Интикасат муслимин
انتكاسة المسلمين إلى الوثنية: التشخيص قبل الإصلاح
Жанры
ومع انتشار الفضائيات ووسائل الإعلام بدأت المنافسة بين المشايخ وبعضهم؛ لذلك يسعى كل منهم إلى تقديم أجود ما عنده لمتطلبات السوق؛ ومن ثم يتم إخضاع الدين لآليات الاقتصاد السوقي حسب قانون العرض والطلب، لنيل إعجاب المستهلكين، فينحدر الخطاب الديني إلى مستوى شعبولا ومغني الخضروات والحمير، إلى مستوى غوغاء الشعب الدهماء من أصحاب الذوق المتدني غير الرهيف وغير الرفيع، يستهويهم الخبط والرقع والصوت العالي والخرافة والأسطورة، فيهبط الشيخ بالدين من مكانه السامي إلى مستوى طلب المستهلك، ليرضيهم بمنتجه سعيا لمزيد من الانتشار والانتصار في المنافسة. يهبط بالدين إلى مستوى ذوق العوام بمحسنات تعجبهم، بينما هي تشينه وتشوهه؛ لأن الإسلام بصورته البكر على وفاق مع زمنه ومجتمعه، ولم يكن بحاجة لدعاة ومغيثين وتزويق ومحسنات لونية، وعندما يصبح هدف الدعاة هو الحشد العددي للأتباع، فقل على الدين والدنيا السلام؛ لأن هذا الحشد جاء على حساب سمو الدعوة، وتسطيح الإسلام واختصاره في شعارات سهلة الحفظ والفهم لا تحتاج جهدا عقليا لمحاورتها أو مناقشتها أو التأكد من مدى صحتها.
وهكذا تجد الشيخ لا يستحيي أن يتحدث عن نفسه كنجم محسود (مثل الشيخ خالد عبد الله نجم قناة الناس)، رجل الدين صار يسعى ليصبح نجما فنيا إزاء منافسة شديدة من فنانين آخرين، لذلك يبذل كل جهده ليستهوي الجمهور، بزي مميز، وبأسلوب خطابة رنان مسجوع، بطريقة في الإلقاء تقطع وتصل وتصمت وتصرخ وتجأر وتبكي وتسخر في تمثيلية محسنة الترتيب، وبجرأة من يملك وحده المعرفة المطلقة والنهائية الصحيحة، والتي يجهلها الجميع، ويجيب عن أي سؤال، ويشرح كل غامض.
ويعزز الدور الفني للشيخ توزيع الإضاءة في الاستوديو والديكورات الفخمة والمؤثرات التصويرية والصوتية الملائمة لطبيعة الموقف شاعريا أم حزينا؛ فالخطاب عن الجنة له إخراج؛ فالخطاب عن النار له إخراج، وكلما انتشر اسم الشيخ زاد توزيع مطبوعاته وإيراداته وتهافتت عليه الفضائيات بعظيم رزقها وأبهتها وجاءته الهدايا والنفحات من كل صوب، في مقابل تحويل إسلامنا إلى سلعة شعبية كالأغاني الشعبية المتدنية والهابطة، وليته كان شعبيا كما كان «مصريا» بأوليائه الصالحين وموالدهم وكرنفالاتهم، فقد اختفى التدين الشعبي المصري الحقيقي أمام مسخ شائه حرم كل العلوم والفنون ليبقى هو العارف الوحيد والعازف الوحيد.
الجزء
الدولة الإسلامية ومتابعات جديدة
الفصل الأول
هلوسات صحوة الموت: فقه النصر والتمكين
بعد أن يشرح لنا الدكتور محمد عمارة منهج الوسطية الذي هو منهج الإسلام الصحيح، يوضح معنى مصطلح «الاستعلاء»، بكونه لونا من «الكبرياء المشروع فنعتز بحضارتنا وبديننا وبلغتنا وبأمتنا وبثقافتنا وبكبريائنا» (الجزيرة، خطاب الهوية).
المهم أن هذا الاستعلاء بما لدينا من مبررات الكبرياء على العالمين، يصيب صاحبه بالأوهام ولا يعود يفرق بين الممكن والمستحيل، ففقهاؤنا المحدثون يرون أن المسلمين في طريقهم نحو التمكين، وأن لهذا التمكين علامات، فيقول الدكتور علي الصلابي: «إن القول بأن الأمة دمرت أو أنها مهزومة، فهو قول غير صحيح؛ لأن الأمة تحقق انتصارات، وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى، إن المستقبل لهذا الدين، ويأبى الله إلا أن يتم نوره» (الجزيرة، فقه النصر والتمكين).
ومن ثم يقدم أدلته على الانتصارات التي تحققت للأمة الإسلامية ولدين الإسلام، فيشير إلى: «الانهيار الضخم للاتحاد السوفييتي، وانهيار أمريكا؟! (ربما يقصد ورطتها في العراق أو ربما يقصد دمار سبتمبر 2001م)، وأوروبا في دور التراجع في المجال الفكري والعقائدي والأخلاقي والحضاري، روسيا تريد أن تفتح مصارف إسلامية وكذلك اليابان، أصبحت حقيقة أن الفكر الإسلامي الاقتصادي يحل أزمات حقيقية، وأيضا في المشاركة في الحكم مع الأنظمة القائمة، أصبحت مرجعية الدساتير لكتاب الله ولسنة رسوله، الشعب التركي أعطاهم الأصوات، نجاح المسلمين في مقاومة المشاريع الغازية للأمة دليل على أنها نوع من التمكين، الانتصارات الدعوية الضخمة، في مجال الفكر والأخلاق، انتصارهم في المعارك، بأفغانستان، وتفتت قبلها الاستعمار الحديث ، إن هذه انتصارات ضخمة وهائلة» (الحلقة ذاتها).
Неизвестная страница