Гуманизм: очень короткое введение
الإنسانوية: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
ذات مرة حكت لي زميلة أنها وهي طالبة بمدرسة كاثوليكية في بريطانيا في ستينيات القرن العشرين سألت في الفصل عن «السبب» وراء اعتبار استخدام وسائل منع الحمل خطأ أخلاقيا. لم تعبر عن اختلافها مع الفكرة؛ لقد سألت فحسب عن تبرير للأمر. كانت النتيجة أنها أرسلت إلى ناظر المدرسة كي يعنفها. إن الثقافة التي غرستها المدرسة، على الأقل فيما يتعلق بالتعليم الأخلاقي والديني، كانت ثقافة الإذعان للسلطة؛ ثقافة القبول السلبي غير الناقد للعقيدة الدينية. وأضافت زميلتي، التي لم تعد كاثوليكية، أنها حتى اليوم، بعد مضي أكثر من نصف قرن، لا تزال تشعر بالذنب لأنها تجرأت على التشكيك في معتقد كاثوليكي. وقد نجحت تنشئتها نجاحا بالغا، لا في فرض الرقابة عليها وحسب، وإنما في إكسابها عادة فرض الرقابة على نفسها أيضا. وهذا الميل تأصل فيها بعمق لدرجة أنه ظل موجودا حتى الآن، بعد مضي وقت طويل من تبخر إيمانها الديني.
سعى كثير من الأديان، تاريخيا، لترسيخ مثل هذه المواقف المذعنة المنصاعة بين المؤمنين بها. وفي بعض الحالات، لا تزال تفعل ذلك. لكن ليست الأديان وحدها المتهمة بحبس عقول الشباب على هذا النحو. الملحدون متهمون بذلك أيضا؛ فالملاحدة ستالين وماو وبول بوت كانوا جميعا مهووسين بالسيطرة لا على سلوك الناس فحسب، وإنما الأهم من ذلك على أفكارهم كذلك.
شكل 6-1: فرض الأخ الأكبر رقابة لا على أفعال الناس فحسب، وإنما على أفكارهم أيضا. واليوم، يتفق كثير من الدينيين واللادينيين على أن التعليم الأخلاقي ينبغي ألا يقوم على الخوف، وألا يدور حول تقييد الفكر.
عادة ما يعارض الإنسانويون تلك الأساليب الدينية التقليدية في التعليم الأخلاقي التي تقدم منظومة الأخلاق بوصفها مجموعة من الحقائق تمررها السلطة وعلى الأفراد القبول بها دون أي تشكيك من قريب أو بعيد. إلا أن معارضتهم لتلك الأساليب «التعليمية» لا تقل شدة عندما تستخدمها أنظمة ملحدة.
بوجه عام، يفضل الإنسانويون اتباع منهج ليبرالي في التعليم الأخلاقي؛ منهج يؤكد على المسئولية الأخلاقية للفرد. في الفصل الرابع، عرضت حجة مفادها أنه لا مفر من مسئوليتنا الفردية عن إصدار الأحكام الأخلاقية؛ إنها جزء لا يتجزأ من كوننا بشرا. إن مسئوليتنا هي إصدار الأحكام الأخلاقية الخاصة بنا، لا أن نحاول العهد بهذه المسئولية إلى سلطة خارجية ما - مثل قائد ديني أو سياسي - لتصدرها بالنيابة عنا.
لكن إن كان هذا صحيحا، فلم لا نحرص على أن نربي الشباب على نحو يدركون من خلاله أن كلا منهم عليه هذه المسئولية، ويمتلكون عبره المهارات الفكرية والاجتماعية والعاطفية وغيرها من المهارات التي سيحتاجونها لإصدار أفضل ما يمكنهم من أحكام؟ هاتان السمتان من بين السمات المميزة للمنهج الإنسانوي في التعليم الأخلاقي.
يبدو أن كثيرا من الناس يعتقدون أن البديل للتعليم الديني التقليدي هو ترك الأطفال يبتكرون منظومتهم الأخلاقية من البداية، وإخبارهم أن كل رأي أخلاقي على الدرجة نفسها من الصحة كغيره، والسماح لهم بفعل أي شيء يريدونه. لكن هذا من شأنه أن يكون تصويرا كاريكاتيريا للتعليم الأخلاقي والديني الذي ينادي به أغلب الإنسانويين.
بادئ ذي بدء، لاحظ أن تشجيع الأطفال على التفكير والشك «لا» يقتضي أن نهجر القواعد وأسس الانضباط. ما ينادي به الإنسانويون في الفصل الدراسي هو حرية «الفكر»، لا حرية «الفعل». مما لا شك فيه أن الأطفال في حاجة إلى انضباط، وهم في حاجة إلى غرس عادات طيبة فيهم، ولكن حتى ونحن نطبق القواعد، يمكننا أن نتيح للصغار الفرصة للتشكيك في تلك القواعد والتعبير عن اعتراضهم عليها.
ثانيا، لاحظ أن تشجيع الأطفال على التفكير والتشكك «لا» يعني أننا لا نستطيع أن نشرح لهم ماهية ما نؤمن به وسبب إيماننا به. وفي الحقيقة، لا يوجد سبب يمنع مدرسة دينية تدعو لدين بعينه من تشجيع تلاميذها على التفكير والشك؛ فقد يقول مدرسوها: «هذا ما نؤمن به، وإليكم الأسباب التي نفترض على أساسها صحة هذه المعتقدات، ونود منكم الإيمان بها أيضا، لكننا لا نريد منكم أن تسلموا بما نقوله لكم عنها. إننا نشجعكم على الشك والتفكير وإعمال عقولكم.» سيرغب الإنسانويون كذلك في إقناع أطفالهم بحقيقة الرؤى الإنسانوية، لكنهم لن يريدوا من أطفالهم القبول بهذه الرؤى على نحو سلبي دون تشكيك.
ثالثا، لاحظ أن أي منهج إنسانوي «لا» يتضمن إخبار الأطفال أنه لا توجد رؤية أخلاقية صحيحة وأخرى خاطئة. في الواقع، وكما رأينا في الفصل الرابع، يرفض الإنسانويون هذا الضرب من النسبوية الأخلاقية. إن كانت كل رؤية أخلاقية صحيحة كالرؤى الأخلاقية الأخرى، إذن فلا طائل من التفكير في القضايا الأخلاقية؛ لأن الرؤية التي ستخلص إليها لن تزيد صحة عن الرؤية التي بدأت بها. سيكون التفكير مضيعة للوقت وبلا جدوى. وفي المقابل، يفترض الإنسانويون أن التفكير والاستدلال يساعداننا على اكتشاف ما هو صحيح وما هو خاطئ على وجه الدقة؛ وبذلك يكونان أبعد ما يكون عن اللاجدوى. (1) الفلسفة في الفصول المدرسية
Неизвестная страница