وهذا ما رأيناه ببيئة المدينة في عصر ابن فرحون، حيث كانت للعلماء جهود في مقاومة ضلال فئة الشيعة ومحاولة استئصال شأفة المنكرات.
وكان ابن فرحون ينبهُ إِلى خطر بدعةِ الشيعة وما تجره من عظيم الفساد وبالغ الضرر، ويحمّل الحكام تبعة التصدي إِلى هذه البدعة لحسمها بسلطانهم ودرء مفاسدها الجسيمة.
وفي تقديري أن إِشارة التمبكتي إِلى إِظهار ابن فرحون لمذهب مالك ومناصرته بعد خموله بالمدينة عندما ولي منصب القضاء (١) لا تعني طغيان التعصب المذهبي عليه، لعلاقته الوطيدة بعلماء من المذاهب الفقهية المختلفة إِذ أخذ عن فقهاء من غير المالكية، وسمع عنه وأخذ عنه طلبة من غير المالكية بالمدينة وبحمص.
وإِنما تعني تلك الإِشارة سعيه لخدمة مذهبه المالكي، تدريسًا وتأليفًا وتطبيقًا في مجال القضاء، وإِفتاءً بأحكامه، كما تعني مناصرة الاتجاه السني الذي تمثل المالكية رافدًا من روافده.
وكل انحراف جره سلطان أمراء الشيعة بالمدينة يتصدى له ابن فرحون بالمعارضة، ويكشف للناس خطره، ويدلهم على فساده، مبرهنًا
_________
(١) النيل: ٣١.
وفي ترجمته ببرنامج المكتبة الصادقية: ٤/ ٢٨٠ هذا المعنى.
1 / 41