عديٍّ حيًّا، ثم كلَّمني في هؤلاء النَّتنى؛ لتركتهم له» . فهذا سبيل المنِّ عليهم من الجملة، وكذلك بوَّب عليه البخاري: (باب المنّ على الأسرى من غير أن يُخمَّسوا) .
وأمَّا الصنف الثاني، وهو الأموال المستولى عليها، فنوعان: عقار، وأصناف المال غير العقار.
فأمَّا العقار، فاختلف أهل العلم في الأرضين المغنومة عنوة: هل ذلك مما يُخمس ويقسم على الجيش كسائر أصناف المال، أو حكم الأرضين حكم الفيء، لا حقَّ فيها للجيشٍ يخصُّهم، وإنما تكون وقفًا على مصالح المسلمين؟ ففي ذلك ثلاثة أقوال:
قول: إنها تقسم كسائر الأموال، وإليه ذهب الشافعي، وأبو ثور، وغيرهم (١)، ورُوي ذلك عن الزبير بن العوام (٢)، ودليلهم عموم
قوله -تعالى-: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا
(١) انظر: «الأم» (٤/١٤٤)، «مختصر المزني» (ص ٢٧٥)، «المهذب» (٢/٢٤٧)، «التنبيه» (١٤٧)، «روضة الطالبين» (١٠/٢٧٥-٢٧٧)، «مغني المحتاج» (٤/٢٣٤)، «المجموع» (٢١/٤٢٠)، «الحاوي الكبير» (١٤/٢٥٥- ط. دار الكتب العلمية)، «مختصر الخلافيات» (٤/٥٠ رقم ١٧٣)، «المحلّى» (٧/٣٤١-٣٤٢) . وهو قول أبي سليمان الخطابي -كما في «المحلى» -.
ونقل مذهب أبي ثور: ابن قدامة في «المغني» (٢/٥٨٢- «الشرح الكبير»)، والعيني في «عمدة القاري» (١٥/١٤٤)، وانظر: «فقه الإمام أبي ثور» (ص ٧٩٠) .
(٢) أخرجه أحمد في «مسنده» (١/١٦٦) قال: حدثنا عتّاب، حدثنا عبد الله، قال: أخبرنا عبد الله بن عُقبة -وهو عبد الله بن لهيعة بن عُقبة-، حدثني يزيد بن أبي حبيب، عمَّن سمع عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة، يقول:
سمعت سفيان بن وهب الخولاني يقول: لما افتتحنا مصر بغير عهدٍ قام الزبير بن العوام، فقال: يا عمرو بن العاص، اقسمها. فقال عمرو: لا أقسمها، فقال الزبير: والله لتقسمنّها كما قسم رسول الله ﷺ خيبر. قال عمرو: والله لا أقسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين. فكتب إلى عمر ﵁، فكتب إليه عمر: أن أقرَّها حتى يغزو منها حبل الحبَلَةِ.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة المبهم الذي لم يسمّ. وعبد الله -ويقال له أيضًا عُبيد الله- ابن المغيرة بن أبي بردة، لم يوثقه غير ابن حبان (٥/٥٣) . وسفيان بن وهب الخولاني: صحابي، شهد حجة الوداع وفتح مصر، وعاش حتى ولي الإمرة لعبد العزيز بن مروان على الغزو إلى إفريقية سنة =