إحساس النظر وإحساس الشم وإحساس السمع، حين تتجمع هذه الإحساسات في دماغي أحس إدراكا؛ أي: معرفة، ولكن ليست الإحساسات انطباعات فقط في مادة الدماغ، وإنما هي تنبيه لمادة الدماغ يبعث على نشاط بحيث يحدث رجع أو استجابة، صدود أو إقبال.
فالعالم الخارجي حين تصل تفاصيله بالحواس إلى دماغي، يحث إدراكا مركبا وليس انطباعا بسيطا، وهذا الإدراك المركب يعين إلى السلوك الذي يجب أن اتخذه أو أسلكه لقاء عدو أو صديق، طعام أو شراب، إقدام أو نكوص.
ونحن والحيوانات العليا سواء في ذلك، وإذا كان هناك فرق فهو فرق التفاوت في الكم وليس الاختلاف في النوع. •••
الإدراك الحسي؛ أي: الإدراك الناشئ من الحواس، يؤدي، بالمقارنة، إلى إدراك تصوري، وامتيازنا على الحيوان في الإدراك التصوري كبير جدا.
الإدراك التصوري هو التعقل.
ونحن والحيوانات العليا نتعقل لا شك في ذلك، والقول بأن الحيوان، ونعني الرواضع والطيور، وأقل من ذلك الزواحف والأسماك، لا يتعقل لا يختلف من الخرافة القديمة التي تنشأ في المناقشات الدينية، وهي أن للإنسان روحا أما الحيوان فليست له روح، وفكرة الروح هي أولى الفكرات الدينية في مصر ممثلة في كل من الروحين «كا» و«با» إحداهما تحرسنا ونحن أحياء، والأخرى ترعانا ونحن موتى، خرافة قديمة انحدرت إلينا ولا تزال العامة تؤمن بها.
ولكن العقل ليس خرافة؛ إذ هو حقيقة في الإنسان والرواضع والطيور والزواحف والأسماك، وجميعها تمتاز بالقدرة على التعلم، ولكنها تتفاوت في مقدار التعلم، وأقلها بالطبع هو الأسماء التي تسترشد بالشم أقل الحواس بعثا للوعي.
كلها تمتاز بالإدراك الحسي، وكلها أيضا على شيء صغير أو كبير بالإدراك التصوري.
ولكن هذا الإدراك التصوري يبلغ أعلى مستواه في الإنسان وأقله في الأسماك.
نحن على إدراك تصوري يجعلنا نفهم الأشياء والأحياء عن طريق التعميم، أما الحيوان «ربما باستثناء القردة العليا» فلا يعرف التعميم.
Неизвестная страница