وفي حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالإسناد إلى أميرالمؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:(هل منكم من يريد أن يعطيه الله علما بغير تعلم ؟ هل منكم من يريد أن يعطيه الله تعالى هديىبغير هداية ؟ هل منكم من يريد أن يذهب الله عنه العمى ويجعله بصيرا ؟ ألا إنه من زهد في الدنيا ، وقصر فيها أمله أعطاه الله علما بغير تعلم، وهدى بغير هداية، ألا وإنه من رغب في الدنيا، وطال فيها أمله أعمى الله قلبه على قدر رغبته فيها، ألا وإنه سيكون أقوام لايستقيم لهم الملك إلا بالقتل والتجبر، ولايستقيم لهم الغنى إلا بالبخل والفجور، ولا تستقيم لهم المحبة في الناس إلا باتباع الهوى، ألا فمن أدرك ذلك منكم، فصبر على الذل وهو يقدر على العز، وصبر على الفقر وهو يقدر على الغنى، وصبر على البغضة في الناس وهو يقدر على المحبة، لايريد بذلك إلا وجه الله، والدار الآخرة آتاه الله ثواب خمسين صديقا )(1).
قال الإمام المنصور بالله:(المراد بقوله:(صبر على الذل وهو يقدر على العز) أن يباين الظالمين فيذله سلطانهم في الله سبحانه وتعالى، ولو تابعهم لأعزوه، وصبر على الفقر بأن حاربهم فاحتاج فمنعوه عن الرزق في منافعه، ولو انضاف إلى جانبهم لأغنوه، واستغنى باستقامة مامعه، وصبر على البغضة لمثل ذلك وهو كان يقدر على المحبة بالمداهنة). قال: فهذا معي الحديث والله أعلم).
فكلامه رحمه الله في هذا من أجل الكلام وأشفاه للكلام، فانظر واعلم واعمل واحترز، ولاتغتر فتهلك وتخسر، وأصل ذلك كله توهج حب الدنيا فاقرعه، واعتراض مفتاح الطمع فاقمعه، وغليان ماء الحرص فافزعه.
Страница 84