تشعر هنادي بالارتباك، رنت كلمة أنوثة في أذنها نابية، لم يحدث أن سمعت مثل هذا الكلام من شاكر بيه، لم يحدث أن تكلم بهذه الطريقة على زوجته، كان يمدحها في كل مناسبة، يقول إنها أعادته إلى الحياة بعد عزلة السجن، شجعته على أن يفكر ويكتب بحرية، ومن هي حتى تقول رأيها فيما يخص حياته مع زوجته الأستاذة؟
إنها ليست إلا ابنة الخادمة، صحيح أن أمها سعدية تتمتع باحترامهما وثقتهما على مدى سنوات، لكنها تظل الخادمة، وهي أصبحت طالبة في معهد الكومبيوتر لكنها تظل ابنة الخادمة، إلا أنها شعرت بشيء من الزهو ليصبح لها رأي يستمع إليه شاكر بيه، لكن إحساسها بالزهو يشوبه إحساس بالغضب منه، كيف يمدح زوجته في حضورها ثم يذمها في غيابها؟
قرأ شاكر بيه التعبير على وجهها فتراجع قليلا.
أنا آسف يا هنادي إن خرجت مني كلمات غير لائقة في حق زوجتي المحترمة، لكن المغص، الألم في الجسم ممكن يؤثر في العقل.
أطرقت هنادي تفكر، كانت الأستاذة فؤادة أقرب إليها من شاكر بيه، وابنتهما داليا أقرب إليها من أمها وأبيها، هي الوحيدة التي تجعلها تجلس على الكنبة في جوارها في غيابهما، وتعطيها نصيبها بالتساوي من الشيكولاتة والبسبوسة، بعد داليا تأتي أمها الأستاذة فؤادة، تسألها عن أحوالها في المعهد، تشجعها على الاهتمام بدراستها والتخرج لترفع العبء عن كاهل أمها المكدودة.
اللحظة الخاطفة
لم يكن شاكر بيه ينظر ناحية هنادي فما باله يتبسط معها في الحديث ، أو يشكو لها من زوجته، لأول مرة يتحدث معها بهذه الطريقة، ربما يعاني الألم ويطلب مساعدة ما.
أحست هنادي بشيء من الشفقة نحوه، عضلة تحت ضلوعها لانت له وتحمست للمساعدة، جلست في الكرسي تفكر وعيناها منكستان تنظران إلى قدميها السمراوين الخشنتين تطلان من الشبشب، كانت مثل أمها تخلع حذاءها المتسخ بتراب الزقاق ما إن تدخل البيت، تخفي الحذاء تحت دولاب المطبخ، وتنتعل الشبشب الأصفر البلاستيك الذي أعطتها إياه الأستاذة، لا تنتعله إلا في البيت.
كان هو مستلقيا فوق السرير تطل قدماه البيضاوان الناعمتان من المنامة الحريرية، فصعدت عينيها إلى وجهه المحتقن بحمرة الدم، يبدو عليه الألم.
خطر لها للتخفيف من ألمه أن تدلك قدميه كما كانت تفعل مع الأستاذة حين تتورم قدماها من طول الجلوس خلف المكتب، تقول الأستاذة عن التدليك ماساج، أسرعت إلى الدولاب في الحمام وعادت ممسكة زجاجة زيت اللوز، جلسة ماساج واحدة وتخف يا شاكر بيه، زي الأستاذة.
Неизвестная страница