275

Интисар

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

Жанры

Фикх

الحجة الثالثة: ما روي عن أبي ثعلبة الخشني (¬3) قال: قلت: يا رسول الله إنا بأرض أهل الكتاب فنسألهم آنيتهم، فقال: (( اغسلوها، ثم اطبخوا فيها))(¬4). فلولا أنها نجسة وإلا لكان لا وجه للأمر بغسلها، وليس الوجه في نجاستها إلا من أجل مماستهم لها وشربهم فيها، وفي هذا دلالة على نجاسة الآسار كما ذكرناه.

المذهب الثاني: أن جميع آسار الكفار ورطوبتهم طاهرة، وهذا هو قول زيد بن علي ومحكي عن المؤيد بالله، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه والشافعي وأصحابه. قال زيد بن علي: المشرك يتوضأ بسؤر شربه إلا أن يعلم أنه شرب خمرا، ولا يتوضأ بسؤر وضوئه، وإنما خص التوضؤ بسؤر شربه دون سؤر وضوئه لأمرين:

أما أولا: فلأن الأصل هو النجاسة فيهم، ولكن خص الشرع آسارهم فبقي ما بقي على أصل التنجيس.

وأما ثانيا: فلأنه يسيح عند الوضوء من ملابسة النجاسة مالا يسيح عند الشرب، فمن أجل ذلك فرق بينهما، وإلى طهارة الآسار في حق الكفار وطهارة رطوباتهم، ذهب الإمام المنصور بالله.

والحجة على ذلك: قوله تعالى: {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم}[المائدة:5]. فلو كانوا أنجاسا لما أباح ذلك، وهذا خاص في الدلالة على طهارة الرطوبة في حقهم في الطعام والشراب وسائر الرطوبات.

الحجة الثانية: ما روى جابر بن عبدالله قال: (( كنا نغزوا مع رسول الله فنشرب من آنية أهل الكتاب ونطبخ في قدورهم، ولم نؤمر بغسلها من مس أيديهم))، وفي هذا دلالة على ما ذكرناه من طهارة ذلك. وروي عنه أنه استعار أدرعا من صفوان بن أمية(¬1) وكان مشركا ولم يأمر بغسلها لما أرادوا لبسها، لما ذكرناه.

الحجة الثالثة: ما روي أنه توضأ من مزادة مشركة، ولم يؤثر أنه أمر بغسلها(¬2)، وروي عن عمر مثل ذلك. ولأنه آدمي فوجب أن تكون رطوبته طاهرة كالمسلم، فهذا تقرير أدلة الفريقين القائلين بالجواز وعدمه كما لخصناه، والله الموفق للصواب.

Страница 280