فأخذت المرضع في البكاء وجعلت تلطم وجهها وتقول: «اقتلوني، اقتلوني، أنا الشقية، أنا الجاهلة ... إن المرأة أتتني في هذا الصباح وزعمت أنها ساحرة وطبيبة، وأنها تحنك الأولاد فيسمنون، وسحرتني بلطفها وحملت الطفل لحظة دخلت في أثنائها لغرض، فرجعت ورأيت الطفل وحده كالنائم، ثم سمعته يصرخ ويتوجع. ويلاه! أين هذه الملعونة؟!» وأخذت في النواح.
فقال رامز: «رأيت منذ ربع ساعة امرأة عليها إزار ملون مرت بسرعة من طرف الحديقة لعلها هي.»
فصاحت المرضع: «نعم، إنها هي بعينها.» وهمت أن تتبعها فقال فوزي بك: «ارجعي، إنك لن تدركيها. ولا بد من يد جانية حملتها على هذا العمل.»
فقال سعيد في نفسه: «إن مقتل هذا الطفل أنقذ الأمة من حروب أهلية في التنازع على الملك.»
وبينما هم في ذلك إذ رأوا رجلا مسرعا نحوهم ينهب الأرض نهبا فتوجهت الأنظار إليه، ولم يقترب منهم حتى عرف رامز أنه خريستو خادم شيرين، فخفق قلبه تطلعا إلى حبيبته، ومشى نحوه. لكن الخادم لم ينتبه له وصاح: «فوزي بك! فوزي بك!» وهو يلهث من التعب، فتراجع رامز وأجابه فوزي قائلا: «ماذا تريد؟! ما بالك يا خريستو؟!»
فقال: «جئت لأنبهك إلى جريمة يسعى بعض المفسدين في ارتكابها، وأخاف أن أكون قد تأخرت لأني لم أكن أعرف هذا المنزل.»
فبغت فوزي وتحقق ظنه واقشعر بدنه لضياع الفرصة بتأخر ذلك الرسول، وقال: «نعم، لقد كنت آتيا لتحذرنا من وقوع هذه الجناية وقد تأخرت!»
فصفق خريستو أسفا وقال: «يا للخسارة! تبا لأهل البغي الأشرار!»
فقال البيك: «قل ماذا جرى، من هو مرتكب هذه الجريمة؟»
قال: «إنه جاسوس ملعون اسمه صائب باشا.»
Неизвестная страница