Интисар
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
Жанры
أجمع العلماء واتفق رأي الفضلاء من أئمة الزيدية والجماهير من المعتزلة والأشعرية وغيرهم من سائر فرق الأمة، على أن الصحابة (رضي الله عنهم وأرضاهم) وإن كان فضلهم لا ينكر، ومزيد علمهم لا يجحد، لعلو منصبهم في الدين، وإحراز المناقب، واختصاصهم بالصحبة، فإنه ليس للعوام ولا من فرضه التقليد من أنواع الخلق، تقليدهم لوجهين:
أما أولا: فلأنهم لم يكن من جهتهم اعتناء بتذليل مسالك الاجتهاد وترتيب أبوابه وإيضاح طرقه وتأسيس أصول النظر فيه، وإنما كان همهم إحياء معالم الدين وتقرير قواعد الإسلام بالذب عنه بالسيف.
وأما ثانيا: فلم يدونوا أبواب الفقه ولم يكن من جهتهم اهتمام [في] تقرير مسائله، بل كان همهم من ذلك إرسال الاجتهاد وإيضاح الفتاوى في الأقضية والأحكام على جهة الإجمال من غير نظر في التفاصيل.
نعم.. إنما الذين خاضوا غمرات الاجتهاد، وسبروا مسالك الأدلة بالتفصيل والتهذيب، وترتيب المسائل وتبويب الأبواب وسطرها في الكتب وإثباتها في الصكوك، هم العلماء من بعدهم من زمن التابعين وتابعيهم إلى يومنا هذا من أئمة العترة وفقهاء الأمة، فإن عنايتهم في ذلك غير خافية على من له في ذلك أدنى مسكة من الفضل، وكفوا من بعدهم النظر في مذاهب الصحابة (رضي الله عنهم) لأن السابق وإن كان له حق الوضع والتأصيل. فللمتأخر الناقد حق التكملة والتنخيل والتفصيل فلأجل ذلك كان من بعدهم أحق بالاتباع.
فإذا وضحت هذه الجملة، فنحن الآن نعلوا ذروة لا ينال حضيضها في ترجيح مذاهب أئمة العترة على غيرهم من فقهاء الأمة وعلماء العامة، ونوضح بالبراهين الباهرة والأدلة القاهرة، أنهم أحق بالتقليد وأولى بالمتابعة، وجملة ما نشير إليه من ذلك طرق ثلاث نذكر ما يتوجه في كل واحدة منها:
الطريقة الأولى منها: ورود الثناء من جهة الله تعالى ومن جهة رسوله .
أما من جهة الله تعالى: فقوله تعالى: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى}[الشورى:23].
Страница 172