وعن أبي حازم(1) قال: (إن أسعد الناس بحسن الخلق لنفسه، هي منه في راحة، ثم زوجته، ثم ولده، ثم أصحابه، حتى إن فرسه لتصهل إذا سمعت صوته. وإن سي ء الخلق أشقي الناس به نفسه، هي منه في بلاء، ثم زوجته، ثم ولده، ثم خدمه، وإنه ليدخل بيته وهم في سرور فيتفرقون منه فرقا).
وأقول: صدق أبو حازم، فإن حسن الخلق يبلغ بصاحبه منازل الأحرار، ودرجات الملوك، ولو أنه مملوك، فهذه غاية السعادة. وسوء الخلق يبلغ بصاحبه إلى منازل العبيد والأراذل، ولو كان في الملك الطائل.
واعلم أنك لن تتزيا بحسن الخلق في المعاشرة، حتى تتلفع من الثياب الفاخرة بعشرة، فإن المتردي بحسن الأخلاق في المعاشرات هو حسن المواتاة،
ولهذا سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن حسن الخلق فقال: (هو موافقة الناس ومواتاتهم ما لم يكن لله معصية)(2)
فالبسها قشيبة، وخذها إليك غريبة.
الأول منها: الحلم، والصبر، وقبول العذر.
هذه الخصال من أشرف الخلال، ومن لبسها فقد ارتدى الكمال، وتزيا بالجمال، ونطق بمدحه اللسان، وطال على الأقران، وهي عماد الدين، وأصل فرائض رب العالمين.
Страница 113