Интисар
الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197
Жанры
وهذا ظاهر.. فإن كثيرا من المعتقدات [هو] مما يعلم بالضرورة، بالممارسة، ويعلم الحب والبغض والموالاة والمعاداة وغير ذلك من المقاصد الضرورية، ولهذا فإنا نعلم قطعا بالضرورة، بغض العباسية للمروانية، وبغض الفريقين للفاطمية وعداوتهم، ونعلم أيضا انقطاع الموالاة بينهم، وهكذا حال العدلية والجبرية في البغض وعدم الموالاة، ونضطر إلى قصودهم في الانقطاع وبطلان مذهب كل واحد من الفريقين لصاحبه(¬3) وهكذا القول في غيره فإنا نضطر إلى أن المجبرة يعتقدون تجوير الله ونسبته إلى فعل الظلم وسائر القبائح، كما نضطر إلى أن المشبهة يعتقدون مشابهة الله للأجسام وإن لم ينطقوا بذلك، ولكنا نضطر إلى مقاصدهم في الاعتقاد لذلك والعمل عليه وانطواء أفئدتهم على التصميم على ذلك ولا يزعهم عن ذلك وازع ولا يصدهم صاد. وهكذا القول في حال الإمامية من الشيعة فإنا نعلم بالضرورة إعظام أمير المؤمنين وموالاته، وتفسيق من خالفه في الإمامة وإكفاره، وإن لم يصرحوا بهذا الاعتقاد لما يظهر من أخلاقهم وشمائلهم، بل يصرحون بذلك ويدينون به.
الطريق الثالث: ما يعلم من جهة الاستدلال.
اعلم أن الاستدلال على مذهب المجتهد ينبني على انسداد الاحتمالات، فإذا كان غير مصرح بمذهبه ولكنا نعلم من ضرورة قصده حكما لها، وكانت الاحتمالات منسدة سوى احتمال واحد قوي على الظن، كون ذلك الاحتمال مذهبا له، وهذا يكون على أوجه ثلاثة:
أولها: أن يعلل الحكم المخصوص بعلة مخصوصة فيجب طرد(¬1) الحكم مع تلك العلة أينما وجدت؛ لأنه قد نص على العلة، والحكم تابع للعلة سواء كان قائلا بتخصيص العلة أو مانعا من تخصيصها؛ لأنه إذا كان مانعا من التخصيص كان الحكم مساويا للعلة في كل محل من محالها، وهكذا إذا كان قائلا بالتخصيص؛ لأنه إنما يقول بالتخصيص لدلالة، فإذا لم توجد هناك دلالة، كان مذهبه التعميم لا محالة، فهذا وجه في معرفة مذهب المجتهد وإن لم يكن ناصا عليه.
وثانيها: أن يعلم من جهته بتصريحه أنه لا يفرق بين المسألتين، أو ينعقد الإجماع من جهة على أنه لا تفرقة بينهما، ثم إنه نص على إحدى المسألتين فإنه يعلم بما ذكرنا أن حكم إحداهما حكم الأخرى، ومثاله أن يقول: الشفعة للجار، فيندرج تحت ذلك جميع الصور في الجيرة؛ لأنه قد حكم بالشفعة للجار على طريقة العموم فلا يجوز تخصيصه إلا لدلالة ولا دلالة ها هنا قائمة، فلهذا كان مذهبه التعميم في جميع الصور، أو يحكم مثلا بالشفعة لجار الدار، فيعلم بذلك أن مذهبه وجوب الشفعة في جار العقار والأراضي إذ لا أحد من الأمة فصل بينهما، فعلمنا بمذهبه في شفعة الجار مع انضمام قرينة ألا أحد فصل بينهما من الأمة.. وجوب كونه قائلا بالشفعة في كل جار من غير تفرقة بينهما.
Страница 160