Человек, животное и машина: постоянное переопределение человеческой природы
الإنسان والحيوان والآلة: إعادة تعريف مستمرة للطبيعة الإنسانية
Жанры
نجد بصورة مماثلة هذه الطريقة التي تمت بها عملية الخلق، وذلك على مرحلتين منفصلتين، في عدد هائل من الأساطير والخرافات. ففي الأساطير السومرية والفرعونية والصينية وأساطير بعض مناطق أفريقيا، كان ثمة آلهة «صناع خزف»، كالإله المذكور في العهد القديم، يخلقون شكلا من التراب ثم ينفخون فيه نسمة الحياة بحركة أو كلمة سحرية. وتفضل أساطير الشمال الخشب المنحوت على التراب المشكل، وتذكر بعض الأساطير تماثيل من الحجر تبث فيها الآلهة الحياة. فتوجد في كل مكان حالة التوالي بين تقنية إنسانية لتشكيل القشرة الخارجية وتقنية إلهية بصورة حصرية تسمح ببث الحياة (في كل مكان سوى اليابان، يمكن للقارئ أن يطلع على العديد من المقالات بشأن هذه الاختلافات الثقافية).
5
تقود الأسطورة التقنية لخلق الإنسان إلى سؤال طبيعي: هل يعد الإنسان الذي خلقه الله على صورته قادرا على بلوغ مستوى من التقنية التي من شأنها أن تسمح له بإتقان هذه المهارة الإلهية؟ هل تعتبر القدرة على بث الروح من المجالات الممكنة؟ أيستطيع الإنسان أن يكتشف هذه القدرة ذاتيا أم يجب أن يهديها إياه بروميثيوس؟
يشغل هذا السؤال بؤرة اهتمام كل حكايات صناعة الكائنات الاصطناعية والآلات المعقدة. فيثبت فيليب بروتون في دراسته بهذا الشأن أنه يوجد هيكل نمطي متخف في أساليب وأشكال متنوعة خاصة بكل عصر، ويسمح لنا هذا الهيكل بالتأكيد على أن النصوص والأساطير والحكايات والمقالات العلمية المختلفة تتشكل في الواقع من القالب ذاته.
6
فهي قصة وحيدة تروى لنا دائما: إعادة تمثيل المشهد البدائي الذي يصمم فيه الله شكلا ثم ينفخ في آدم نسمة الحياة.
وفي كل الحكايات يبدأ المشهد بتناول مادة أساسية: عاج أو طين أو خشب سحري أو بقايا جثث أو خلايا عصبية اصطناعية. وغالبا ما تكون مادة نبيلة أو على الأقل ملحوظة، وهنا تبدأ المرحلة التقنية فينبغي تشكيل هذه المادة ونحتها وتنظيمها باستخدام التقنيات الأكثر تطورا في العصر: مطرقة أو فخار أو رياضيات أو كهرباء أو علم الكمبيوتر. ويطمح المصمم إلى محاولة إعادة الإنتاج الاصطناعي لسمة ما من جوهر الإنسان. ولكن هذا «الجوهر» قد يتغير من عصر إلى آخر: كالجمال بالنسبة إلى الإغريقيين، أو الحركة والتحدث في عصر النهضة، أو الذكاء بالنسبة إلى علماء الكمبيوتر، أو ربما العاطفة أو الوعي في عصرنا هذا. ورغم كل الجهود التي يبذلها المصمم، فإنه لا ينجح إلا في الاقتراب من هدفه دون بلوغه بصورة كاملة في أي حين. فيلزم تدخل خارجي لوضع اللمسة الأخيرة: سحر أو تدخل إلهي أو مصادفة سعيدة، وهي كلها أسماء مختلفة تحجب عجز الإنسان عن إتقان التقنية الإلهية في بث الحياة حتى لو كان مهندسا محنكا.
إن عجز المصمم البشري عن إتقان التقنية الإلهية في مجملها هو تحديدا ما يجعل من الكائن الاصطناعي كائنا خاصا. وفي الحكايات قد نجد حالتين؛ فإن كان الكائن شيئا مصنوعا بصورة كاملة على يد الإنسان، فهو بالضرورة ناقص؛ فثمة شيء يجعله مختلفا ويكون هذا الاختلاف أساسيا لتطور الحكاية. وإن استعان المصمم البشري بتدخل سحري أو إلهي، فيكون الكائن غير مشكل بصورة طبيعية أو تقنية بحتة؛ فيصبح إذن كائنا سحريا بدوره ويختلف عن مصممه. وفي الحالتين لا يخلق الإنسان أبدا سواء في الأساطير أو العلم كائنات شبيهة به. (2-2) الإنسان الغربي آلة بالإضافة إلى «شيء آخر»
لا يحدثنا الروائيون وعلماء الروبوت فقط عن آلات المستقبل عبر وضع سيناريوهات تقنية، بل يصفون الاختلافات التي تميز الإنسان أو الكائن الحي في عصرهم. وتروي لنا كل حكاية أن الإنسان الغربي يعتبر نفسه الآلة الأكثر إتقانا في عصره والتي يجب أن يضاف إليها شيء آخر: وهو «عامل دخيل» ويعادل هذا «العامل الدخيل» التقنية الإلهية التي لا يتقنها الإنسان. فنحن لا نريد أن نصور أنفسنا مجرد آلات، إلا أننا نتوصل بفضل الآلات إلى فهم إنسانيتنا بصورة أفضل؛ فالإنسان ليس آلة بل آلة بالإضافة إلى «شيء آخر» وهذا «الشيء الآخر» هو ما يحدد هوية الإنسان. ومنذ ذلك الوقت، كلما كان تأثيرنا الاصطناعي مماثلا زادت معارفنا عن أنفسنا وزاد انزعاجنا من تمثيلنا بهذه الطريقة، فهذه المواجهة مستمرة منذ فترة طويلة. ويمكن قراءة تاريخ الطب من جديد في ضوء تاريخ الهندسة (انظر الفصل الثالث عشر).
اليوم، يتمركز المفهوم الغربي عن الإنسان أكثر من ذي قبل حول تقديرنا لأداء الآلة وحدودها بصورة كاملة. فننظر إلى أنفسنا في مرآة الآلات التي نستطيع تصميمها ونقيم في هذا الانعكاس اختلافنا، هذا «العامل الدخيل» غير المعروف حتى الآن. وبذلك يمكن اعتبار كل تقدم للآلة فرصة ووعدا بفهم أفضل لأنفسنا، ولكن لا يحدث ذلك للأسف؛ فالآلة الجديدة تعني إعادة تعريف محتمل لما يميز إنسانيتنا ، «هذا الشيء الآخر» الذي نعتقده أبديا ونهائيا. وفي هذا الصدد قد توحي الآلة بالحذر، فدائما ما تتم إعادة التعريف على مضض، وربما نكون بذلك قد توصلنا إلى النقطة المحددة التي تفسر خوفنا من الروبوتات ومن الآلات الجديدة بصفة عامة؛ لأننا نتخيل جحافل من الروبوتات العسكرية التي تسيطر على الأرض ولكن ما نخشاه في الحقيقة هو أن نرى تعريفنا يتغير بالتواصل معها. فنحن نحب أنفسنا بحالتنا كما هي، ولا نريد أن تجبرنا آلة جديدة على إعادة النظر في أسس ما نسميه بالطبيعة الإنسانية.
Неизвестная страница