وقد قرن الله سبحانه بين الصلاة والذبح في قوله: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ (١) أي: أخلص له صلاتك وذبيحتك، فكما أن الصلاة لغير الله: شرك، فكذا قرين الصلاة، وهو الذبح لغيره (٢): شرك.
وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ (٣) .
ومن العجب: قول بعض من يحتج للمشركين بالأموات: إنهم لا يرجون قضاء حاجاتهم من الميت /ونحوه.
فنقول: هذا مكابرة ومغالطة؛ لأنه من المعلوم عند كل ذي عقل: أنهم ما دعوهم وتذللوا وخضعوا لهم، وبذلوا أموالهم بالنذور (٤) والذبائح؛ إلا لأنهم يرجون حصول مطلوبهم، وقضاء حاجاتهم من جهتهم.
فكيف يتصور عند عاقل أن يسمع من يسأل الميت والغائب حاجة بأن يقول: اعطني كذا، أو (٥) أنا في حسبك، ويستغيث به في دفع عدو أو كشف ضر، ويتذلل ويخضع له، ثم يقول: إنه لا يرجو حصول مطلوبه ودفع مرهوبه من جهته!!
_________
=
شيبة في "المصنف" ١٠/٢٠٠، وابن المبارك في "الزهد" رقم ٤٥٩، والطبراني في "الصغير"١/٩٧، و"كتاب الدعاء" رقم ٢٠٧، وابن حبان في "الصحيح" رقم ٢٣٩٦، والحاكم في "المستدرك" ١/٤٩١. ووافقه الذهبي،والطبري في "التفسير"٢٤/٥١، وأبو نعيم في "الحلية"٨/١٢٠ كلهم بلفظ "الدعاء هو العبادة" من حديث النعمان بن بشير، وصححه النووي في "الأذكار"/٣٣٣ وجوَّد الحافظ ابن حجر إسناده."فتح الباري"١/٤٩، وأخرجه أيضا الخطيب البغدادي في "التاريخ" ١٢/٢٧٩،وابن مردويه كما في "الدر المنثور" ٥/٣٥٥ من حديث البراء بن عازب.
(١) سورة الكوثر آية ٢.
(٢) (ط): لغير الله.
(٣) سورة الأنعام الآيتان ١٦٢، ١٦٣.
(٤) (ع) (ط): لهم بالنذر.
(٥) (ط): و.
1 / 51