لعله من ولد عقيل أخوه، فتبين لي المنكر في وجوههم، والحسد في احمرار أعينهم، وقد توشح علي بدرع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولبس رداءه السحاب، ولقد أسرج له دابته العقاب، وقد نزل على عين ماء [اسمها روبة](1).
فلما رآني اشمأز وبربر(2)، وأطرق موحشا يقبض على لحيته، فبادرته بالسلام استكفاء شرته واتقاء وحشته، واستغنمت سعة المناخ وسهولة المنزل، فنزلت ومن معي بحيث نزلوا اتقاء عن مراوغته، فبدأني ابن ياسر بقبيح لفظه ومحض عداوته، فقرعني هزوا بما تقدمت به إلي بسوء رأيك.
فالتفت إلي الأصلع الرأس، وقد ازدحم الكلام في حلقه كهمهمة الأسد أو كقعقعة الرعد، فقال لي بغضب منه: أوكنت فاعلا يا أبا سليمان؟ فقلت: والله لو أقام على رأيه لضربت الذي فيه عيناك، فأغضبه قولي إذ صدقته، وأخرجه إلى طبعه الذي أعرفه له عند الغضب فقال: يا ابن اللخناء! مثلك من يقدر على مثلي أن يجسر، أو يدير اسمي في لهواته التي لا عهد لها بكلمة حكمة؟ ويلك إني لست من قتلاك ولا قتلى صاحبك(3)، وإني لأعرف بمنيتي منك بنفسك.
ثم ضرب بيده إلى ترقوتي فنكسني عن فرسي، وجعل يسوقني دعا إلى رحى للحارث بن كلدة الثقفي، فعمد إلى القطب الغليظ فمد عنقي بكلتا يديه وأداره في عنقي ينفتل له كالعلك المسخن، وأصحابي هؤلاء وقوف ما أغنوا عني سطوته، ولا كفوا عني شرته، فلا جزاهم الله عني خيرا، فإنهم لما نظروا إليه كأنهم قد نظروا إلى ملك موتهم، فوالذي رفع السماء بلا عمادها لقد اجتمع على فك هذا القطب مائة رجل أو يزيدون من أشد العرب فما قدروا على فكه. فدلني عجز الناس عن فتحه انه سحر منه أو قوة ملك قد ركبت فيه ، ففكه الآن عني إن كنت فاكه، وخذ لي بحقي
Страница 265