Интикасат муслимин
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
Жанры
وقد أرسل النبي فيما نؤمن داعيا لا جابيا، وكان بإمكان الريسوني وضع الحدث في زمنه وتاريخه للخروج بأسبابه الموضوعية، والاعتراف المتواضع أنها كانت أسباب محلية لا علاقة لها بظرفنا اليوم.
لو فعل ذلك لقدرنا وفهمنا وبصمنا بالعشرة، لكنها المنطقة الملغومة التي لا يريدون لا الخوض فيها، ولا ترك غيرهم يفكك ألغامها، ويسمحون لأنفسهم بإنكار معلوم من الدين بالضرورة، ويرمون من يخاطرون بتفكيك تلك الألغام بالضلال والزندقة والكفران؛ لذلك يلجئون إلى المداورة والتضليل والتجميل في كذب مفضوح لا يليق بالدعاة الكبار.
ينكر مولوي المعلوم بالضرورة ليس بسند من حديث ولا لآيات ولا فقه ولا لحالة متكررة في التاريخ، إنما يذهب يبحث وينقب في تاريخ الغزو العربي لدول الحضارات التي شاء حظها العاثر أن تجاور جزيرة العرب، فلا يجد سوى حالة يتيمة لم يتمكن فيها العرب الغزاة من احتلال النوبة المصرية، وأصاب الإجهاد الشديد الطرفين، وسجل النوبيون بذلك بطولة غير مسبوقة لأنهم كانوا يحسنون الرمي الدقيق بما يصيب مباشرة عيون الأعداء؛ لذلك سماهم العرب «رماة الحدق». وانتهى الموقف بشبه انتصار للعرب فرضوا بموجبه على أهل النوبة أن يرسلوا للعرب عددا منهم سنويا، ليستعبدوا للعرب بعد أن كانوا أحرارا في بلادهم.
هذه هي الحكاية، ويعلمها مولوي جيدا وإلا ما رصدها وسط تاريخنا الهائل كما وكيفا ليجعل منها تكئة لتبرير محاولته كمحلل للطلاق البائن بالجزية بين المسلمين وغير المسلمين ، وهي لا شك محاولة مشكورة، لكنها تلفيقية لا تحسم الأمر بقدر ما تتحايل عليه. إضافة إلى اعتمادها الكذب، فما أحوجنا لفضيلة الصدق إذن!
وهو إذ ينكر ضرورة الجزية القرآنية لم يتمكن من اقتحام العقبة الكئود العمرية (عهد الذمة أو عهد الذلة)، فإذ به يقول: «المشكلة في مصطلح أهل الذمة عند كثير من الناس، هي مشكلة الجزية، وليست مشكلة أهل الذمة؛ لأن الذمة هي عقد، والعقد يتم بالتراضي بين المسلمين وبين إنسان غير مسلم يريد أن يعيش معهم، أو هو أصلا يعيش معهم، هم أسلموا وهو بقي على دينه، وحصل أن من أسلموا صاروا أكثرية، وأرادوا أن يحتكموا إلى شريعة الله، فهذا عقد الذمة يتم بالتراضي على كل بنوده، لكن ما حصل أن عقد الذمة عندنا يكون بعد حرب والحرب عادة يبدؤها غير المسلمين والمسلمون فيها مدافعون عندما خاضوا هذه الحروب، وانتصروا وقضوا على هؤلاء بدفع الجزية علامة خضوعهم لهذا المجتمع الجديد ليس أكثر، لذلك فالأهم في عهد الذمة هو خضوع هذا المواطن للأحكام التشريعية الدنيوية العامة للدولة، فإذا أخذت هذه الأحكام من الشريعة الإسلامية أو غيرها، فعليه أن يخضع لها، لأن هذا هو معنى المواطنة. المسلم الآن في أوروبا يخضع للقوانين العامة، كذلك على المسيحي في بلاد المسلمين أن يخضع للقوانين العامة.»
وهكذا غرق الرجل في مستنقع الكذب بكله وكليله حتى أنفه، وهو عالم بما يفعل، فأي جلل أصابنا في مشايخنا وقاماتنا الطوال؟!
مولوي الأمين العام لمسلمي المشرقين ومسلمي المغربين، يرى أن غير المسلمين في الدولة الإسلامية المرتقبة لن يدفعوا الجزية، في مجاملة وتنازل لطيف لا يملكه لأنه منكر لمعلوم ضروري من الإسلام، لن يقره زملاؤه عليه عندما يجد الجد وينتفي الهزل، وفي مقابل هذا التنازل الباهت غير صادق النيات، على غير المسلمين أن يقبلوا عهد الذمة، ويعرفه بأنه عقد يتم بالتراضي بين المسلمين وغير المسلمين في بلد واحد. ليس هذا فقط، بل عليهم قبول تطبيق الشريعة الإسلامية وخضوعهم لها لأن الشريعة في الدولة المرتقبة ستكون قوانين عامة للدولة، وأنه كما يخضع المسلم القاطن ببلاد الغرب لقوانينهم العامة، كذلك على المسيحي في بلادنا أن يخضع لقوانينا العامة كما لو كان هؤلاء مغتربين عندنا كما بعضنا مغترب في بلاد الغرب. وبعد أن يخدعنا بكذبه أن عقد الذمة يتم بالتراضي، يعود ليعترف أن التاريخ الإسلامي كله لم يعرف أي عهود للذمة كتبت سلما إنما كانت دوما إثر حروب ضروس، وبالطبع وفق شروط المنتصر، وذلك المنتصر كان الفاتح الإسلامي، وتلك الشروط مجرد تكرارها هنا مخز ومحزن ومخجل، أمثلة سريعة لبعض بنود عقد الذمة العمري مع مسيحيي فلسطين: «أن يكون لهم زي خاص حتى لا يتشبهوا بالمسلمين وحتى يعرفهم المسلمون من زيهم، مع شد زنار على أوساطهم، وألا يعلوا ببنيانهم أعلى من المسلمين، ولا يسمعونا صوت نواقيسهم، ولا تلاوة كتبهم ولا قولهم في المسيح، ولا يجاهروا بالخمر والصلبان والخنازير، وأن يدفنوا موتاهم بعيدا عن مقابر المسلمين ولا يرفعوا أصواتهم على موتاهم، ويمنعوا من ركوب الخيل لأنه مركب كريم شريف، ويسمح لهم بركوب الحمير دون برذعة إنما على الأكف (الليف الخشن) ويكون الركوب من جانب واحد، فإن صادف مسلما ماشيا عليه النزول عن حماره واللجوء إلى أضيق الطريق ليفسحه للمسلم ... إلخ ... إلخ.»
ومع التعامي التام والتغافل المقصود عن تلك البنود يستمر مولوي يقول: «إنه من أجل المحافظة على كرامة هؤلاء سموا أهل ذمة، كلمة ذمة ليست كلمة تعني شيئا من الإذلال، أو تعني شيئا من تجاوز الحقوق، بالعكس، تعني أن هذا الإنسان في ذمتي، يعني أنا مسئول أمام الله أن أحافظ عليه وعلى حقوقه وعلى كرامته وعلى المساواة بينه وبين جميع الناس، ولدينا الحادثة المشهورة عن الغلام القبطي الذي ضربه ابن عمرو بن العاص، عاد وهو يشعر بالمساواة ولم يدخل في دين الله؛ لأن الإسلام تقوم شريعته أساسا على المساواة في المواطنة.»
كان على السيد الدكتور أن يقول إن لديه عهدا جديدا للذمة؛ لأن ما يقول لا علاقة له بالمرة بعهد الذمة العمري المشهور، ولا بفقه الأموال والحسبة الذي يدرسه أبناؤنا في أزهرنا الميمون، كان عليه أن يقول: هذا عهد ذمة جديد نتعهد به لغير المسلمين في دولتنا الإسلامية المرتقبة، وحتى لا ينصرف الذهن لأي خديعة متربصة بنا، عليه أيضا أن يعلن إدانته لعهد الذمة العمري وكل العهود الشبيهة به في تاريخنا الإسلامي.
الأشد سوءا ونكاية في كل القيم، أن يكذب المحترم بفداحة ويردد كذبة تاريخية قد آن أوان مراجعتها والاعتذار التاريخي العلني الدولي عنها وإدانتها. وتوقيع عقوبة على من يقول بها، بالضبط كما فعلت دول أوروبا بعقوبة منكر الهولوكوست، كذبة يرددها المشايخ جميعا بلا استثناء، تدين المشيخة والدين وهيبة رجل الدين.
Неизвестная страница