Mirandola
فقال بما كان يقوله المتصوفة المسلمون من قبول الإنسان لأرفع المراتب وأدناها، وأن كل مخلوق قد يلتزم مكانا من سلسلة الخلق لا يعدوه إلى ما فوقه، إلا الإنسان؛ فإنه لا يتقيد بمكان من السلسلة العظمى غير المكان الذي يرتضيه لنفسه، علوا إلى مرتبة الملائكة المقربين، أو سفلا إلى مرتبة البهائم والحشرات.
وعاد البحث في مكان الإنسان بعد كشف كوبرنيكوس لدوران الأرض حول الشمس، وتجدد المناقشة عن مركز الخليقة وعن مكان الإنسان على هذا المركز المختار؛ فقد يجوز أن يكون للعالم الأرضي نظراء له من العوالم السماوية، وأن يكون لتلك العوالم سكانها من الخلائق العقلاء، ولكن هذه المناقشة لم تزعزع أساس الفكرة التي تسلسل الموجودات من أدناها إلى أعلاها في العالم المعروف، وفي كل عالم يمكن أن يعرف قياسا عليه، وظلت فكرة السلسلة العظمى غالبة على الباحثين في مركز الإنسان من الخليقة، وقال بها فلاسفة الشعراء كما قال بها فلاسفة الحكمة والدين إلى زمن قريب، وعلى أساس هذه الفكرة نظم الشاعر الإنجليزي إسكندربوب (1688-1744) قصيدته الكبيرة التي سماها: مقالة عن الإنسان، وقال فيها يخاطب الإنسان:
اعرف إذن نفسك، ولا تدع الإحاطة بعلم الله
إن دراسة الإنسان المثلى هي الإنسان
قائما على برزخه هذا من الحالة الوسطى
مخلوقا عاقلا في ظلمة، عظيما في خشونة
أعلم من أن يكون «شكوكيا» لا يدري
وأضعف من أن يكون «رواقيا» يصبر
معلقا بين العمل والراحة
Неизвестная страница