وَبِالْجُمْلَةِ فالتمذهب للمجتهدين سر ألهمه الله تَعَالَى الْعلمَاء وتبعهم عَلَيْهِ من حَيْثُ يَشْعُرُونَ أَو لَا يَشْعُرُونَ
وَمن شَوَاهِد مَا ذَكرْنَاهُ كَلَام الْفَقِيه ابْن زِيَاد الشَّافِعِي اليمني فِي فَتَاوَاهُ حَيْثُ سُئِلَ عَن مَسْأَلَتَيْنِ أجَاب فيهمَا البُلْقِينِيّ بِخِلَاف مَذْهَب الشَّافِعِي فَقَالَ فِي الْجَواب إِنَّك لَا تعرف تَوْجِيه كَلَام البُلْقِينِيّ مَا لم تعرف دَرَجَته فِي الْعلم فانه إِمَام مُجْتَهد مُطلق منتسب غير مُسْتَقل من أهل التَّخْرِيج وَالتَّرْجِيح وأعني بالمنتسب من لَهُ اخْتِيَار وترجيح يُخَالف الرَّاجِح فِي مَذْهَب الإِمَام الَّذِي ينتسب إِلَيْهِ وَهَذَا حَال كثير من جهابذة أكَابِر أَصْحَاب الشَّافِعِي من الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين وَسَيَأْتِي ذكرهم وترتيب درجاتهم وَمِمَّنْ نظم البُلْقِينِيّ فِي سلك الْمُجْتَهدين المطلقين المنتسبين تِلْمِيذه الْوَلِيّ أَبُو زرْعَة فَقَالَ قلت مرّة لشَيْخِنَا الإِمَام البُلْقِينِيّ مَا تَقْصِير الشَّيْخ تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ عَن الِاجْتِهَاد وَقد اسْتكْمل إِلَيْهِ وَكَيف يُقَلّد قَالَ وَلم أذكرهُ هُوَ أَي شَيْخه البُلْقِينِيّ استحياء مِنْهُ لما أردْت أَن أرتب على ذَلِك فَسكت فَقلت فَمَا عِنْدِي أَن الِامْتِنَاع من ذَلِك إِلَّا للوظائف الَّتِي قدرت للفقهاء على الْمذَاهب الْأَرْبَعَة وَأَن من خرج عَن ذَلِك واجتهد لم ينله شَيْء من ذَلِك وَحرم ولَايَة الْقَضَاء وَامْتنع النَّاس من استفتائه وَنسب إِلَيْهِ الْبِدْعَة فَتَبَسَّمَ ووافقني على ذَلِك انْتهى قلت أما أَنا فَلَا أعتقد
1 / 73