قَالَ الشّعبِيّ وَالله لقد بغض هَؤُلَاءِ الْقَوْم إِلَى الْمَسَاجِد حَتَّى لهي أبْغض إِلَيّ من كناسَة دَاري قلت من هم يَا أَبَا عَمْرو قَالَ الأرائيون قَالَ وَمِنْهُم الحكم وَحَمَّاد وأصحابهم قَالَ الرّبيع بن خثيم إيَّاكُمْ أَن يَقُول الرجل لشَيْء إِن الله حرم هَذَا أَو نهى عَنهُ فَيَقُول الله كذبت لم أحرمهُ وَلم أَنه عَنهُ قَالَ أَو يَقُول إِن الله أحل هَذَا وَأمر بِهِ فَيَقُول كذبت لم أحله وَلم آمُر بِهِ وَذكر ابْن وهب وعتيق بن يَعْقُوب إنَّهُمَا سمعا مَالك بن أنس يَقُول لم يكن من أَمر النَّاس وَلَا من مضى من سلفنا وَلَا أدْركْت أحدا أقتدي بِهِ يَقُول فِي شَيْء هَذَا حَلَال وَهَذَا حرَام مَا كَانُوا يجترءون على ذَلِك وَإِنَّمَا كَانُوا يَقُولُونَ نكره هَذَا نرى هَذَا حسنا ونتقي هَذَا وَلَا نرى هَذَا وَزَاد عَتيق بن يَعْقُوب وَلَا يَقُولُونَ حَلَال وَلَا حرَام أما سَمِعت قَول الله ﷿ ﴿قل أَرَأَيْتُم مَا أنزل الله لكم من رزق فجعلتم مِنْهُ حَرَامًا وحلالا قل آللَّهُ أذن لكم أم على الله تفترون﴾ الْحَلَال مَا أحله الله تَعَالَى وَرَسُوله ص وَالْحرَام مَا حرمه الله تَعَالَى وَرَسُوله ص
قَالَ أَبُو عمر معنى قَول مَالك هَذَا أَن مَا أَخذ من الْعلم رَأيا واستحسانا لم يقل فِيهِ حَلَال وَلَا حرَام وَالله تَعَالَى أعلم وَقد رُوِيَ عَن مَالك أَنه قَالَ فِي بعض مَا كَانَ ينزل فَيسْأَل عَنهُ فيجتهد فِيهِ رَأْيه أَن نظن إِلَّا ظنا وَمَا نَحن بمستيقنين وَلَقَد أحسن أَبُو الْعَتَاهِيَة حَيْثُ يَقُول ... وَمَا كل الظنون تكون حَقًا ... وَلَا كل الصَّوَاب على الْقيَاس ...
وَقَالَ أَبُو وَائِل لَا تقاعدوا أَصْحَاب أَرَأَيْت وَقَالَ الشّعبِيّ مَا كلمة أبْغض إِلَى من أَرَأَيْت وَقَالَ دَاوُد الأودي قَالَ لي الشّعبِيّ احفظ عني ثَلَاثًا لَهُنَّ شَأْن إِذا سَأَلت عَن مَسْأَلَة فأجبت فِيهَا فَلَا تتبع مسألتك أَرَأَيْت فَإِن الله تَعَالَى يَقُول فِي كِتَابه أَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ حَتَّى فرغ من الْآيَة وَالثَّانيَِة إِذا سُئِلت عَن مسئلة فَلَا تقس شَيْئا بِشَيْء فَرُبمَا حرمت حَلَالا أَو أحللت حَرَامًا وَالثَّالِثَة إِذا سُئِلت عمالا تعلم فَقل لَا أعلم وَأَنا شريكك وَقَالَ الشّعبِيّ إِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ فِي أَرَأَيْت وَقَالَ اللَّيْث بن سعد رَأَيْت ربيعَة بن أبي عبد الرحمن فِي الْمَنَام فَقلت لَهُ يَا أَبَا عُثْمَان مَا حالك قَالَ صرت إِلَى خير إِلَّا أَنِّي لم أَحْمد على كثير مِمَّا خرج مني من الرَّأْي وَقَالَ يحيى بن أَيُّوب بَلغنِي أَن أهل الْعلم كَانُوا يَقُولُونَ إِذا أَرَادَ الله تَعَالَى أَن لَا يعلم عَبده خير أشغله بالأغاليط وَسُئِلَ رَقَبَة بن مصقلة عَن أَصْحَاب الرَّأْي فَقَالَ هم أعلم النَّاس بِمَا لم يكن وأجهلهم بِمَا كَانَ يُرِيد أَنهم لم يكن لَهُم علم مِمَّن مضى قلت وَهَذَا أَمر مشَاهد فِي الطَّائِفَة المقلدين والعصابة المتعصبين فَإنَّك إِذا قلت لوَاحِد مِنْهُم أَرَأَيْت لَو نسي الْمُصَلِّي فَسلم فِي ثَلَاثَة من الرّبَاعِيّة لبادر أَن يَقُول مَذْهَبنَا كَذَا وَإِذا قلت لَهُ لم أَسأَلك عَن مذهبك إِنَّمَا أسئلك عَن فعل النَّبِي ﷺ وَالْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وقف حمارا يشخ فِي الْعقبَة وَغَضب وإحمار وإصفار
قَالَ أَبُو عمر بن عبد البر حَدثنَا عبد الرحمن بن عبد الله بن خَالِد ثَنَا يُوسُف بن يَعْقُوب النجيرمي
1 / 20