403

والحجة على ذلك: ما حكيناه عنهم، ونزيد هاهنا وهو أن الأرض محل نجس(¬2) فلا تطهر عند وقوع النجاسة إلا بالماء كالثوب، ولأنها أرض لا يصح التيمم منها فلا تصح الصلاة عليها كما إذا لم يذهب أثر النجاسة، وهذا القياس إنما هو على إحدى الروايتين في أنه يصلي عليها ولا يتيمم منها، فأما على الرواية الثانية أنه يصح فيها الأمران جميعا فلا وقع له.

الانتصار: يكون بإبطال ما جعلوه عمدة لهم.

قالوا: الأرض مع طلوع الشمس وهبوب الرياح تحيل الأشياء عن طباعها، ولهذا قال الله تعالى: {وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا}[الكهف:8]. ومع الاستحالة تحصل الطهارة لا محالة.

قلنا: عن هذا جوابان:

أما أولا: فلأن هذا منقوض بالذهب والفضة وسائر الأحجار الجوهرية، فإن الأرض لا تحيلها.

وأما ثانيا: فلأن الغرض بالآية إبطال هذا النظام وزوال هذا التأليف من الجبال والآكام، وجعلها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، على أنه قد حكي عن ابن عباس في تفسير الآية: أنه [تعالى]: أراد بذلك موت الأنبياء، والخلفاء، والعلماء، والأمراء، ومن فيه صلاح للخلق.

قالوا: الشمس تقلل النجاسة، وقليل النجاسة لا يمنع من الصلاة كالأمور التي عفا الشرع عنها، وقد مر بيانها.

قلنا: عن هذا جوابان:

أما أولا: فلأنا لا نسلم أن الشمس تقلل النجاسة كما زعموه، وإنما تنشفها كما ينشفها ما كان مهلهل النسيج؛ كالثوب الخلق والبساط، وما هذا حاله فلا يعد تقليلا بحال.

وأما ثانيا: فإنا نقول: القليل عندكم معاشر أصحاب أبي حنيفة هو قدر الدرهم قياسا على حلقة الدبر، وهذا أكبر من الدرهم فلا وجه لعده من جملة القليل.

قالوا: تأثير الأرض في إزالة النجاسة أعظم من تأثير الماء فإذا كان الماء مطهرا فالأرض مثله في التطهير من غير فرق بينهما، وإنما كانت الأرض أبلغ من الماء من جهة أن الأرض تحيل النجاسة وتذهبها بخلاف الماء، فإنه إنما يطهرها ولا يحيلها، فلهذا قلنا: بأنها أبلغ من الماء في التطهير.

Страница 410