفاته بخلاف سائر الأَعلام، لعدم الاستلزام.
(الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
وجه النظم: ان لفظ الجلال كما يتجلى منه الجلال بسلسلته، كذلك يتراءى الجمال بسلسلته من (الرحمن الرحيم) . اذ الجلال والجمال اصلان تسلسل منهما - بتجليهما في كل عالم - فروعٌ: كالامر والنهي، والثواب والعذاب، والترغيب والترهيب، والتسبيح والتحميد، والخوف والرجاء الى آخره. .
وايضا كما ان لفظ الجلال اشارة الى الصفات العينية والتنزيهية؛ كذلك "الرحيم" ايماء الى الصفات الغيرية الفعلية؛ و"الرحمن" رمز الى الصفات السبع التي هي لا عينٌ ولاغيرٌ؛ اذ "الرحمن" بمعنى الرزاق، وهو عبارة عن اعطاء البقاء. والبقاءُ تكررُ الوجود. والوجود يستلزم صفة مُمَيِّزة وصفة مُخَصِّصَة وصفة مُؤَثِّرَة، وهي العلم والارادة والقدرة. والبقاء الذي هو ثمرة اعطاء الرزق يقتضي عُرفًا ثبوت البصر والسمع والكلام؛ اذ لابد للرزاق من البصر ليرى حاجة المرزوق إن لم يَطلب، ومن السمع ليستمع كلامه إن طلب، ومن الكلام ليتكلم مع الواسطة إن كانت. وهذه الست تستلزم السابعة التي هي الحياة.
_________
١ ان الافعال المذكورة المتعلقة بالباء، تقدّر مؤخرًا للحصر ليتضمن الاخلاص والتوحيد (ت: ١٤)
٢ اى بسبب علاقة القدرة الازلية وتعلّقها بانواع الكائنات وافرادها (ت: ١٤)
1 / 25