أراد "الدراهم" و"الصيارف" فأشبع الكسرة فنشأت الياء، ويحتمل أن يكون الدراهيمُ جمعَ دِرْهَام، ولا يحتمل الصياريف هذا الاحتمال، وقال الآخر:
[١٤]
كأني بِفَتْخَاء الجناحين لقوة ... على عَجَل منِّي أُطَأْطِئُ شِيمَالي
أراد "شِمَالِي"، وقال الآخر:
[١٥]
لمَّا نزلنا نصبنا ظل أخْبِيَةٍ ... وفار للقوم باللحم المَرَاجِيلُ
_________
= منسوبًا له، وأنشده ابن جني في سرّ الصناعة "١/ ٢٨" وهو من شواهد سيبويه "١/ ١٠"، وهو من شواهد ابن هشام في أوضح المسالك "رقم ٥٦٧ بتحقيقنا" والأشموني "رقم ٦٨٩ بتحقيقنا" وابن عقيل "رقم ٢٥٣ بتحقيقنا" وقوله "تنفي" معناه تطرد وتبعد، و"يداها" أي يدا الناقة التي يصفها، و"هاجرة" هي القوت حين ينتصف النهار ويشتد الحر، و"تنقاد" أحد مصادر نقد الدراهم ينقدها نقدًا؛ إذا ميّز رديئها من جيدها، و"الصياريف" جمع صيرف -بوزن جعفر- وهو الخبير بالنقد الذي يبادل على بعضه ببعض. والاسشهاد به في قوله "الدراهيم" و"الصياريف" فإن الأصل الدراهم والصيارف، فأشبع كسرة الهاء في الدراهم وكسرة الراء في الصيارف فتولدت عن كل إشباع منهما ياء، وهذا تام الدلالة في الصياريف، أما في الدراهيم فقد يقال: إنه جمع درهام لا درهم -كما نبه إليه المؤلف- فالإشباع والتوليد في المفرد، والخطب في ذلك سهل، ونظير ذلك قول ابن مقبل:
قد كنت أحجو أبا عمرو أخاثقه ... حتى ألمت بنا يومًا ملمات
فقلت والمرء تخطيه عطيته ... أوفى عطيته إياي ميئات
أراد أن يقول "مئات" فأشبع كسرة الميم فتولدت ياء، وقد استباح الشعراء المحدثون لأنفسهم أن يرتكبوا مثل هذه الضرورات فقال أحد الخالديين شاعري سيف الدولة الحمداني:
خولتنا شمسًا وبدرًا أشرقت ... بهما لدينا الظلمة الحنديس
فإنه أراد أن يقول "الحندس" فأشبع كسرة الدال فتولدت ياء، والحندس: الشديد الظلام.
[١٤] هذا البيت لامرئ القيس بن حجر الكندي، وقد أنشده ابن منظور "ش م ل". وقوله "فتخاء الجناحين" هي العقاب اللينة الجناح، وذلك أسهل لطيرانها، و"لقوة" بفتح اللام أو كسرها، مع سكون القاف فيهما هي الخفيفة السريعة. يصف ناقته التي ارتحلها بالسرعة، فشبهها بالعقاب. والاستشهاد بالبيت في قوله "شيمالي" فإن أصلها شمالي، فلما اضطر لإقامة الوزن أشبع كسرة الشين فتولدت ياء، وهذه إحدى روايتين في هذه الكلمة في هذا البيت، والرواية الأخرى "أطأطئ شملالي" والشملال لغة في الشمال، ومن العلماء من يجعل الشيمال بالياء لغة أخرى في الشمال، ومن العلماء من ينكر أنها لغة ويذهب إلى ما ذهب المؤلف إليه من أن الشاعر اضطر فأشبع الكسرة، والخطب في ذلك سهل؛ فإن الذي أثبتها لغة اعتمد على قول الشاعر أو مثله ممن يستشهد بقوله.
[١٥] هذا البيت لعبدة بن الطبيب، من قصيدة له ثابتة في المفضليات "المفضلية ٢٦" وقد أنشد هذا البيت ابن عبد ربه في العقد الفريد "١/ ١٩٢" وله عنده قصة، والأخبية: جمع خباء - =
1 / 25